المشاركة في الإضرابات يترتب عنها خصم الأجرة والنقاط الإدارية تعالت أصوات عدد من الأساتذة المضربين في الفترة الأخيرة، بعد اكتشاف حرمانهم من الترقية أو الحركة الانتقالية، بعد خصم نقاطهم الإدارية، نتيجة مشاركتهم في الإضرابات، والتي تعتبرها الوزارة غيابا غير مبرر، يستوجب خصم أجرة أيام الإضراب، وتخفيض النقاط الإدارية. ولم تكتف الوزارة "بعقاب" الأساتذة المضربين، بالخصم من أجورهم فحسب، بل امتد الأمر إلى نقطهم العددية الكاملة المتعلقة بالترقية، وخصمها من رصيدهم، رغم مشاركة بعضهم في إضرابات دعت لها تنظيماتهم النقابية، لكن عدم إخراج القانون التنظيمي للإضراب، الذي يحدد أوجهه فتح المجال أمام الوزارة إلى اعتباره غيابا غير مبرر يستوجب الخصم من الأجرة ونقاط الترقية. ووجد الأساتذة أنفسهم أمام معضلة معقدة، فإما الإضراب وتحمل مسؤولية الخصم، أو الرضوخ لتعليمات الأكاديميات. ومن جهة أخرى يتشبث الأساتذة بالحق في الإضراب، الذي أقره الدستور، وهو ما يحرج الوزارة، ويفتح الباب أمام الأساتذة لاتهامها بمخالفته، باعتباره يضمن الحق للموظف في الإضراب. ولم يتمكن عدد من الأساتذة الذين كانوا يمارسون الإضراب، من الحصول على الترقيات الإدارية، التي كان بإمكانهم نيلها لولا الخصومات المتكررة من رصيد نقطهم، كما لم يستفد جزء منهم من الحركة الانتقالية للسبب نفسه. ويبدو أن الإدارة تستفيد من هذا الوضع، الذي ما يزال فيه قانون الإضراب وقانون النقابات مجمدا، ولم يتم التوافق عليهما إلى حدود الساعة، ولم يتم الإعلان حتى على الخطوط العريضة لهما، قبل أن يأخذا مسارهما داخل المؤسسة التشريعية، إذ سيمكن مرور السنوات من تكريس فكرة أن الإضراب أمر غير عاد، وأنه لا يمكن اللجوء إليه من أجل ابتزاز الدولة أو المؤسسات، كما كان عليه الحال في إضرابات 2012. ورغم أن الإضراب يتم تكييفه اليوم على أنه غياب غير مبرر، ويتم خصم الأجرة والنقاط بسببه، إلا أن جزءا من الأساتذة يتحمل الفاتورة وينزل إلى الشارع للاحتجاج، فما بالك إذا تم تقنين الإضراب، واعتباره حقا مشروعا، فهل سيتأثر المرفق العمومي أكثر، وهل سيتم هدر المزيد من الزمن المدرسي؟ وتشتكي مجموعة من الأسر، التي يتابع تلاميذها تعليمهم في المدارس العمومية، من الإهدار المتكرر للزمن المدرسي، واستعمال التلاميذ دروعا للاحتجاج في بعض المراحل، وبالمقابل نجد أن أساتذة التعليم الخصوصي لا يحتجون ولا يهدرون الزمن، رغم أن ظروفهم أسوأ بكثير من تلك التي وفرتها الدولة لأساتذة التعليم العمومي. عصام الناصيري