إجماع على إثبات النسب بالحمض النووي

وهبي والتيار الحداثي من المدافعين عنه وانقسام وسط الإسلاميين أجمعت الفعاليات الحقوقية والمدنية والحزبية والنقابية، والمدافعة عن حقوق النساء والأطفال على أهمية إثبات النسب عبر استعمال تقنية الحمض النووي المعروفة اختصارا بـ «أد إن»، ودافعت عن الولاية الشرعية للنساء المطلقات على أطفالهن، خاصة اللواتي يتكفلن بهم طيلة حياتهم. وتفاعل الجميع مع تصريحات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الذي قال إن « قصارة ليلة ستؤدي إلى الإنفاق على الأبناء على مدى 21 سنة»، مؤكدا أن الرجل الذي اعتقد أنه سيفر من تحمل مسؤوليته في ولادة ابن أو ابنة، كما وقع لسنوات وأعطى ظاهرة الأمهات العازبات، فهو خاطئ. وأكد الوزير المثير للجدل، أنه سيحاصر ظاهرة ولادة أبناء مجهولي الهوية، وأنه يحضر فصولا في القانون الجنائي، وسيعدل في فصل بمدونة الأسرة، لفرض إجراء الخبرة الطبية للتأكد من إثبات النسب، وأنه في حال ثبوته فإن الرجل المعني بالأمر سيفرض عليه تسجيل ابنه أو ابنته في الحالة المدنية حتى وإن كان متزوجا، والإنفاق عليه، وعليها إلى غاية بلوغ 21 سنة، ومن ثم سيحد من ظاهرة الأطفال المشردين في الشوارع. وتم تأويل كلام الوزير لشن حملة ضده في مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه يشجع على العلاقات الرضائية، ويمنح الحقوق لأبناء « الزنا»، ولم تفلح هذه الحملة في تحقيق أهدافها، بل دفعت العديد من المؤسسات الوطنية، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى دعم فكرة الوزير، إذ قدما مذكرة لإصلاح مدونة الأسرة لدى اللجنة المختصة، وعبرا عن أهمية الاستعانة بالخبرة الجينية لإثبات النسب لحماية حقوق النساء والأطفال معا والحيلولة دون انتشار التسول والتشرد وسط النساء والأطفال ومحاربة الاتجار في البشر عبر استغلال هشاشة هذه الفئات في أمور ممنوعة قانونيا. كما دافع المجلسان عن أهمية إلغاء الشروط المجحفة في بند الولاية الشرعية المنصوص عليها في مدونة الأسرة، إذ ترافعت أمينة بوعياش، وأحمد رضا الشامي، حول ذلك في المذكرة التي وضعت فوق مكتب اللجنة المشرفة على تعديل مدونة الأسرة، عبر منح المرأة المطلقة حق حضانة أبنائها، بدون بشروط. واعتبرت منظمات نسائية أن القيود المفروضة في الولاية الشرعية، حيف وتمييز ضد الزوجات المطلقات، لأنه لا يمكنهن التصرف في مصالح أبنائهن دون أخذ إذن من الأب الولي، ولا يمكنهن السفر معهم أو نقلهم من مكان إلى آخر حتى داخل المغرب دون موافقة الولي الأب الغائب، وهذا الأمر خلف لبسا وسط المجتمع. وانقسم التيار الإسلامي بين مؤيد ومعارض لمبدأ إثبات النسب، إذ في الوقت الذي ناضلت فيه القيادية، بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة سابقا، لأجل إثبات النسب بواسطة إجراء الخبرة الجينية عن طريق الحمض النووي، في قانون العنف ضد النساء، بغض النظر هل الأمر ناتج عن اغتصاب أدى إلى حمل أو بسبب علاقة عاطفية، فإن أمين عام العدالة والتنمية، رفض الأمر وعارض أخيرا تصريحات وهبي وسوق أن الأمر يتعلق في جزء منه بحرب على الأسرة، ناسيا أن العديد من المتدينين في التيار السلفي تسببوا في انتشار ظاهرة الأمهات العازبات لأن أغلبهم لم يكن يعتقد بفكرة توثيق عقد زواج، ويكتفي بتلاوة الفاتحة على أربع زوجات، وتطليقهن دون الإقرار بالنسب. وناضلت الراحلة عائشة الشنا في هذا المجال، إذ اعتبرت من النساء الأوائل اللواتي دافعن عن ضرورة إثبات النسب بواسطة إجراء الخبرة الجينية، لحماية الأطفال من التشرد، واقتسام المسؤوليات في حضانة الأطفال بضمان الولاية الشرعية. وعانت موظفات بسبب رفض أزواجهن، بينهم وزراء وبرلمانيون، ومسؤولون كبار بالمؤسسات العمومية ومنتخبون بالمجالس الترابية، طيلة عقود من الزمن، الاعتراف بأبنائهم رغم رفع دعاوى قضائية ضدهم، لأن القانون لا ينص لزوما بإجراء الخبرة الطبية في حالات عديدة، فتهربوا من تحمل المسؤولية. ودعت التنسيقية النسائية لأجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة، المشكلة من 31 جمعية، وفيدرالية رابطة حقوق النساء، إلى منح الحقوق كاملة لنصف المجتمع المقصي من الدورة الاقتصادية، ومحاربة المغالطات السائدة في المجتمع، والعمل على تغيير مدونة الأسرة وإقرار المساواة في إعمال الولاية الشرعية، وذهب البعض منهن، إلى إقرار حق المرأة في الزواج بعد الطلاق وحضانة الأطفال ومنهن من قالت إن مدونة الأسرة بالمغرب تشجع النساء المطلقات على الفساد، لأن الزواج مرة ثانية يحرمهن من حضانة الأطفال، التي تؤول مباشرة إلى الرجال حتى لو كانوا متزوجين للمرة الثانية. وقالت عائشة ألحيان، منسقة التنسيقية النسائية في لقاء صحافي، إنها تناضل رفقة كافة الجمعيات، لأجل تحقيق تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة، وقدمت مذكرة في هذا المجال، قصد إرفاق الولاية الشرعية على الأطفال بالحضانة، حفاظا على المصلحة الفضلى لهم، معتبرة أن تقييد شروط الحضانة في المدونة الحالية أمر مجحف. ومن جهة أخرى، شددت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء على أهمية إثبات النسب بإجراء تحليل الحمض النووي، وطالبت بتغيير فصول المدونة في الجانب المتعلق بالولاية الشرعية وحضانة الأطفال، عبر إعمال المساواة وإلغاء القيود القائمة. ودافعت المنظمات النسائية لأحزاب الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، والاشتراكي الموحد عن أهمية اعتماد آلية إثبات البنوة لحماية الأطفال والنساء من التعسف، مهما كانت نوعية ودرجة العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة، ودعت أيضا إلى إلغاء القيود المرتبطة بالولاية الشرعية. ودعت بشرى عبدو، عن جمعية التحدي للمساواة، في ندوة رعتها منظمة النساء الاتحاديات، إلى الأخذ بالخبرة الطبية لإثبات نسب الطفل، ليأخذ اسما ونسبا وهوية، إذ ينبغي النص صراحة على الخبرة الجينية لإثبات نسب الأبناء، دون السماح بضياع حقوقهم الأساسية، وطالبت بتغيير شامل لمفهوم الولاية الشرعية لأنه يجعل النساء خاضعات لشروط مجحفة، ما حد من حريتهن في التصرف. أحمد الأرقام حمل المخطوبة أثارت المادة 156 من مدونة الأسرة جدلا كبيرا ونقاشا حادا بين رجال الفكر والقانون، وعلماء الدين حول ما إذا كان الأمر يتعلق بإثبات النسب في الخطبة أم بالزواج غير الموثق، وما إذا كان الأمر يتعلق بإثبات نسب شرعي أو بيولوجي. وتنص هذه المادة التي سيتم تغييرها أنه «إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، وظهر حمل على المخطوبة، ينسب للخاطب للشبهة إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء، أوتبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة، وأقر الخطيبان أن الحمل منهما، تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن. وإذا أنكر الخاطب أن الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب». ولاية الأم أطلقت النساء حملة لأجل تعديل المقتضيات، المتعلقة بولاية الأم على الأبناء، معتبرات أنها تعكس عدم التوازن بين الزوجين. وتستهدف المبادرة، تغيير المواد 230 و231 و236 و237 من مدونة الأسرة وتعديلها لتشمل حق الأم في الولاية القانونية على أبنائها في مساواة كاملة مع الأب، عملا بالالتزامات الدولية، التي صادق عليها المغرب.

إجماع على إثبات النسب بالحمض النووي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"45 دقيقة" على "الأولى"

نقاش قانوني وليس فقهيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات