محكيات أدبية تستعيد شخوصا وأحداثا مرت في الصويرة صدر للأديب والمترجم مبارك حسني، إصدار جديد باللغة الفرنسية اختار له عنوان "لقاءات في موكادور" عبارة عن محكيات أدبية يوثق فيها للحظات عاشها بمدينة الصويرة. وتتعدى محكيات مبارك حسني في كتابه الجديد حدود السرد البسيط لتصبح رحلة إلى قلب مكان مشبع بالمعاني العميقة. ويتجاوز هذا الاستكشاف الأدبي مجرد إشارة إليه بواسطة آلية التخييل، إذ يتحول إلى مسعى حركة في الزمن المُقيم في مكانه. كما يبدو بعيدا عن إعادة الاكتشاف العادي لما كان وما هو معروف بالفعل، فيرشدنا المؤلف عبر أساطير معاصرة وأحداث ولقاءات تم توظيفها في محكيّ متفاعل مع واقع ما. يتم الكشف عن كل شيء من خلال القوة الاستفزازية للكتابة، ومن خلال التَّخيُّل المقصود لذاته. ويتضمن الكتاب 23 نصا مقسمة إلى ثلاثة أجزاء وقصيدتين. الجزء الأول بعنوان "إعادة زيارة الأساطير" ويضم : "جيمي هندريكس والراعي الحيحي"، و"حلم أورسون ويلز"، و"المقبرة اليهودية"، و"ليلة الحال"، و"سيدي مكدول"، و"أنا والانجليزي"، و"مرحبًا بك يا إدموند"، و"بيت اللطيف رسم بالحبر المحيطي". والثاني بعنوان "من بعض الوقائع الخاصة" ويشتمل على: "قط الملاح قديم ذو العين الواحدة"؛ و"شجرة تين الزمن"، و"القطط لا تتضور جوعًا في موكادور" و"هراء النوارس الكبيرة الباكية"، و"تفرد مقهى" ثم "قلم في موكادور" و"اللوحات التي يجمعها الغبار" و"أول رحلة دخانية لشاب فرنسي" و"حقيقة منفذ غير عاد" و"الماعز الذي يتسلق الأشجار" و"السجن والصقور" و"السعي". أما الجزء الثالث فعبارة عن قصص قصيرة وهي: "رياح الطاروس" و"الرجل الذي تفوح منه رائحة الموت"، و"قناع" و"دمى ذات معنى"، ثم قصيدتان بعنوان "قصيدة أمسية ناشئة" و"البحر في موكادور". ومما جاء على ظهر الغلاف: "في كل يوم، في هذا المكان، كنت أشرع في التجوال الذي يأخذني بعيدًا. أتجول عبر متاهة من المنعطفات القصيرة، شديدة الانحدار في بعض الأحيان، وأشق طريقي عبر مجموعة متشابكة من الأزقة المسطحة والشوارع الضيقة إلى حد ما. كان هذا الاستكشاف ممتعًا بالنسبة إلي، يحمله السحر الذي يستمر في الكشف عن أسراره غير المتوقعة". وجدير بالإشارة إلى أن الصويرة، المعروفة أيضا باسم موكادور، تشتهر بأنها مدينة مُلهمة للكتاب والفنانين. وهذا التأثير الذي تمارسه المدينة يجد جذوره في موقعها شبه جزيرة، وطبيعتها مكانا غارقا في التاريخ القديم والحديث، وهندسة مدينتها العتيقة، والفنون التشكيلية التي تعرفها من صباغة ونحت، والموسيقى الأصيلة التي تمارس فيها، وروائحها الروحية والصوفية. إنها تنضح بتنوعها الثقافي، الأمازيغي، والعربي، والإسلامي، واليهودي، والإفريقي. وهكذا تأخذ القصص نقطة انطلاقها في موكادور، لتحتضن الكوني من خلال الإبداع الأدبي. عزيز المجدوب