بقلم: ذ. صلاح الدين الشنقيطي(*) لسعيد الناصري الحق في التفكير في مغادرة دفة تسيير الوداد، بعد سنوات طويلة، كان همه الوحيد خلالها تطوير مستوى وداد الأمة، وإبقاؤه فريقا كبيرا، بلاعبين متميزين، وبإشعاع وطني وقاري مميز... وهو ما نجح فيه بالنظر إلى ما أضافته عهدته التسييرية من ألقاب إلى خزانة الوداد... وعلى رأسها لقبان لعصبة الأبطال الإفريقية. للرجل خصاله وميزاته، وله أيضا سلبياته، التي يعرف بها بصدق نفسه... لكن أسلوبه في العمل ناجح... سرية تامة في الصفقات، وفعالية في التدبير، ومصلحة الوداد فوق أي اعتبار، وبحث دؤوب عن كفالة الاستقرار المالي، وانتظامية صرف الأجور، بالإضافة إلى التفكير في العمق، في كل الأشياء، مهما بدت صغيرة... وهنا تحضرني كيفية تنقل الوداد إلى أدغال افريقيا وعبر رحلات مباشرة... من الممكن أن رغبة الرجل في التواري ترجع أيضا إلى مهامه العديدة، لكن عشقه للوداد ولكرة القدم عموما، يجعله يكابد، يعاني، ويحاول أن يوفق على حساب أشياء أخرى... كما أن عدم توفق الوداد في الحصول على لقب البطولة، أو عصبة الأبطال الإفريقية قد يكون أيضا دافعا للبحث عن "استراحة للمحارب"، فالرجل لا يختبئ وراء المبررات، أو أن يحمل السبب للمدرب أو اللاعبين أو أشياء خارج اللعبة... إنه يتحمل مسؤوليته، فقرر ترك المنصب، عبر الدعوة إلى جمع عام، وقبل ذلك، وعد بتصفية كل المشاكل العالقة، سيما المادية منها. ما هي ردة فعل الجمهور؟ جمهور الوداد يعرف الناصري جيدا، ويرحب بإنجازاته، ويضغط من أجل مزيد من العطاء، ويعبر عن آرائه في بيانات رابطته التشجيعية الأشهر "وينرز"... لكنه لم يبخس قط الناصري ودوره في ما وصلت إليه الوداد من شهرة ومن إنجاز ومن عالمية... الجمهور يعتبر الناصري أنجح مسير من زاوية النتائج والاستقرار... وترفع صورته إلى جانب رمزين كبيرين هما المرحوم بن جلون، الأب المؤسس، والمرحوم مكوار، المبدع والمجدد... وعمليا ينسى الباقون... لهذا تعي أن ذهاب الناصري في هذا التوقيت، ودون تحضير بديل في المستوى لن يكون في صالح الوداد المقبل على تحديات كبرى، لعل أقربها زمنيا البطولة العربية في السعودية... سعيد الناصري... ليس في حاجة إلى دفاع لأنه ليس متهما... ليس في حاجة إلى سند... لأن نتائجه تسنده، وحصيلة الوداد في فترة رئاسته تتحدث عنه، بالأرقام... صحيح، أن الوداد لم يوفق في كل الانتدابات التي قام بها، وصحيح أن الوداد لم يعد يعرف استقرارا تقنيا (أربعة مدربين خلال الموسم الماضي)، وصحيح أن الوداد لا زال في بداية الطريق لهيكلة ومأسسة حقيقية للنادي... لكن، ما هو الفريق الذي نجح في ربح كل هذه التحديات؟ لا أعرف ما هو القرار الذي سينتهي إليه سعيد الناصري، أمام إصرار الجميع على البقاء، على الأقل للفترة القصيرة المقبلة... لأن التحديات المطروحة على الوداد لا يمكن أن يحملها، وأن يرفعها إلا رجل مجرب، خبر المجال، واختبرته الأحداث الرياضية بتعقيداتها... الوداد يحتاج إلى إعادة بناء بشري... إلى تغيير جلده بنسبة كبيرة... يحتاج الوداد إلى مدرب كبير وإلى طاقم تقني في مستوى ماضيه وتطلعاته... الوداد يحتاج إلى هيكلة إدارية، واستعادة مكانته ناديا للتكوين، وحاضنة لتفريخ المبدعين... هذا في النهاية، يحتاج إلى فريق تسيري يقوده رجل في مستوى كل هذا... وفي المشهد لا يظهر سوى سعيد الناصري... (*) عضو مجلس النواب