جمعيات تفرض أسعارا حارقة وتغير وجهة الأطفال إلى الأودية المميتة في وقت يعيش فيه المغرب بداية صيف حارق، ببلوغ درجات الحرارة مستويات مرتفعة جدا، وحلول العطلة الصيفية، وجد أغلب أطفال المدن غير الساحلية أنفسهم "ممنوعين" من دخول المسابح العمومية بسبب أسعارها الحارقة، التي تتجاوز قدرة أسرهم المالية. وحسب معطيات حصلت عليها "الصباح"، فإن مدنا من قبيل مراكش وفاس وأزيلال وبني ملال وغيرها، التي تسجل درجات حرارة عالية، فوض تدبير مجموعة من المسابح العمومية فيها إلى جمعيات، فرضت أسعارا غير معقولة للدخول، ما حرم مجموعة من الأطفال من حقهم الطبيعي في الاصطياف، والسبب الوحيد أن أسرهم فقيرة، علما أن المسابح نفسها شيدت في إطار برنامج مبادرة التنمية البشرية. وفي هذا الإطار، اطلعت "الصباح" على إعلان لإحدى الجمعيات التي تدبر المسبح الوحيد الموجود في أزيلال، تعلن فيه افتتاحه أمام العموم، غير أن أسعار التذاكر حارقة، وهو ما استفز مجموعة من الأسر والأطفال، الذين كانوا ينتظرون افتتاحه بفارغ الصبر. وحسب إعلان الافتتاح، فإن سعر الدخول للأطفال أقل من 15 سنة حدد في 30 درهما، بينما بلغ سعر الدخول للذين تفوق أعمارهم 15 سنة في 50 درهما، وهو ما أثار غضب السكان، فكيف يمكن لأسرة أن توفر 30 درهما يوميا من أجل استفادة طفلها، فما بالك إذا كان لديها أكثر من طفل. وربطت "الصباح" الاتصال مع رئيس بلدية أزيلال لاستفساره عن موقفه، وقال إن المشروع لا يدخل في اختصاصه، وأنه تابع لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان وزارة الداخلية، وأنه شيد في إطار مبادرة التنمية البشرية، وأن الجماعة ستشرع في تشييد مسبحها الخاص. ورغم أن المشروع شيد في إطار مبادرة التنمية البشرية، بمعنى أنه موجه لعامة الناس، وخاصة الفئات المعوزة، غير أن أحد المتضررين قال في حديثه مع "الصباح"، إن المشروع أصبح رهينة في يد أبناء موظفي وأعيان المدينة، وأن الفقراء لا يستطيعون دفع سعر 50 درهما للشخص الواحد يوميا، مرجحا أن يكون الهدف من السعر المرتفع منع أطفال الفقراء من الاختلاط بأطفالهم، حسب قوله. وأدت مثل تلك الممارسات التي تقترف في حق أطفال الأسر المعوزة في الهوامش البعيدة عن أعين الرأي العام، وأحيانا حتى مؤسسات الرقابة، إلى تغيير وجهة الأطفال إلى الوديان و"الضايات"، التي يموت فيها العشرات سنويا، لأنها غير صالحة للسباحة، لذلك يبقى السؤال المطروح أين سيحتمي أطفال مدينة مثل أزيلال من الحرارة المفرطة في غياب المسابح العمومية والشواطئ واحتكار مشاريع المبادرة؟. عصام الناصيري