مخيمات “الكان”… الاستثناء المغربي

مشجعون غادروا المملكة بصفر درهم لأجل الأسود و»شهيوات» مغربية في مطبخ الإيفواريات لا تكاد تخلو أزقة وشوارع سان بيدرو من جماهير مغربية حضرت لمساندة المنتخب الوطني في بطولة كأس أمم أفريقيا بكوت ديفور 2023، لتحول هذه المدينة الساحلية إلى مهرجان للاحتفاء والتعارف وتبادل الثقافات. 5 آلاف مشجع مغربي وصلوا إلى عاصمة "الكاكاو" من مدن مغربية وأوربية، ومنهم من حضر مشيا، بعدما عبر 4 دول إفريقية، دون أن يأبه لقطاع الطرق واللصوص والأمراض الفتاكة، والتي تسللت إلى أجساد دون استئذان، ولم تمنعهم من مواصلة الرحلة البرية لثلاثة أشهر، قبل الوصول إلى أبيدجان، ومنها إلى سان بيدرو الساحلية، وتلك حكاية أخرى سيرويها عدد من المشجعين المغاربة ل"الصباح"، كما لو لم يعشها أحد قبلهم. مخيمات... للضرورة أحكام وجد مشجعون مغاربة أنفسهم مضطرين للمبيت في فضاء صغير، قرب الشاطئ، نصبت به خيم صغيرة لإيوائهم طيلة مقامهم في سان بيدرو، من أجل تشجيع المنتخب المغربي. يقول عبد العالي لـ "الصباح"، "جيت من "كازا" على رجلي، باش نشجع المنتخب في "الكان"، إذ عبرت موريتانيا والسنغال وغينيا كوناكري، وصولا إلى كوت ديفوار. وهدفنا العودة إلى المغرب باللقب القاري». يشترك مغاربة هذا المخيم في عدم قدرتهم على اكتراء شقق، أو الإقامة في فنادق، فمعظمهم أتوا من المغرب مشيا، أو على متن الدراجات الهوائية، ومنهم من استغرقت رحلته البرية أزيد من 4 أشهر، قبل أن يصل الى سان بيدرو. وتبقى حكاية فريد من أزيلال مختلفة عن سابقاتها، لأنه غادر المغرب بصفر درهم، قبل أن يضطر للعمل في الصباغة و"الديكور" من أجل تدبير مصاريف رحلته "اشتغلت 15 يوما في موريتانيا، وبعد ذلك سافرت إلى أبيدجان مرورا بمالي، مقابل 750 درهما»، ثم تابع حديثه «جمعت المصروف وشريت لاطونت والبوطا والكاميلا، باش نستقر هنا، والحمد لله أنا مع الدراري كنشجعوا المنتخب ديالنا». انتشار مغربي ما إن تطأ قدماك السوق الشعبي، وحي "السيتي" ومنطقة "فان زون"، وسط سان بيدرو، حتى تستوقفك جماهير مغربية بعبارة "مرحبا"، وكأنها تعيش في هذه المدينة لمدة سنوات، وألفت العيش في هذه المدينة الساحلية، وغير مستعدة لمغادرتها. «هاد الناس طيبين بزاف وكايبغيو المغاربة" هكذا تحدثت مشجعة مغربية مقيمة في العاصمة أبيدجان لـ 10 سنوات، ثم انصرفت وهي تردد "ديما مغرب". المغاربة يتهافتون على شراء تذاكر مباريات المنتخب ويتجولون بسان بيدرو في أمان ويرددون شعارات المغرب، متى شاؤوا دون أن يضايقهم أحد، ويتبادلون أطراف الحديث في مقاه ومطاعم يمتلكها مغاربة ولبنانيون، ويشربون الشاي المغربي، ويتغنون بالمغرب. فالأعلام الوطنية موجودة بكثرة في سان بيدرو، حيث تزين دكاكين "السيتي" الشعبية، وهتافات تشعر المغاربة، كما لو أنهم في المغرب. "شهيوات" مغربية رغم أنها مدينة صغيرة، لا يتجاوز عدد سكانها 400 ألف نسمة، ومشهورة بالسمك و"الكاكاو" و"كوكو" و"الأناناس"، فإن سان بيدرو توفر أطباقا متعددة ومأكولات شعبية في مطاعمها، المنتشرة بكثرة في حي "السيتي"، فهي تضم جنسيات مختلفة أوربية وعربية. للمغاربة مكانة بين هؤلاء، إذ يعملون في مجالات متعددة، ضمنهم مهندسون ورجال أعمال، ومنهم من يمتلك مطاعم ومحلات لبيع المواد الغذائية، مع أنهم لا يتجاوزن 53 شخصا، مسجلين لدى السفارة المغربية في أبيدجان. لم يجد المشجعون المغاربة غير مصطفى بنكيران، للتردد على مطعمه الأنيق، فهو