السطاتي… من الدرك إلى العيطة

يدعى المحبوب الحسين بن محمد، واسمه الفني "الحسين السطاتي"... فنان شعبي موسيقي عازف "كوامنجي"، ومغني فن العيطة "شيخ للعيطة"، من مواليد 28 ماي 1973، كاتب قاص وروائي وشاعر زجال، ودركي متقاعد برتبة "أجودان".. متزوج وله ثلاثة أبناء " بذرة وريحانة ومحمد"... لا يقدم هذا التعريف القصة الكاملة للفنان الحسين السطاتي، فحكاياته تشبه "ألف ليلة وليلة" تحبل بالقصص والمغامرات والشغف بالفن والثقافة والإبداع والإصرار على تحقيق الأحلام. يصف نفسه بأنه بدوي النشأة، لكن قلبه يتمايل مع كلمات العيطة وأنغام "الكمنجة" منذ أن فتح عينيه على الحقول الخصبة والمروج الخضراء في السهل المنبسط وفي الهضاب والتلال، بجانب البئر وعلى ضفاف الوادي بسهل الشاوية. يروي السطاتي في الحلقات التي تنشرها "الصباح"، بشغف عشقه للفن وولعه بالأشعار وحكاياته الطويلة للدفاع عن حلمه، حتى ولو هدد والديه بالانتحار، ثم ولوجه صفوف الدرك الملكي وعشقه لمهنته، قبل أن يعود إلى حضن العيطة وأشعارها. خالد العطاوي ( الحلقة 9) العيطة والمساواة بين الجنسين ترقى وتسمو بالعلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة في بعدها الجمالي رغم الحرب الشرسة التي شنت على فن العيطة من قبل المستعمر وبعض المتشددين والمتطرفين، وحتى من قبل الموسيقى الدخيلة القادمة من الخارج، وأعداء الفن الذين حاولوا تشويه سمعة العيطة وتغيير معناها الحقيقي، فهي فن التمرد وفن الاحتجاج الذي قهر المستبد والظالم، وساهم في مقاومة المستعمر. وبصفتي "شيخا للعيطة"، فإن سبب تألق هذا الفن التراثي الأصيل واستمراره، يرجع إلى بنيته الأدبية والفكرية، وعمقه الموسيقي والشعري ومجده التاريخي، وما تحمله من ألغاز وأسرار، فهي إضافة لما تعالجه من مواضيع اجتماعية واقتصادية وسياسية، أغنية أيروتيكية، أغنية أيروسية عاطفية تخاطب الوجدان بالدرجة الأولى، فهي ترقى وتسمو بالعلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة في بعدها الجمالي، ذلك البعد الإنساني، بعيدا كل البعد عن الإباحية أو"البورنوغرافية"، التي أرادوا أن يلحقوها بها، وهذه الأيروسية هي التي تجعل الفن بصفة عامة وبكل ألوانه مقبولا وخالدا بل حيا تتوارثه الأجيال أبا عن جد. وأعتقد أن فن العيطة هو الفن المغربي الوحيد الذي يستهلك في السر أكثر مما يستهلك في العلن، وهو الفن الذي يساوي بين الرجل والمرأة، بل نجد أحيانا المرأة "الشيخة" تأخذ حصة اللبؤة، سواء عازفة أو مغنية أو راقصة، وقد تترأس المجموعة وتقود فرقتها، كما أن فن العيطة ساير عصر المكننة والرقمنة، بالتجديد والنقص من المدة الزمنية للقصيدة العيطية لتلائم العصر، مع الاحتفاظ بالعيطة الأصل "الأم"، وبالفعل نجح في فرض وجوده، فإذا تفحصنا مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك "فيسبوك" و"يوتوب"، و"تويتر" و"تيك توك"، أو عبر تطبيقات التراسل الفوري وعلى القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية المغربية، سنجد أن العيطة تفرض وجودها ولها إشعاع قوي، وحضور طاغ تحسد عليه، حيث يتم بث أجزاء من الأغاني العيطية، وتسجيلات مختلفة لسهرات الشيخات، ومقاطع فيديو، تحظى بنسب مشاهدة عالية. فن أبدي وحتى في الدراما المغربية في الأفلام التلفزيونية والسينمائية والمسلسلات، نجد أن الأعمال التي تتناول موضوع العيطة والشيخة تحصد نجاحا كبيرا وإقبالا كبيرا وقبولا جماهيريا، كما أن فن العيطة صار حاضرا في كبرى المحافل الدولية العالمية، وتغنت به فرق موسيقية شهيرة، مثل الفرقة الأمريكية التي غنت العيطة الجبلية، والفرقة الإيرانية النسائية التي غنت العيطة الجبلية، وفنانين خليجيين أعادوا غناء "العيطة المرساوية"، والأوركسترا السمفونية الهولندية التي غنت عيطة "ركوب الخيل" وعيطة "ألباس" من العيط المرساوي، وباحثين وباحثات أكاديميين مغاربة وأجانب اشتغلوا في أبحاثهم على فن العيطة. هذه من بين الأسباب التي تجعل فن العيطة فنا أبديا يتحدى الفناء والضياع.

السطاتي… من الدرك إلى العيطة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نصاب أكادير "لهف" 80 مليارا

بوجنوني..."با سيدي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات