انتحال الصفة… عقوبات غير رادعة

جرائم تتكرر رغم الاعتقالات ومنصات التواصل شجعت على انتشارها تعددت صور جرائم انتحال الصفة، وتعدد ضحايا الجانحين ممن يختارون إيهام الناس بصفة منظمة قانونا كشرطي أو مسؤول حكومي أو عسكري أو دبلوماسي وغيرها، قصد الوصول إلى الأموال والإضرار بالآخرين عن طريق النصب. ورغم أن القانون يميز بين انتحال صفة ينظمها القانون، مثل الوظائف والمناصب الرسمية، وبين انتحال لقب أو ما يصطلح عليه انتحال شخصية، وأفرد عقوبات زجرية تتناسب مع السلوكات الإجرامية، إلا أن واقع الحال أثبت أن العقوبات لم تحقق المطلوب، وأن الردع العام لم يؤت مبتغاه، بل في أحيان نجد أن الردع الخاص، المتعلق بالجاني نفسه الذي خضع للعقوبة السالبة للحرية والتعويض، لم يتحقق، عن طريق عودة المتهم نفسه لارتكاب الأفعال ذاتها. وتطورت الجريمة بشكل كبير مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، لتأخذ صورا جديدة، وتعبر القارات وتسقط الضحايا في جرائم متنوعة. ويعاقب القانون الجنائي منتحل الصفة في الوظائف العمومية بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، ولو تحققت الجريمة شكلا فقط دون تحقق النتيجة، أي النصب والاحتيال. كما يدين القانون من ارتدى زيا وظيفيا أو استخدم شعارا وطنيا مميزا لهيأة عمومية، بغير حق، بل يتصدى القانون أيضا إلى من انتحل شخصية رسمية مستخدما لقبا أو مميزات أخرى. ولم يتوقف القانون عند محاربة منتحلي الصفات المنظمة والألقاب الرسمية، ليتعداها إلى مجرد انتحال اسم شخص آخر، في مستند رسمي أو إداري، أو من يحصل على شهادة من سجل للسوابق المتعلقة بشخص آخر، إذ من شأن هذا السلوك أن يؤدي إلى تقييد حكم غير صحيح في حق صاحب الاسم الأصلي. م. ص سيناريوهات احتيال ماكرة حالمات بالزواج سقطن في الشباك ودفعن الملايين للخروج من الورطة قضايا انتحال الصفة كثيرة، بعضها ينفذ واقعيا عن طريق اللقاء المباشر، وأخرى تنصب مصائدها على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ يصطاد منها الجانحون الضحايا، ليشرعوا في ابتزازهم. ضمن الجرائم ما تعرضت له نساء، راغبات في الزواج، سقطن في أيدي محتالين ماكرين متخصصين في انتحال الصفات. وكيل الملك مزور في أبريل من العام الماضي، وضعت عناصر الدرك التابعة لبيوكرى بإقليم شتوكة أيت باها، حدا لنصاب احترف انتحال صفة وكيل الملك، للانقضاض على ضحاياه من النساء، واستطاع بواسطة هذا الأسلوب الاحتيالي إسقاط ضحاياه من الميسورات، والاستيلاء على أموالهن. ولم يتم إيقاف المتهم، حتى انكشفت ألاعيبه لإحدى الضحايا، التي تعرف عليها وأوهمها بأنه ميسور ويرغب في الزواج، ليسقطها في حباله، وهي الحالمة برجل مستقر ماديا لبناء أسرة. تطورت العلاقة بين الاثنين، وتبادلا عبارات الإعجاب، إلى أن أحكم قبضته عليها، ليستدرجها عبر موقع الدردشة السريع فأرسلت له أشرطة حميمية، استغلها ليفصح عن قناعه الحقيقي، ويشرع في تهديدها بنشرها والتشهير بها، مطالبا إياها بمبالغ مالية للتوقف عن ذلك. ورضخت الضحية للأمر، إلا أنه واصل ابتزازها، قبل أن يتصل بها من رقم آخر، ويوهمها أنه وكيل الملك، وأنه علم بما بينها وخطيبها، ومستعد للتدخل وحجز الأشرطة وإنهاء المشكل، عارضا عليها تسليمه مبلغ مليون سنتيم لخطيبها وإنهاء العلاقة. وفطنت الضحية بأن المعني بالأمر هو من هاتفها للاحتيال عليها من جديد، فاستشارت قريبة لها أرشدتها إلى وضع شكاية ضده، لإيقاف تهديداته، وهو ما فعلت، مؤكدة في شكايتها بأنها فطنت به من خلال نبرته الصوتية وأنه قدم لها نفسه بأنه وكيل الملك. وأثناء إيقافه في كمين نصب له بتنسيق مع ضحيته، التي دعته للقدوم عندها لتسلم مبلغ مليون سنتيم، تبين أنه من ذوي السوابق في النصب، وأنه مطلوب في قضايا مماثلة، كما تم حجز الهاتف الذي اتصل منه منتحلا صفة وكيل الملك. واحتال المتهم على ضحية أخرى بالطريقة نفسها، فسلبها الملايين، إثر عملية نصب تعلقت بسيارة فارهة. أنتربول وجمارك فوجئت أستاذة مطلقة ومدمنة على الإبحار في الأنترنيت، قبل سنتين، بشخص يطلب الصداقة عبر فيسبوك، فضمته إلى لائحة أصدقائها، ليتعرفا على بعضهما، ويقدم لها نفسه بأنه دبلوماسي هولندي، وبرغبته في الزواج من مغربية، مبديا إعجابه بالبلد وأهله. وبعد دردشات في مكالمات عبر "الماسنجر"، زف لها خبرا يتعلق بهدية أرسلها لها عبر الطائرة، فشكرت له صنيعه، لتتلقى بعد يومين اتصالا هاتفيا من امرأة ادعت أنها من جمارك مطار محمد الخامس الدولي، وأن ثمة طرودا باسمها ينبغي لها أن تتسلمها، وأن وزنها حدد لها ثمن 9500 درهم، ينبغي لها أن ترسلها عبر حوالة لأداء الرسوم. بعدها توصلت الأستاذة بمكالمة أخرى، من شخص تحدث عبر رقم هاتفي يعود إلى بريطانيا، مقدما نفسه بأنه محام دولي، وأنه كلف من قبل الدولة الهولندية بالقيام بإجراءات تتعلق بالتهريب وتبييض الأموال، وأنه جرى إيقاف متهم هولندي، بينما تباشر مساطر من أجل إيقافها، بعد وضعها في لائحة الشرطة الدولية "أنتربول" ضمن المطلوبين دوليا، وحاولت الأستاذة أن تفهم مخاطبها بأن لا علاقة لها بالهولندي وأنها تعرفت عليه فقط في الأنترنيت، لكنه أفهمها أن ذلك سيظهر حين البحث معها، ثم أغلق الهاتف. أفلح أفراد الشبكة في إقناع الأستاذة بأنها مبحوث عنها، وأدخلوها في دوامة الابتزاز، من أجل تجنيبها المتابعة، واستمرت تدفع الأموال، وتتلقى مكالمات من الخارج والداخل مرة بالعربية وأخرى الفرنسية أو بالإنجليزية، كلفتها رهن شقتها والاستفادة من قرض لدفع مبالغ وصلت إلى 85 مليونا في المجموع، لينتهي الابتزاز، باستفاقتها متأخرة ووضع شكاية لدة النيابة العامة بالجديدة، أحيلت على فرقة الشرطة القضائية، إذ عمد المحققون إلى مطالبتها بالاستمرار في التواصل مع المتهمين، ليضربوا لها موعدا بالبيضاء، قصد مدهم بمبلغ إضافي، وهو ما رضخت له، لكنها هذه المرة كانت مراقبة من قبل أمنيين، وما أن التقت بمتهمين اثنين، بالقرب من محطة القطار بالبيضاء، حتى طوقوهما وأوقفوهما، ليتضح أن الأمر يتعلق بشبكة للنصب الإفريقي، تستعمل هواتف وتطبيقات ذكية. المصطفى صفر

انتحال الصفة… عقوبات غير رادعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجز أخطبوط غير مرخص بالداخلة

سقوط قاض مزيف بالجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات