متطوعون لنشر قيم التضامن والتكافل ومتبرعون يهبون أموالهم ودماءهم لإسعاف المصابين كشف المغاربة، منذ اللحظات الأولى لحدوث زلزال الحوز، عن معدن أصيل لا يصدأ بالاختلاف ولا يتأثر بالزمن، فقوافل المساعدات ودعوات التبرع بالدم، والطوابير التي تمتد على مئات الأمتار للتبرع، رسائل تشير إلى أن قيم التضامن والتكافل أقوى الأسلحة لمواجهة النكبات والأزمات الطارئة. لا تخطئ العين مشاهد التضامن في زلزال إقليم الحوز، فثقافة وسلوك التكافل أصيلان في تقاليد المغاربة الاجتماعية، واقتضت تلك الثقافة المساهمة في توعية أفراد المجتمع وتأطيرهم لمواجهة هذه الظروف والتبرع لمواجهة الأزمة التي تمر بها البلاد، انطلاقا من مسؤولية المجتمع تجاه الدولة والمؤسسات التي تبذل جهودا كبيرة لإسعاف المصابين. أحيى المغاربة، في ظل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية، قيم التكافل، إذ يكفي معاينة شباب يحملون الحجارة لفسح الطريق أمام سيارات الإسعاف للمرور من الطرق المقطوعة، أو الاطلاع على دعوات التبرع بالدم قادتها جمعيات ثقافية ورياضية، والاستجابة الفورية لمئات المتطوعين، ناهيك عن مساعدات عاجلة تضمنت أغطية ومؤنا لإسعاف المحاصرين في الجبال، لإدراك أن المغاربة جسدوا مفهوم التضامن على أرض الواقع، ونشره باعتباره قيمة تهم المجتمع بمختلف شرائحه، هيآت وجماعات وأفرادا، وبمقدار ما يتم تعزيز هذه القيمة بقدر ما حقق المجتمع وحدته وتماسكه وقوته لمواجهة هذه الظروف الصعبة. شعر المغاربة، بعيدا عن أضواء الكاميرات وفيديوهات مواقع التواصل الاجتماعي، أن المغرب في حاجة إلى سواعد أبنائه، التي لا تتجسد في التآزر والتضامن في مواجهة الزلزال فحسب، وإنما أيضا في مواجهة الآثار الاجتماعية السلبية، فكلفة معالجة الأضرار والخسائر ضخمة، والأولوية يجب أن تكون لضمان وحماية الحق في إسعاف وإنقاذ المصابين، وهو ما يتطلب العديد من التدابير ذات الطابع الاستثنائي والاستعجالي. في قضية الطفل "ريان" شاهد العالم قيم المغاربة الأصيلة، وفي زلزال إقليم الحوز تجددت هذه القيم، فالتضامن الاجتماعي مظهر من مظاهر التعاون والتنسيق بين المغاربة لمواجهة الأزمة، وتحقيق بعض صور التكافل الاجتماعي، وتعزيز قيمة التعاون بين أفراد المجتمع، الذي تتجلى مظاهره في تقديم العون والمساعدة للمتضررين. زلزال الحوز رسالة جديدة تجزم أن قيم الإنسانية النبيلة وحسن التدبير تمكن من التعافي بسرعة من تداعيات الأزمات، والوقوف بجانب أسر الضحايا والمصابين متجذر في تقاليد المغاربة، إذ يكفي الاطلاع على صفحات التاريخ لاكتشاف صور راقية لتعدد أشكال التضامن في الحزن في المغرب العميق، وتنوع مظاهر التآزر في قرى الريف والجبال والصحراء، وربما تختلف أو تتنوع العادات والتقاليد والأعراف، لكن ما يجمعها معدن المغاربة الأصيل. خالد العطاوي