“نشوة” تنتهي بهلوسة وإجرام

بنزاكور المختص في علم النفس الاجتماعي قال إن خطورة "البوفا" تتمثل في استهداف أنظمة الدماغ قال الدكتور محسن بنزاكور، المختص في علم النفس الاجتماعي، إن الخطير في مسألة اكتساح المخدرات الصلبة لجل فئات المجتمع، بأنها صارت في متناول الراغب في استهلاكها، بعد أن أصبحت تُعرض بصنف آخر يطلق عليه "البوفا" بأسعار تتراوح ما بين 100 درهم و50. وكشف بنزاكور في حوار مع "الصباح"، أن المتعاطي "للبوفا"، يحصل له إغراء في بداية الإدمان، ويتمثل هذا التحفيز في أن المستهلك يشعر بسعادة لا توصف وإحساس بالفرح لم يسبق له أن عاشه، وهذه من الأشياء التي تلعب على نفسية المستهلك للمخدرات الصلبة في بداية مساره، إلى درجة اعتقاده بأن دماغه أصبح متفتحا ويتميز باليقظة، في حين أنه سيتحول بعد ذلك إلى مخرب للخلايا الدماغية، لتتطور الأمور إلى إدمان واكتئاب وأفكار انتحارية وممارسات إجرامية في حق الغير. في ما يلي تفاصيل الحوار : أجرى الحوار : محمد بها ماهي قراءتكم لانتشار "البوفا" في المجتمع المغربي؟ > أول شيء يجب معرفته في قضية انسياب مخدر "البوفا" الذي يطلق عليه "كوكايين الفقراء" وسط المجتمع المغربي، أن سبب ذلك يعود إلى عامل تجاري محض بخلاف الكوكايين الذي كان يعرف في بداياته بعبارة "سطير"، إذ كان يباع خط صغير بألف درهم، وبالتالي فهذا النوع من المخدرات القوية كان في متناول فقط الفئات الميسورة، أي الأشخاص الذين يملكون القدرة على اقتناء هذا "السطير" بثمن خيالي. والخطير في مسألة اكتساح المخدرات الصلبة لجل فئات المجتمع، بأنها صارت في متناول الراغب في استهلاكها، بعد أن أصبحت تُعرض بصنف آخر يطلق عليه "البوفا" بأسعار تتراوح ما بين 100 درهم و50. وإذا كانت الجودة تختلف حسب الصنف المرغوب فيه والثمن المؤدى، فإن المقبلين على مخدر البوفا بالمغرب ارتفع عددهم بشكل قياسي، وهو ما دفع تجار الممنوعات إلى تخفيض الثمن وفق خطة إستراتيجية لاستدراج المستهلكين وضمان إقبال يمكنهم من تحقيق أرباح مالية مهمة، وهذه التسهيلات في ترويج المخدرات جعلت الطبقات المتوسطة أو الفقيرة تتعاطى إلى هذا النوع من المخدرات التي كانوا يعتقدون أنها محصورة على فئة "البورجوازية". وماذا عن التأثير السلبي على الجانب النفسي؟ > من الناحية النفسية، نجد أن التأثير يتمثل في جعل المستهلك يشعر أنه "ارتقى اجتماعيا" وهذا ما يطلق عليه في لغة عالم المخدرات باللغة العامية "تاحنا ولينا كنتنشواو بحالنا بحال مالين لفلوس"، وهذه المصطلحات لها دورها البالغ في التأثير على الجانب النفسي، عن طريق التحفيز نحو الفعل المرضي، وبالتالي تكون له تلك الصورة المزدوجة بين ما هو تخدير وبين انتماء اجتماعي لطبقة معينة، ثم أن هذه الوضعيات تؤدي من الناحية الطبية إلى الإدمان، إذ يجد الشخص نفسه في دوامة يصعب الخروج منها بعد اكتشاف صعوبة التخلي عن استهلاك الكوكايين مهما كان الثمن إلا بمصاحبة نفسية وطبية. كيف يؤثر الإدمان على المستهلك في ما يخص الثقة في النفس؟ > قبل الحديث عن التأثير النفسي "للبوفا"، لا بد أولا من معرفة معنى الإدمان، الذي يبتدئ عندما يدخل جسم غريب الدماغ البشري وتقع تغييرات في أنظمة دماغ الشخص المعني بالأمر، وهو ما يجعل الجسم يحاول التأقلم بشكل أو بآخر مع كمية هرمون "الدوبامين" التي يفرزها الدماغ. ويمكن التأكيد على أن هذا التطور يجعل من البوفا عنصرا أساسيا مطلوبا من قبل دماغ الإنسان، لأن الدماغ حينما يدخله جسم غريب يحاول التأقلم معه لأن الدماغ البشري ذكي، وهنا لا يعود الدماغ مسؤولا وحيدا عن المستوى البيولوجي، إذ يحضر الجانب النفسي الذي يجعل الإنسان يحدث له فضاء يطلق عليه باللغة العامية "الجلسة أو العشرة" وهي طقوس تلعب دورا محوريا في البحث عن هذه النشوة في إطار الجانب النفسي العلائقي الاجتماعي. وكل هذه الأمور تؤدي بالمدمن إلى إحداث استهامات يسميها "أبحث عن الراحة، باغي نشد الستون" وهي كلها مصطلحات تعبر عن حالات وجدانية مرضية، يكون فيها تداخل بين ما هو عصبي وما هو نفسي مع تدخل الجسم الغريب الذي هو "البوفا". وماذا يحصل بعد ذلك؟ > الخطير في الأمر أن النشوة تتحول إلى أعراض مرضية، إذ يُصاب المدمن بالاكتئاب والعياء العام والأرق، حيث يجد صعوبة في النوم، إضافة إلى حصول خلل في التفكير يتسم بوصول المعلومة بشكل بطيء جدا ينعكس على قدرته في الاستيعاب والإدراك. ويكون الإشكال الجوهري، أن المتعاطي "للبوفا"، يحصل له إغراء في بداية الإدمان يجعله يعتقد اعتقادا خاطئا أن ذلك سيبقى بشكل دائم، ويتمثل هذا التحفيز في أن المستهلك يشعر بسعادة لا توصف وإحساس بالفرح لم يسبق له أن عاشه، وهذه من الأشياء التي تلعب على نفسية المستهلك للمخدرات الصلبة في بداية مساره، إلى درجة اعتقاده بأن دماغه أصبح متفتحا ويتميز باليقظة، في حين أنه سيتحول بعد ذلك إلى مخرب للخلايا الدماغية، لتتطور الأمور إلى إدمان واكتئاب وأفكار انتحارية وممارسات إجرامية في حق الغير. وليس هذا فحسب، فعلى المستوى الاجتماعي تتفكك العلاقات مع الشريك إذا كان متزوجا، وفي ما يخص القدرة الجنسية يُصاب بالضعف الجنسي وضياع مال الأسرة، وفقدان العمل وضعف التحصيل الدراسي، وإذا كان للمدمن أبوان يجعلهما ضحية الإحراج أمام المجتمع ما يضطرهما إلى الدخول في علاقة مع مروجي المخدرات لمنحه إياها مقابل تجنب عدوانيته، وفي حال لم يتم الإسراع بإخضاع المدمن لحصص العلاج يجد نفسه مجرما يهدد نفسه وغيره.

“نشوة” تنتهي بهلوسة وإجرام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معامل سرية لإنتاج "كوكايين الفقراء"

تعيينات جديدة بـ "الثقافية"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات