عودة سريعة نحو الجنوح

عادت مظاهر العنف العلني المقرون باستعمال السلاح الأبيض، لتظهر في بعض نقط العاصمة الاقتصادية، مبرزة عدم جدوى الحملات الظرفية التي تقوم بها مختلف مصالح الشرطة، من أجل القضاء على الجريمة، لتطرح أسئلة جديدة حول المقاربة الأنجح للقضاء على هذا النوع من الجرائم، الذي يثير الإحساس بانعدام الأمن في الشارع، رغم أن تصنيف القانون الجنائي يدخلها ضمن الجنوح البسيط، إلا في الحالات التي تتوفر فيها شروط التعدد والليل والاتفاق المسبق، لترتقي إلى جنايات يعاقب عليها بعقوبات أشد، عكس الحالات الفردية التي تنحصر ضمن خانة السرقات الزهيدة أو التهديد باستعمال السلاح الأبيض.في الحي الحسني وسيدي عثمان وعين الشق ومدينة الرحمة ومناطق بحي البرنوصي وغيرها، تظهر بين الفينة والأخرى، شجارات أو حالات لجانحين، ينقلون العنف في ما بينهم إلى باقي المواطنين، ويعرضون السيارات للكسر كما يتلفظون بعبارات نابية، وهي الأشياء التي لا يستسيغها السكان، ليحملوا الأمن وزر هذا الانفلات التربوي، خصوصا أن مثل هذه السلوكات تضفي أحاسيس بوجود خطر يتهدد أولادهم ذكورا وإناث، ما يدفع الأسر إلى الحرص على تلقين أبنائهم أساليب الابتعاد عن هذه الأخطار.المهتمون لا يقللون من دور الأمن في القضاء على مختلف أنواع الجنوح، وإنما يعيبون أكثر بطء التدخل، أو إهمال نقط، تعد واقعيا سوداء، فيما تخرج عن تصنيفات المناطق اللازم توفر تغطية مستديمة بها، عبر دوريات تجوبها بين الحين والآخر وفي غفلة من أولئك الجانحين.والشيء بالشيء يذكر أن سكان المناطق التي تقع فيها مثل هذه الأحداث، بدورهم يحملون جزءا من المسؤولية، إذ أنه في غالب الأحيان فالمتضررون من الإزعاج أو من تعدد السرقات بالخطف بقرب منازلهم يتخلون عن حقهم في تسجيل الشكايات، خوفا أو لمبررات مختلفة، وهو ما ينتج عنه تمادي الجانحين في عملياتهم، ويبعد تلك النقط عن تصنيفات النقط السوداء، بل حتى عن تأمين خاص بدوريات تتفقد الأمكنة بين الحين والآخر.ويرى فاعل حقوقي أن الذين يقفون وراء سلوكات العربدة والإزعاج التي توحي بانعدام الأمن وتنشر الهلع بين المواطنين، هم أبناء أسر، غالبا ما تنتمي إلى الأحياء نفسها التي تقع فيها تلك الأحداث، أو أبناء الأحياء المجاورة التي تكون لهم علاقات بأقرانهم في الأحياء المستهدفة، ويعزو ذلك إلى خلل في منظومة التنشئة الاجتماعية التي تدخل في إطارها الأسرة والمدرسة والمحيط وغيرها، كما أن عمليات النشل التي تستهدف الحقائب النسوية والهواتف الذكية، تنتج أيضا عن شعور لدى الجانح بوجوده في حالة «شرود»، وأنه خارج الدورة الاقتصادية للمجتمع، وبما أن معدل الفئات العمرية التي تقترف هذه السرقات، تدخل في خانة الشباب، فإنه في هذه المرحلة تكون متطلبات الشاب متزايدة، سواء للترفيه أو لقضاء حاجياته، فهؤلاء يقترفون السرقات غير عابئين بالمصير الذي ينتظرهم (السجن)، إلى أن يقعوا في قبضة الشرطة وبعد مغادرتهم أسوار المعاقل، يكونون قد تلقنوا دروسا أخرى في الجريمة، إذ أن السجون بدورها لا توفر الردع الخاص، ليخرج الشاب أكثر جنوحا من ذي قبل، ويكون احتكاكه بمجرمين آخرين مكنه من خبرة سيستعملها لا محالة عند عودته إلى عالم الجريمة، خصوصا أنه سيجد نفسه في الخانة نفسها التي كان بها من ذي قبل، خارج الدورة الاقتصادية، وتزيد من حدتها أنه أصبح خريج سجون.ويرى الباحث الحقوقي ذاته، أن القضاء على هذا النوع من الجنوح الذي يكبر يوما بعد يوم وتتضاعف مخاطره بعد الزج بالجانح في السجن، لا يتوقف على المقاربة الأمنية وحدها، بل ينبغي معالجة الموضوع من زواياه المتعددة سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو التربوية.المصطفى صفر

عودة سريعة نحو الجنوح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"عنترة العبسي" يتزعم عصابة "التشرميل" بالجديدة

"التشرميل"...قاهر الأمن والمواطن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات