الوالي الجديد ينظف الممرات والدروب والأحياء من الاحتلال ويهدم مساكن مهاجرين في انتظار انطلاق المشروع تقترب السلطات العمومية بولاية البيضاء-سطات من إفراغ مساحات شاسعة بالمدينة القديمة بمقاطعة سيدي بليوط بعمالة مقاطعات أنفا، وبالضبط بدرب باشكو، ودرب الفصة (درب الكلب)، المحتلين منذ أكثر من 10 سنوات من قبل مهاجرين من جنوب الصحراء، وفضاءات أخرى محتلة من باعة متجولين وتجار ومهنيين، ومساكن عشوائية، نبتت في غفلة من رجال السلطة ومنتخبين. إعداد: يوسف الساكت حرك محمـد مهيدية، الوالي الجديد، عددا كبيرا من القياد والباشوات وأعوان السلطة وعناصر من القوات المساعدة، مدججين بجرافات وشاحنات، لهدم عدد من المساكن الآيلة للسقوط بدرب باشكو، وهي المساكن التي استفاد منها بعض المهاجرين الأفارقة عن طريق الكراء بين 2012 و2013، قبل أن تتحول إلى ملاذ إلى مئات من زملائهم الذين احتلوا باقي المساكن الأخرى، وتجاوزوها إلى بناء عشش وخيام عشوائية، استقطبت المزيد على مدار عشر سنوات. وعلى مدار عدة أيام، أجهزت الجرافات على وحدات عشوائية للسكن، وبعض المنازل الفارغة التي هجرها سكانها الأصليون في السنوات الماضية، في إطار مشروع تهيئة المحج الملكي الذي لم ير النور إلى حد الآن. وظلت هذه المساكن مرتعا إلى كل أشكال الفوضى والاحتلال غير المشروع ومآوي للاختباء وملاجئ لمهاجرين أفارقة يزداد عددهم سنة بعد أخرى، وحولوا المكان إلى مراقد النوم والأكل، ومجمعات لتخزين البضائع التي يتاجرون فيها بفضاءات قرب سوق باب مراكش، وبعضهم امتهن حرفة جمع الأزبال وتثمينها وإعادة بيعها. وفي ظل الصمت الذي رافق تكاثر المهاجرين ومحتلي المساكن القديمة المفرغة، تحولت المنطقة إلى نقطة سوداء في غياب أدنى شروط الحياة، حيث تتجمع جبال من الأزبال والقاذورات ويقضي أغلب القاطنين حاجاتهم الطبيعية في الخلاء، على بعد أمتار من واحد من أرقى الفنادق بالبيضاء وأعرقها (حياة ريجنسي)، ثم يطل النزلاء والسياح على مناظر بشعة من خلف زجاج النوافذ من الجهة الخلفية للفندق. ومباشرة بعد تنصيبه الرسمي واليا جديدا على جهة البيضاء-سطات، في فاتح نونبر الماضي، طلب محمـد مهيدية إنجاز زيارة إلى المدينة القديمة، وعرج على هذا "المطرح" البشري المفتوح على الهواء، وأعطى أوامره في الحال بهدم جميع المساكن المفرغة، والإشراف على خطة لترحيل القاطنين، ومنهم مئات المهاجرين إلى أماكن أخرى. واستعانت السلطات العمومية بصور ملتقطة من طائرات مسيرة لتحديد بؤر الاحتلال البشع للملك العمومي في هذا المكان من المدينة القديمة، كما التقطت صور أخرى لبعض الأحياء والدروب، منها "درب الكلب" الذي تشهد ممراته ازدحاما كبيرا، وإغلاقا دائما، بسبب احتلال أملاك عمومية من قبل مواطنين وتجار وحرفيين وباعة متجولين. وتوصلت السلطات العمومية بتعليمات صارمة بهدم جميع المنازل القديمة التي استفاد سكانها من برنامج الترحيل في إطار مشروع المحج الملكي الذي بلور الملك الراحل الحسن الثاني فكرته في 1995، وتقضي بشق شارع كبير ينطلق من أمام مسجد الحسن الثاني إلى ساحة محمد الخامس، على أساس هدم جميع المساكن التي توجد في هذا المحور أو بجانبه، وترحيل قاطنيها إلى مشاريع سكنية أخرى بالبيضاء. ورغم عمليات الإفراغ والتسوية التي شملت عددا كبيرا من الأحياء السكنية في السنوات الماضية، تلكأت السلطات العمومية في هدم المنازل الفارغة التي أعيد فتحها من جديد، سواء من قبل سكانها المستفيدين، أو بعض أقاربهم، أو عن طريق تقسيمها إلى غرف وكرائها إلى أسر جديدة، أو عزاب، أو مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء. وبسبب ذلك، وأسباب أخرى، تعثر إخراج مشروع المحج الملكي لأزيد من 27 سنة، ومازال إلى اليوم حبرا على ورق، إذ لا يعرف أحد مصير هذا الحلم البيضاوي، سيما في ظل الحديث عن تغيير جذري في التصور الأول، ووجود تصميم هندسي جديد يراعي المتغيرات التي طرأت على المنطقة، كما يراعي التنطيق الجديد لتصميم التهيئة الخاص بمقاطعة سيدي بليوط. في انتظار ذلك، يواكب الوالي الجديد عمليات تحرير الملك العمومي، وتنقية الممرات والأزقة والأسواق من الشوائب والمعيقات واسترجاع التراب المحلي.