الشبكات رفعت من وتيرة نشاطها الدولي بمنصات بحرية تمتد من الجديدة إلى الصويرة عبر آسفي صار مـألوفا منذ ما يزيد عن خمس سنوات، أن تسمع من حين لآخر أخبارا مفادها، أن البحر لفظ علبا كارتونية محملة بمخدر الشيرا، أو العثور على بقايا علب يرجح أنها تخص المخدرات، أو سرقة قوارب تقليدية من داخل موانئ صغيرة كالصويرية القديمة من قبل مافيا التهريب الدولي أو الهجرة السرية. كما أضحت المصالح الأمنية توقف من حين لآخر، شبكات بصدد تهريب المخدرات، أو توقيف أشخاص ينشطون مع شبكات الاتجار الدولي في المخدرات. فقبل أسابيع قليلة، أحالت عناصر المركز القضائي للدرك الملكي بالصويرة، 147 متهما تشتبه مشاركتهم في الاتجار الدولي في المخدرات، بعدما قادت الصدفة وحدها، لاعتقالهم، بعد أن شاركوا حمالين في تهريب ما يزيد عن خمسة أطنان من مخدر الشيرا، عبر شواطئ إقليم الصويرة. وفي تفاصيل هذا الخبر، فقد أثار عدم توقف سائق سيارة كبيرة خاصة بنقل البضائع بحاجز شكوك الدرك فتمت مطاردته، وتم العثور على السيارة بعد ساعات قليلة متوقفة بالقرب من أحد الشواطئ بضواحي الصويرة. بالمقابل، قدم قائد بقيادة سيدي إسحاق، شخصا سرواله مبلل، كان متوقفا بالطريق الرئيسية يبحث عن وسيلة نقل، وأكد القائد أن حالة الارتباك التي تبدو على هذا الشخص، تثير الشك، إذ تم إخضاعه لبحث أولي، فاعترف أنه يتحدر من منطقة البدوزة وجاء رفقة عدة أشخاص للمشاركة في حمل المخدرات من شاحنة إلى قوارب بسواحل البحر، مقابل عمولة قدرها ألفا درهم، لتفضي الأبحاث إلى توقيف 14 شخصا، من بينهم وسطاء في جلب "الحمالة"، دون الوصول إلى الرأس المدبر. الثابت من تلك النازلة، أن الحمالين يتحدرون من منطقة البدوزة والوليدية، وأغلبهم سبق أن شاركوا في عمليات سابقة في الشريط الساحلي بين الجديدة والصويرة، وذلك يكشف عن النشاط المتزايد لهذه الشبكة، وجرأتها الكبيرة، من خلال جعل هذا الشريط الساحلي، منفذا حقيقيا لتهريب المخدرات. حاميها.. حراميها تضع شبكات الاتجار في المخدرات وتهريبها، إستراتجيات مهمة من أجل استقطاب عناصر الأمن أو الدرك إلى صفوفها، وتسهيل عمليات تنقل أفراد هذه الشبكات أو غض الطرف عنها، مقابل عمولات مالية تصل في بعض الأحيان إلى مئات الملايين. وكشف سقوط دركي بالقيادة الجهوية لآسفي، قبل ثلاث سنوات ونيف تقريبا، عن طرق اختراق أجهزة الدرك والأمن من قبل شبكات التهريب الدولي للمخدرات، قبل أن تقود الصدفة إلى إحباط تهريب كميات مهمة من مخدر الشيرا تقدر بحوالي خمسة أطنان، وسقوط الدركي الذي كان صلة وصل بين شبكة التهريب و أحد الأشخاص الذي يملك وحدة فندقية بالطريق الساحلية بين آسفي والوليدية. وقادت الصدفة عضوا من شبكة دولية إلى ربط علاقة مع دركي بمنطقة البدوزة الساحلية، وصارا يلتقيان من حين لآخر، وخططا لتهريب المخدرات انطلاقا من وحدة فندقية توجد على الساحل، نحو لاس بالماس، إذ تم الترتيب لذلك، إلا أن دورية لعناصر مركز الدرك الملكي حيث يشتغل الدركي الذي يقوم بعمليات التنسيق تلك الليلة بين المهربين وصاحب الوحدة الفندقية، أحبطت تلك العملية، ومعها إسقاط القناع عن الدركي. وكان صاحب فندق بمنتجع البدوزة، قد