الوكالة الوطنية للمياه والغابات في مركز دائرة التنسيق بين الوقاية المدنية والجيش والسلطات المحلية يتعدد المتدخلون في حال نشوب حريق غابوي، إذ يقوم قطاع المياه والغابات والوقاية المدنية، والدرك الملكي، والقوات المسلّحة الملكيّة، والقوات المساعدة، والسلطات المحلية ووزارة التجهيز والنقل، والمكتب الوطني للمطارات بالتدخل. وتوجد الوكالة الوطنية للمياه والغابات في مركز دائرة التنسيق الوطني في مواجهة الحرائق التي ارتفعت احتمالات حدوثها مع توالي أسابيع الارتفاع الاستثنائي في درجات الحرارة، بما في ذلك العمل على إنجاز البرنامج السنوي بمشاركة كل المتدخلين. إعداد: ياسين قُطيب تتوحد الجهات المتدخلة في حالة نشوب حريق غابوي في مديرية العمليات تحت قيادة الوقاية المدنية على مستوى كل عمالة أو إقليم، موزعة بين قسم تخطيط تسند مهامه إلى قطاع المياه والغابات وتشمل وضع الخرائط وتحديد بؤر هشاشة الغطاء النباتي ورصد طريقة الانتشار والتطور المحتمل للنيران وتحديد مسالك بلوغها وكذا مناطق المياه وخنادق جدران النار ومناطق الحراسة، في حين يشمل قسم العمليات المكافحة الجوية من قبل مروحيات وطائرات الدرك، في حين تسند مهمة الاتصال وتبادل المعلومات إلى القوات المسلحة الملكية. القيادة للوقاية المدنية تسعى الوكالة لتقديم إستراتيجية شاملة للوقاية من الحرائق الغابوية ومكافحتها، حيث تعمل على تطوير خرائط التنبؤ الدقيقة التي تحدد المناطق الحساسة والمعرضة للخطر. ويتم تحليل بيانات متعددة المصادر، بما في ذلك نوعية الغطاء الغابوي وقابليته للاشتعال والاحتراق، والتوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية للمناطق المحتملة لحدوث الحرائق. ومع بداية أشهر الصيف كشفت الوكالة خارطة المناطق الأكثر عرضة لخطر اندلاع الحرائق الغابوية، على الصعيد الوطني واضعة إقليم شفشاون في خانة الخطورة القصوى (المستوى الأحمر)، تليها أقاليم طنجة وأصيلا والفحص أنجرة، وتازة، ووجدة أنكاد، وخنيفرة، وأكادير إداوتنان، في خانة الخطورة المرتفعة المعبر عنها بالمستوى البرتقالي، في حين شمل المستوى الأصفر، ذو الخطورة المتوسطة، أقاليم القنيطرة وسيدي سليمان وتاونات وبركان وإفران والصويرة وتارودانت وإنزكان أيت ملول. التبليغ عن الإنذار توزع مهام الوكالة بين حراسة الغابات الموجودة في المناطق الأكثر عرضة للحرائق من خلال إنشاء مراصد ثابتة ومتنقّلة للمراقبة (نقاط مراقبة، دوريات، وحراس)، وتدعيم شبكة المواصلات من أجل تحسين التبليغ عن الإنذار والتنسيق بين مختلف المتدخلين (GSM)، بالإضافة إلى إعداد النسخ الأولى من الخرائط الخاصّة بمخاطر حرائق الغابات على مستوى المديريات الجهوية (الريف، والشمال الشرقي، والشمال الغربي) الأكثر عرضة لهذه الآفة (عمليّة بلغت الصيغة النهائيّة). خمس قواعد جوية تعمل الوكالة في حربها ضد الحرائق على تزويد وحدات التدخل بالمعدات الأساسية باقتناء مواد الحد من سرعة انتشار الحرائق بالنسبة للمحاربة الجوية مثل طائرات الدرك الملكي من نوع (توربو تروش)، والمساهمة في تجهيز المطارات والقواعد الجوية الاستراتيجيّة (طنجة والناظور والقنيطرة وفاس سايس وتازة) بالبنى التحتيّة والتجهيزات الأساسيّة (المنصات، حضيرة الطائرات، خراطيم إطفاء الحرائق، معدات ضخ المياه)، وتجهيز الوحدات الغابوية بآليات التدخل الأولي، والمساهمة في تغطية نفقات ساعات تحليق طائرات الدرك الملكي. قاعدة معطيات خرائطية يتميز المغرب، بفضل موقعه الجغرافي المتميز بين البحر الأبيض المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربا والصحراء جنوبا، وبفضل أهمية السلاسل الجبلية التي يتجاوز ارتفاع بعضها أربعة آلاف متر، بتنوع إيكولوجي- بيولوجي كبير وبتشكيلة من الأوساط الطبيعية المختلفة على درجة عالية من الأهمية. ومن أجل التوفر على معرفة كاملة ومتجانسة عن حالة الملك الغابوي، مكن الجرد الغابوي الوطني الأول، الذي أنجز بين 1990-2005، من التوفر على قاعدة للمعطيات الخرائطية والرقمية المهمة والموثوق بها، تتعلق بالتوزيع الجغرافي، ونوعية الغطاء النباتي ومعرفة الحالة العامة للموارد الغابوية. على مستوى استخدام الأراضي ووضعها العقاري، تعتبر التشكيلات الغابوية والحلفائية في أغلبها ملكا للدولة وتمتد على مساحة تبلغ حوالي 9 ملايين و600 ألف هكتار، أي ما يعادل نسبة13,91 في المائة من التراب الوطني. وتتكون النباتات الغابوية، التي تقع في الغالب في أوساط مناخية شبه جافة وشبه رطبة ورطبة، من أنواع وبنيات متنوعة جدا. ويظل توزيعها الجغرافي مرتبطا بالأوساط المناخية البيولوجية والطوبوغرافيا وبالنشاط الإنساني. وتغطي التشكيلات الغابوية المشجرة مساحة 6 ملايين 212 ألف هكتار، تتكون 71 في المائة منها من أنواع وريقة (البلوط الأخضر، البلوط الفليني، شجر الأركان، السنط الصحراوي)، و 18 في المائة منها من أنواع صمغية (الأرز، العرعر البربري، العرعر، الصنوبر، سرو الأطلس، الشوح). وتشغل باقي المساحة، أي 11 في المائة منها، تشكيلات منخفضة تنتج في غالب الأحيان عن تدهور الغابات. تبلغ النسبة المتوسطة لتشجير غابات البلد 8.98 في المائة، وهي نسبة تقل عن النسبة المثلى (بين 15 في المائة إلى 20) الضرورية للتوازن الإيكولوجي والبيئي. وتلعب الغابات الحضرية وشبه الحضرية العديد من الأدوار، اجتماعية وبيئية واقتصادية وطبيعية. فهي الفضاء الذي يمتد ويكمل النسيج الحضري. فهذه المساحات المفتوحة للزوار، تشكل مكانا طبيعيا لتنمية الوعي البيئي لدى المواطن والتزامه المزدوج باستخدام الفضاء والمسؤولية في الحفاظ عليه. ويبلور قطاع المياه والغابات إستراتيجية وطنية للغابات الحضرية وشبه الحضرية تهدف إلى توفير غابات حضرية وشبه حضرية صحية ومتوفرة على المرافق الضرورية لاستقبال الزوار، مع ضمان تدبير مستدام للتشكيلات الغابوية والنظم البيئية. تتمثل أهداف هذه الإستراتيجية في حماية الغابات بشكل مستدام من الاكتظاظ والتوسع العمراني، وتلبية الاحتياجات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وبناء صورة قيمة للعاملين بالقطاع الغابوي لدى عامة الناس والرفع من حس المسؤولية لديهم في ما يتعلق بالموارد الطبيعية مشاريع تنمية الغابات بناء على المرسوم رقم 2.04.503 الصادر في فاتح فبراير 2005، والذي يحدد اختصاصات قطاع المياه والغابات، تناط بالوكالة مهمة إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة في ما يخص المحافظة والتنمية المستدامة للموارد الغابوية، ومروج الحلفاء والأحراج الرعوية الموجودة بالأراضي التابعة للملك الغابوي، والعمل أيضا على تنمية موارد تربية الأسماك بالمياه القارية، والمحافظة على الوحيش والمنتزهات والمحميات الطبيعية، وكذا تنسيق وضع الآليات القانونية لإعداد وتنفيذ ومتابعة وتقييم السياسة الحكومية في محاربة التصحر، والمساهمة في إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في ميدان التنمية القروية. ويعهد إلى قطاع المياه والغابات بإدارة الملك الغابوي الخاص بالدولة والممتلكات الأخرى التابعة للملك الغابوي، وتنظيم الشرطة الغابوية ومراقبة تطبيق النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالقطاع، بتفويض من رئيس الحكومة وطبقا لمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 20 ذي الحجة 1335 (10 أكتوبر 1917) المتعلق باستغلال والمحافظة على الغابات، كما وقع تغييره وتتميمه. وتتولى الوكالة كذلك المحافظة وإعداد وتنمية الموارد الغابوية ومروج الحلفاء والأحراج الرعوية في الأراضي الخاضعة للنظام الغابوي وموارد تربية الأسماك بالمياه القارية والوحيش وتثمين مختلف المنتوجات والخدمات والامتيازات المتعلقة بها، وتنفيذ المشاريع المتعلقة بتنمية الغابات بالأراضي ذات الطابع الغابوي وغير الخاضعة للملك الغابوي، وتنسيق وإعداد وتنفيذ البرامج المتعلقة بتصاميم التهيئة الخاصة بالأحواض المائية والمنتزهات والمحميات الطبيعية، وتتبع تنفيذها وتقييمها بتشاور مع مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية، وتنسيق إعداد وتنفيذ برامج ومشاريع التنمية المندمجة في المناطق الغابوية ومروج الحلفاء والمساهمة في تنفيذها ومتابعتها وتقييمها. وتقدم الوكالة الدعم لكل قنوات التعاون والشراكة مع مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية والجماعات المحلية ومختلف الفاعلين والمنظمات الجهوية والدولية، والمهنيين والمنظمات غير الحكومية وكل مستعملي الملك الغابوي، وتقوم على الصعيد الوطني بتنفيذ قرارات المعاهدات الدولية الخاصة بمحاربة التصحر، والغابات، والوحيش وموطنه الطبيعي، بالتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية والمنظمات المعنية. ويعمل قطاع المياه والغابات، على إعداد البرنامج الوطني لمحاربة التصحر، بالتنسيق مع القطاعات والمؤسسات المعنية، بما يلزم ذلك من وضع آليات اليقظة الإستراتيجية والمستقبلية في ما يخص المحافظة على الموارد الغابوية وعملية التصحر، وتطوير نظام مندمج ومستدام لمتابعة وتقييم المشاريع وبرامج العمل، ونشر المعلومات المرتبطة بذلك، وتوجيه وتنمية البحث العلمي والدراسات التقنية والاقتصادية المرتبطة بالتشخيص والمحافظة والتنمية والتثمين والمتابعة والتقييم للموارد الغابوية، ومروج الحلفاء والمراعي والتنوع الحيوي والمنتزهات والمحميات الطبيعية، وتشجيع البحث العلمي والدراسات التقنية والاقتصادية المتعلقة بتطور ظاهرة التصحر وتقييم آثارها والطرق والوسائل المسخرة لمواجهتها. وقاية وردع كشفت الدراسات التي تهم حرائق الغابات بالمغرب أنه خلال 50 سنة الماضية (من 1960 إلى 2009) تم تسجيل 129112 حريقا أتلفت ما يناهز 142.292 هكتارا من الغابات، أي ما يعادل 2986 هكتارا خلال كل سنة. وسجلت أعلى نسبة سنة 1983 (11.289 هكتار) وأدنى نسبة 1983 (503 هكتارات). عموما تشكل هذه النسب ما معدله سنويا 0.05 في المائة من مجموع المساحة المشجرة داخل البلاد، ما جعل عدد الحرائق ومساحة الأراضي المتلفة بسبب الحرائق بالمغرب توصف بأنها مرتفعة نسبيا بمراعاة معدّل التشجير الضعيف بالبلاد، وكذلك بسبب جفاف المناخ والإكراهات التي تصعب من عملية إعادة تشكيل المناطق المشجرة. ويهدف المخطّط الرئيس للمحاربة والوقاية من حرائق الغابات إلى اتخاذ إجراءات متناسقة وفعالة من أجل السيطرة على هذه الآفة، وذلك عبر إعداد آليات الاستشعار تسمح بتقييم درجة الخطورة وتسمح أيضا باستباق إمكانية حدوث الحرائق من خلال التدابير الوقائية والردعية المناسبة، وتحسين والارتقاء بنجاعة تجهيزات ووسائل التدخل، وتعزيز القدرات التقنيّة للطاقم المكلّف بحماية الغابات من الحرائق، وملاءمة وتعزيز أدوات التواصل وتحسيس المواطنين بمخاطر حرائق الغابات وبتدابير الوقاية منها. ويرتكز برنامج محاربة والوقاية من حرائق الغابات على ثلاثة محاور تتوزع بين تحسيس المواطنين عبر بث وصلات تحسيسيّة بالقنوات التلفزيونية وإعلانات بالراديو وكذلك عبر تنظيم لقاءات بالدواوير والأسواق قصد الإرشاد والتدخل لدى وزارة النقل، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والمكتب الوطني للكهرباء، من أجل ترميم واقتلاع الأشجار المحاذيّة للطرقات والمسالك السككية وخطوط التيارات الكهربائيّة العالية التوتر التي تمر وسط الغابات، وإطلاق عمليات الحراجة وترميم الأغراس، وملاءمة وتعزيز وسائل التواصل مع المواطنين والتحسيس بمخاطر حرائق الغابات، وتدعيم البنى التحتية وتجهيزات الوسط الغابوي كمسالك الولوج، ونقاط المياه، والطرق الغابوية، وخنادق جدران النار.