يوفر "شهويات البلاد"، في هذه المدينة الساحلية، ولا تختلف عن التي توفرها مطاعم عديدة في المغرب. يعمل مراد مع والده مصطفى في مطعم المغاربة. يستقبلك بابتسامة عفوية، ويقدم لك لائحة الأطعمة المتوفرة، ثم يبادر بنفسه لإحضار الوجبات إلى زبنائه، ثم ينصرف في هدوء، قبل السؤال عن أحوال المملكة. يبدو أن المطعم المغربي حاضر بقوة في سان بيدرو، وذاع صيته أكثر في نهائيات كأس أمم أفريقيا لمناسبة مشاركة المنتخب الوطني في هذه النسخة، فتعرف عليه أكثر الإيفواريون من خلال الأطباق التي تقدمها نساء مغربيات، إذ تأتي إحداهن من أبيدجان لتقديم وجبات غذائية مجانا إلى الجماهير المغربية والإيفوارية. ويعد طبق الكسكس الأشهر في سان بيدرو، ثم الشاي المغربي، الذي يقبل عليه الإيفواريون، ثم "الشوارما" و"بيتزا" و"الطاجين"، حتى إن نساءهم يتقن إعداد الأكلات المغربية، من شدة ارتباطهن وإعجابهن بالمطبخ المغربي. تغير حال سان بيدرو بين عشية وضحاها مع توافد الجماهير المغربية، وصارت أكثر رواجا من الناحية الاقتصادية، كما تشهد حركية دؤوبة كسرت هدوءها وسكونها ما حولها إلى مهرجان فني بفعل أهازيج الجماهير المغربية وسط تفاعل كبير من قبل سكان هذه المدينة البسطاء. "القيطون"... روح الابتكار لا يمكنني الإقامة في فندق في سان بيدرو، حتى لو كان ثمن ذلك 50 درهما، بهذه العبارة تحدث خالد إلى "الصباح"، وكأن المبيت في خيمة صغيرة (القيطون) أفضل بكثير من شقق عاصمة «الكاكاو»، والحال أن الحاجة فرضت على مشجعين مغاربة ابتكار هذا المخيم، والبقاء فيه طيلة «الكان". يقول أحد المشجعين "أسعار الشقق والإقامات مرتفعة جدا، وتكاليف العيش اليومي باهظة، ونحن المقيمون في هذا المخيم لا تسمح ظروفنا المالية بتسديدها، ولا نعيش الرفاهية، ومع ذلك نحن سعداء بوجود مرحاض نستحم فيه، ونقضي فيه حاجتنا، و7 دراهم يوميا لحراس أمتعتنا بهذا المخيم، ومنتخب وطني نشجعه ونسانده مهما كانت الظروف الصعبة والأجواء المناخية الاستثنائية". "عايشين الكان" رغم أن عدد الجماهير المغربية الموجودة في سان بيدرو أقل بكثير، بما كان عليه الحال في بطولتي كأس العالم بروسيا 2018، أو قطر 2022، إلا أنها تعيش أجواء هذه المسابقة بشغف كبير، بغض النظر عن ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة العالية، وصعوبة التنقل ومخاطر الأمراض، كل شيء يهون في سبيل دعم المنتخب ومساندته. يقول مشجع مغربي، وهو يتابع مباراة كوت ديفوار وغينيا الاستوائية، أول أمس (الاثنين)، "عايشين الكان" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. إنها فرصتنا لاكتشاف عادات وتقاليد القارة الإفريقية، وطيبوبة الإيفواريين وسعة صدرهم وحبهم لملكنا». هكذا تبدو سان بيدرو هذه الأيام، مدينة منفتحة على مختلف الثقافات وفخورة باستقبال المشجعين المغاربة، وسعيدة أيضا باحتضان المنتخب الوطني بين ظهرانيها، فسكانها يعتبرون الأسود الأفضل في "الكان"، كيف لا والإنجاز الذي حققوه في المونديال باحتلال المركز الرابع عالميا وصل صداه العالم كله، فكيف لا يترك بصمته في بلد إفريقي صديق للمغرب. إنجاز: عيسى الكامحي (موفد "الصباح" إلى كوت ديفوار)

مخيمات “الكان”… الاستثناء المغربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

‭"‬السالمية‭" ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬الهرمونات

هدر الماء يستنفر عامل مكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات