15 قاعة عرض تضم أكثر من 6 آلاف قطعة متحفية مختلفة يعتبر متحف البطحاء بفاس، معلمة متحفية حاضنة لنماذج مختلفة من الفنون والعادات والتقاليد المتوارثة بين أجيال أهل المدينة وضاحيتها بتاونات وصفرو وتازة، سيما في مجالات الطين والخزف والفخار، وفنون العيش ومظاهر الحياة الفكرية والدينية والعلمية، في تماه جميل بين الماضي والحاضر. أكثر من 6 آلاف قطعة متحفية مختلفة، تحتويها 15 قاعة عرض موزعة بين جناحين متباعدين منفتحين على بلاط طبيعي تؤثثه حديقة يانعة أبدع ترتيب أشجارها الوارفة، باني هذا القصر ومركز الاستقبالات الملكية السابق للسلطان الحسن الأول وخلفه ابنه المولى عبد العزيز، قبل تحويله متحفا في 1915. رخاميات ومنسوجات ومخطوطات وإسطرلابات وقطع نحاسية طينية وخزفية وجبسية وحلي وألبسة وأعمال فنية أثرية من إبداع الصانع المغربي في شتى المجالات، مصدر شهرة متحف لا يقتصر دوره على العرض، بل طالما شهد على ميلاد أول إذاعة جهوية وسهرات فنية أحياها كبار الفنانين عالميا. هذا الفضاء المتحفي شاهد على انطلاق أول بث إذاعي لإذاعة فاس الجهوية في 1936، لتظل منبرا رائدا يؤثث ويغني المشهد السمعي البصري بالمغرب، واحتضن الرعيل الأول والرواد المؤسسين في مجال الأغنية والفن والمسرح، ممن غنى بعضهم في المتحف ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى العريقة. وتصف بعض المصادر التاريخية، هذا المتحف، ب"حارس ماضي فاس وموطن أسرارها"، اعتبارا لصيانته التراث والتقاليد الأصيلة، عبر آلاف التحف تم إغناؤها عبر حقب زمنية مختلفة، من قبل الذين تناوبوا على تدبير شؤونه منذ إنشائه، بمن فيهم فرنسيون منهم المستشرق ألفريد بيا ومارسيل فيكير. كل شيء يوحي بالتميز داخل المتحف، الذي تضفي عليه حديقة فنائه والأقواس والأحواض المائية، جمالية خاصة زادت بتعديلات أدخلها على الفضاء بانيه السلطان الحسن الأول في الربع الأخير من القرن 19، قبل استكمال تزيينه من قبل خلفه السلطان المولى عبد العزيز وقبل أشهر. كل زيارة لتلك الفضاءات تتيح للوافد فرصة التمعن واكتشاف نفائس حرف بعضها انقرض، يتوخى من عرضها صيانة تراث وتقاليد عريقة، بهدف إرشاد كل راغب في اكتشافها، في ربط متحفي بين ماض زاخر بكنوز صناعة تقليدية اضمحل دورها نسبيا، وحاضر طامح لاسترجاع مكانتها المتراجعة. حميد الأبيض (فاس)