نـــــداء الــــواجـــب

بطولات على صوت المدافع 2 خطاب المسيرة الخضراء دفعني لتغيير وجهتي من دراسة القانون إلى طرق باب الأكاديمية الملكية العسكرية هذه السلسلة ليست فقط سيرة ذاتية عادية لعقيد سابق في الجيش، شارك ببسالة في حرب الصحراء، بل هي دروس وعبر في الحياة والوطنية، خلاصتها أنه ليس من الضرورة أن يولد الإنسان وفي فمه ملعقة من ذهب لتحقيق حلمه. بالبيضاء وبالضبط بمنطقة بلفيدير، ولد العقيد عبد الإله معجيب في 1957. عانى رفقة أسرته الأمرين، بسبب الفقر والحاجة، ومع ذلك ضحى أفراد من أسرته من أجل ضمان دراسته، سيما بعد وفاة الوالد، والنتيجة ضابط متخصص في أعقد سلاح عسكري وهو المدفعية، وبه كبد عصابات "البوليساريو" خسائر جسيمة، إلى درجة أنه صار رأسه مطلوبا لديهم، مهما كلف الثمن. مصطفى لطفي خلال كل سنوات التعليم الثانوي، لم أعرف معنى العطلة الصيفية إلا في أيام معدودة، إذ كنت أشتغل خلال أشهر كي أوفر مبلغ الكتب وتوفير كلفة التسجيل بالمؤسسة وباقي اللوازم المدرسية واقتناء ملابس جديدة. لم يكن لدي خيار آخر إلا أن أخفف أعباء أمي العصامية وأشارك في المصاريف كي أحقق أمنيتها، وهي نجاح مساري الدراسي والتسجيل في أحد المعاهد الكبرى. كان يوم فرحة جماعية وخبر الساعة في الحي، يوم إعلان نتائج الباكلوريا وتأكيد نجاحي في نيل الشهادة السحرية. كانت في تلك الفترة، تصدر النتائج بالأسماء حسب المدن في يومية "Le Matin"، وتبثها نشرات الإذاعة الوطنية، بعدها تتم كتابة أرقام الناجحين على سبورة في الثانوية. غمرتني نشوة خاصة وأنا أطالع اسمي ضمن خانة الناجحين على الجريدة، وازداد الإحساس عندما عاينت رقم امتحاني كأنه مدون بماء الذهب على سبورة فوق باب ثانوية الإمام مالك وفي ذاكرتها. كانت مكافأة النجاح، قضاء عطلة عند عائلتي بالجديدة، التي تعتبر، وإلى حدود اليوم من أجمل الشواطئ المغربية. بعد عودتي من عطلتي، قمت بإجراءات التسجيل بكلية الحقوق بالبيضاء، لكن حدثا تاريخيا سيغير مجرى مستقبلي ومجرى حياتي. بعد أسابيع بدأت الاستعدادات والتعبئة لحدث المسيرة الخضراء المظفرة. أعتبرها ملحمة ملك عبقري، واستجابة شعب عظيم لم يتردد في تلبية نداء ملكه. ما زال خطابه التاريخي في 16 أكتوبر 1975، مدويا إلى اليوم، سيما قولته " علينا أن نقوم كرجل واحد بنظام وانتظام لنلتحق بالصحراء ونصل الرحم". هب الحماس في جميع أطياف الشعب، حتى الفنانون أصروا على تلبية نداء الملك المثقف والراعي للفن بمسيرة فنية وطنية ليس لها نظير عبر التاريخ. أتذكر وقتها سحر الأغنية الوطنية التاريخية "نداء الحسن"، التي تغنت وما زال تتغنى بها أجيال وأجيال من المغاربة. شارك أخي عبد العزيز في المسيرة الخضراء، ولما عاد التحق بصفوف القوات المسلحة الملكية، مثل عدد من المشاركين. وكان لهذا الحدث تأثير خاص، دفعني أن أغير وجهتي من دراسة القانون بجامعة البيضاء إلى طرق باب الأكاديمية الملكية العسكرية. أرسلت طلبي للمشاركة في امتحانات الولوج، وانتظرت بصبر كبير ولأيام وصول ساعي البريد. أصبح هدفي الأسمى أن أكون ضابطا في الجيش. وفي الأخير، جاءني الرد، كما تغنى فنان الأجيال عبد الحليم حافظ. توصلت برسالة الاستدعاء للامتحانات. وقتها غمرتني سعادة لا توصف. أخيرا سأقوم بأول خطوة في طريق ألف ميل لتحقيق حلمي. الطريق إلى الصحراء سألتني أمي الغالية: بعد الأكاديمية، هل ستذهب إلى الصحراء؟، بدا من سؤالها أنها تخشى علي من مصير مجهول، بعد أن بدأت المواجهات المسلحة بين القوات المسلحة الملكية وعصابة البوليساريو. دون تردد أجبت "نعم وبكل تأكيد، لأنه نداء الوطن، وهذا واجب وطني وطاعة لأوامر قائدي".

نـــــداء الــــواجـــب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

5 سنوات لهاتك عرض قاصر

آسفي.. لؤلؤة مرصعة بالمآثر

مقالات ذات صلة