رؤساء مقاطعات في المدن الست يربكون ميزانيات الجماعات ويضعفون نظام وحدة المدينة تصادق دورات يناير بمقاطعات في البيضاء ومراكش وطنجة وسلا والرباط وفاس على مشاريع تحويلات في نفقات التسيير والتجهيز بملايين الدراهم، تنقل من فصول معينة، سبق التأشير عليها، إلى فصول أخرى في انتظار عرضها، من جديد، على دورات فبراير لمجالس الجماعات للمصادقة النهائية. واختار رؤساء جماعات، هذا الوقت من السنة المالية، لإجراء تغييرات في الهندسة المالية لحسابات النفقات من المبالغ المرصودة من ميزانية 2023، ينطلق بعضها من معطيات موضوعية لتوفير التمويل لمشاريع وبرامج، لكن أغلبها تحكمه أهواء انتخابية ومصلحية ضيقة، قصد تعبئة موارد مالية إضافية لصفقات عمومية وسندات طلب على المقاس. وأثار منتخبون في لجان المالية والبرمجة والميزانية المنعقدة، في الأسبوع الماضي، عددا من الملاحظات حول مقترحات التحويلات، إذ لم ير أغلبهم أي ضرورة لإجراء ذلك في هذا التوقيت من السنة الذي يسبق بشهرين التوصل بالدفعة الجديدة من حساب النفقات من المبالغ المرصودة من ميزانية 2024. ورفضت لجنة المالية بمقاطعة عين السبع المقترحات الواردة من رئيس المقاطعة، وقررت المصادقة عليها بالامتناع، معللة ذلك بغياب توضيحات مقنعة لإجراء تحويلات بقيمة 270 مليون سنتيم من فصول معينة للتسيير والتجهيز، ووضعها في فصول أخرى. وعمد رؤساء مقاطعات بالبيضاء إلى التقنية نفسها في تفريغ فصول برمجت السنة الماضية، وتمت المصادقة عليها وفق رؤية معينة للتدبير عن قرب، قبل نقلها إلى فصول أخرى، دون إعطاء تعليل ملموس لهذا التحويل. ويملك أعضاء مجالس المدن، خصوصا في اللجان المالية والبرمجة، حق إسقاط مقترحات التحويلات المالية القادمة من المقاطعات، إذا ما توفرت لهم معطيات أن هذه العمليات غير مؤسسة على معطيات موضوعية، والهدف منها وضع أموال رهن إشارة رؤساء ونوابهم للتصرف فيها لأغراض غير واضحة. و"يناور" أغلب رؤساء المقاطعات (بين الحذف والإلحاق) في الميزانيات الخاصة بالعتاد التقني والبنايات والصيانة والإصلاحات الاعتيادية للبنايات، وشراء المواد الصحية للمكاتب البلدية والمراكز الاستشفائية والصيانة والإصلاحات الاعتيادية للعتاد وأدوات وعتاد المكتب والعتاد التعليمي والرياضي. وبسبب هذه التحويلات غير الواضحة، حرم القانون التنظيمي للجماعات، المقاطعات من الاستقلال المالي، إذ أعطى المشرع لمجلس الجماعة سلطة تحديد المبلغ الكلي للمخصصات الإجمالية المرصودة للمقاطعات وطريقة توزيعها ووتيرة تحويل دفعاتها، كما يصادق على تحويل الاعتمادات. بالإضافة إلى ذلك، فإن رئيس المجلس الجماعي هو المختص بالمصادقة على صفقات المقاطعات، كما خول له القانون التنظيمي سلطة الحلول بدل رئيس مجلس المقاطعة لصرف النفقات الإجبارية. ورغم هذا التنصيص، مازال رؤساء مقاطعات "يلعبون" في الحيز الصغير المتاح لهم، عبر الاستفادة من ميزة التحويلات، خصوصا تلك التي تتم في الوقت الميت، وفي فترات الانتقال بين ميزانية منتهية، وأخرى قيد التنفيذ. يوسف الساكت