أكد أثناء الاستماع إليه من قبل عناصر المركز القضائي للدرك الملكي بآسفي وعناصر المصلحة الجهوية القضائية للدرك، أنه على علاقة صداقة بالدركي المتهم الذي يزاول عمله بالمركز الترابي بالبدوزة، وأنه قبل حوالي 20 يوما، تقدم منه المتهم رفقة شخص يتحدر من الأٌقاليم الشمالية واستقبلهما بالوحدة الفندقية، وبعد مرور يومين عاد إليه الدركي، وصرح له أن الشخص الذي كان بمعيته يرغب في نقل كمية من مخدر الشيرا عبر البحر، فقبل العرض وتم الاتفاق على منحه 20 ألف درهم، بالإضافة إلى 550 درهما للكيلوغرام الواحد. وتم تقاسم الأدوار، وفقا لتصريحات المتهم صاحب الوحدة الفندقية، إذ تكلف الدركي بتوفير العمال والبنزين، حيث اتصل بشخص آخر وكلفه بتوفير ذلك مقابل مبلغ مالي، مضيفا أن المتهم طلب منه مرافقة شخصين آخرين للشاطئ للتعرف على المنطقة، لأنهما مكلفان بسياقة الزورق، فنفذ الأمر على الفور، ليبدأ بعدها في مراقبة المكان، فاتصل به المتهم وأخبره أن الشاحنة المحملة بالمخدرات قادمة، حيث وجد العمال الذين قاموا بإفراغ الحمولة، ليتفاجأ حينها بحضور رجال الدرك الملكي الذين أوقفوا سائق السيارة المحملة بالبنزين... تحقيقات تورط دركيا وتم الاستماع إلى الدركي المولود سنة 1979، الذي نفى صلته بالمخدرات، ودحض تصريحات المتهم صاحب الوحدة الفندقية، معتبرا ألا صلة له بتلك العملية، غير أن مواجهته بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية، وتموقعات المتهم طيلة يوم تنفيذ العملية جعلته مرتكبا، وحاول مرارا تبرير ذلك، دون أن تكون أجوبته مقنعة، وهو الأمر نفسه الذي خلص إليه قاضي التحقيق، وفقا لأمر الإحالة. كما خلصت الأبحاث إلى أن الدركي التقى عدة مرات بالبارون الملقب بالحاج، وتلقى منه مبالغ مالية بمعية موقوف آخر، إلا أن الدركي ظل مصرا على نفي المنسوب إليه، رغم مواجهته برسائل نصية وتسجيلات صوتية تحيل إلى تيسير الأمور، وأن الظروف مواتية لنقل البضاعة. كما أن الملقب بالحاج الذي تم إيقافه بعد ذلك، نفى صلته بالدركي، رغم مواجهته بمجموعة من القرائن. وأحيل الدركي على الوكيل العام للملك، الذي قرر إحالته على قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف، الذي خلص إلى ثبوت الأفعال المنسوبة للدركي، سيما تصريحات المتهمين وكذا المكالمات الهاتفية والرسائل النصية بين المتهم وباقي المتهمين المتورطين في هذه العملية، وكذا تموقعه مع المتهمين، خلال الأيام القليلة التي سبقت العملية، ثم المكالمات الهاتفية المكثفة بين الدركي وباقي المتهمين، ليلة تنفيذ العملية، وهي المكالمات التي استمرت إلى حين إلقاء القبض على المتهمين وإفشال محاولة تهريب مخدرات، نحو الديار الإسبانية. وأدين الدركي (ضابط صف برتبة مساعد)، بتسع سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها مائة ألف درهم، وبمصادرة المبالغ المحجوزة لفائدة الخزينة العامة للمملكة، وبإتلاف المخدرات المحجوزة طبقا للقانون، وبمصادرة باقي المحجوزات لفائدة إدارة أملاك الدولة، على خلفية متابعته من أجل ارتكاب جنح المشاركة في مسك المخدرات والمشاركة في نقلها، والمشاركة في الاتجار فيها ومحاولة تصديرها.