نقاش قانوني وليس فقهيا

المحامي طبيح أكد أن الخبرة الجينية ستقضي على الفساد وإسناد الولاية للغير دون الأم منطق غير واقعي أكد عبد كبير طبيح، محام بهيأة البيضاء ورئيس المرصد الوطني لحقوق الطفل، أن مدونة الأسرة، في المادة 158، قدمت حلا جوهريا لإثبات النسب وهو الخبرة الجينية، لكن لأمور يجهلها لا تطبق، إذ تتعمد العديد من الأحكام القضائية تفاديها. كما أهمل المحامون المطالبة بها، مبرزا أنه حان الوقت لمناسبة هذا النقاش الحالي حول تعديل المدونة رد الاعتبار لهذا الفصل، سيما أن الأمر يتعلق بنقاش قانوني صرف وليس فقهيا، كما يحاول البعض ترويجه واستغلال ذلك لتكفير خصومه. وأوضح طبيح أن الإشكالات نفسها يطرحها مبدأ الولاية على الأطفال والتي تبقى حكرا على الرجال ولو كانوا غرباء، ما دام القانون يجيز للأب أن يوصي الغير على أبنائه في حالة وفاته، رغم وجود الأم، مشددا على أن هذه الإشكالات التي تطول قواعد وأحكاما أخرى بالمدونة، سببها هيمنة العقلية الذكورية التي ترفض أي تغيير. أجرى الحوار: مصطفى لطفي < لم يفهم الكثير ما جاءت به المدونة بخصوص النسب، فهي نقلت تحولا كبيرا في قوانيننا بخصوص هذا الموضوع، واستمدت هذا التحول الكبير، انطلاقا من مبدأ شرعي يقوله الفقهاء، "أن الشريعة متشوفة إلى إثبات النسب"، بمعنى أن الشريعة والثقافة والقوانين تحرص أن يكون لكل طفل نسب. التحول الذي أحدثته المدونة، أنها نصت على عدة حالات يمكن بواسطتها ربط الطفل بنسب أبيه، وبطبيعة الحال أهم ما جاءت به المدونة عند الحديث عن البنوة، التي يعرفها القانون أنها العلاقة البيولوجية بين الطفل والأب، لكن القواعد التي تنظم هذه المادة، أحدثت شيئا جديدا وهو الخبرة، التي نصت عليها المدونة في المادة 158، لكن مع الأسف لا نرى أحكاما كثيرة تقضي بها لأسباب أجهلها، ولكن أتى الوقت الذي يجب فيه تطبيق القانون، عندما ينفي رجل نسبه لطفل، وهو ما تتولد عنه مشاكل عديدة اليوم، سيما في إطار العلاقات الرضائية كما يقال، التي تنتهي بإنجاب طفل، ثم يتنصل الأب منه، إذ يمكن للأم أن تقدم ضده شكاية ويحضر أمام المحكمة، ويستفيد الرجل من عقوبة مخففة، في حين تخرج المرأة بعقوبة مخففة أيضا، وبأبناء تجرهم وراءها، يسمون أبناء الزنا، تتحملهم ماديا ونظرة المجتمع لهم باعتبارهم أبناء زنا. < المدونة أتت بالحل لكنه لم يطبق، وهو الخبرة الجينية، لهذا عندما يقع أي اتصال بين رجل وامرأة، ينتج عنها طفل، يجب إجراء الخبرة الجينية، وعندما يتبين أن الطفل ينسب إلى الأب شرعا وقانونا، ليس بناء على أفكار تحررية وحداثية، كما سيقول البعض، بل بناء على المادة 158 من مدونة الأسرة، التي تنص على أن النسب يثبت بالخبرة، بالإضافة إلى القواعد الشرعية التي نعرفها، لكن هذه المادة لا يطبقها القضاة، لهذا نطالب القضاء بتفعيل هذا المقتضى الموجود بالمدونة، فالأمر لا يتعلق بتعديل لها، بل نطالب بتطبيق ما تنص عليه. وبهذا المقتضى، سنحد أولا من الفساد، إذ سيعرف كل شخص أنه إذا نسج علاقة رضائية، عليه تحمل تبعاتها إذا أنجب طفلا، لأن أي علاقة جنسية يجب أن تتبعها خبرة يأمر بها القضاء، وإذا ثبت أن الطفل من ذلك الأب، ينسب إليه، يرثه ويتحمل الإنفاق عليه ويربيه لأنه ابنه حاول إنكاره بطرق احتيالية. < وراء هذا الشيء الفكر القائم الذكوري، الذي ينظر للمدونة بتقزيم، فالمجتمع المغربي، ما زال ذكوريا، وليس مستعدا ومتقبلا لأي تعديلات، رغم أن الأمر يقتصر على تطبيق نصوص المدونة، لا ما يريده الرجل وما لا يريده، وهنا القانون يتحدث عن الخبرة لإثبات النسب ويجب تطبيقها، لأنه لو طبقت الخبرة منذ 2003، لن نجد أطفال الشوارع، والأمهات العازبات، كنا سنطوي هذا الملف نهائيا، لكن توقفنا عن تطبيق نص قانوني، والكل يتحمل المسؤولية، سيما القضاة والمحامين، الذين لا يطالبون بها، متناسين أن الدفاع لا يقتصر فقط على الأم أو الزوجة، بل يجب أن ينصب على حماية الطفل، بمعنى إخراج الطفل من صيغة ابن زنا إلى ابن شرعي، أتت المدونة، لتصحيح هذا الخطأ في حق الأطفال لكن للأسف لم يشغل هذا النص القانوني. < لأن الولاية تكشف وجود مشكل مجتمعي حقيقي، فالمرأة في حالة الطلاق، يقتصر دورها على حضانة ابنها، لكن عندما تحتاج إلى وثيقة إدارية، تطالب بإحضار الأب، لهذا أقول يجب ربط الحضانة بالولاية، فعندما تكون المرأة حاضنة، تكون ولية على طفلها في الوقت نفسه، ، لكن هذه الحضانة، يجب ألا تقتصر فقط على لقاء الأب بابنه في يوم وساعات محددة، لهذا تم اقتراح مفهوم "الحضانة المشتركة" وهذا من إبداعات المرصد الوطني لحقوق الطفل والاتحاد الوطني لنساء المغرب، هؤلاء أبدعوا هذه الفكرة الخلاقة، أي أن الطفل يقضي نصف أسبوع أو أسبوع لدى أمه، والمدة نفسها لدى أبيه، ما لم يتم اتفاق على خلاف ذلك، إذ لا يجب أن يكون الطفل ضحية الطلاق، وبالتالي يحق للأم الحاضنة إنجاز الوثاق الإدارية الخاصة بابنها دون قيود، بل استخراج جواز سفر له والسفر معه دون اشتراط موافقة الأب، سيما أن هناك قوانين تعاقب على اختطاف الأطفال وتهريبهم. < هذا إشكال غير مفهوم، كيف يمكن للأب أن يوصي الغير على أبنائه بعد وفاته، أي أن الغريب سيتحكم في الزوجة ومصير أبنائه بعد الوفاة، وهذا لا منطق له، إذ كيف يعقل أن يكون وليا على الأطفال وأمهم حية ترزق، لهذا ليس هناك منطق لهذه القاعدة، ويجب على الأم أن تكون لها الولاية على أطفالها بعد وفاة الزوج، كما يتعين ربطها بالحضانة عندما تكون حاضنة لهم، وتبني "الحضانة المشتركة"، التي ستجيب عن العديد من الأسئلة الشائكة. < يجب أن نقرأ قراءة متأنية للجنة التي شكلها الملك، إذا عدنا إلى اللجنة الأولى في 2003، كان يتكون نصفها من فقهاء الشريعة والنصف الثاني من المجتمع المدني،أما اللجنة الحالية، التي كلفها الملك، تضم رئيس الحكومة سلطة تنفيذية ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية سلطة قضائية، أي نحن انتقلنا من الشرع إلى القانون، لأن الملك في خطابه بالبرلمان حسم في 11 نقطة مذكورة في المدونة، وشدد على عدم المس بها وأنه لن يحل حراما ولن يحرم حلالا، وبالتالي لا يمكن لأحد الحديث في الشريعة سوى أمير المؤمنين، ما عدا ذلك مجرد نقاشات قانونية وليست شرعية، عبر المطالبة بتفعيل نصوص المدونة وتطبيقها، على رأسها الخبرة الجينية.

نقاش قانوني وليس فقهيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إجماع على إثبات النسب بالحمض النووي

الجيش يصحح مساره بعصبة الأبطال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات