أوراق من ذاكرة رويشة /رويشة: خنيفرة ما زال ما لقات راجلها

تدرج محمد رويشة في سلم الشهرة والأمجاد الفنية، فمن ليال فنية مغلقة إلى حفلات وليال عائلية، فسهرات عامة بمناسبات وطنية، لكن وصوله إلى مسرح محمد الخامس سنة 1980، كان أبرز حدث في مسيرته الفنية التي بناها بطول معاناة وصبر كبير، وعناد طفولي. لقد كانت الحفلة الفنية التي أحياها بمسرح محمد الخامس بحق قنبلة نوعية في مسيرته الحافلة بالعطاءات ..ولعل جريدة "الرأي" المغربية أصابت حين خصصت مقالا عن هذا الحدث بمقالها تحت عنوان "محمد رويشة قنبلة الموسم الغنائية".لقد أدى المرحوم محمد رويشة رفقة بامولود وشريفة كرسيت قطعا غنائية بالأمازيغية والعربية ..وتفاعل معه الجمهور بشكل كبير ولافت للانتباه، وهو ما زاد في ثقته في نفسه وفنه وأدائه .. فخاض في ما بعد تجارب إحياء سهرات فنية كبرى بالعواصم الأوربية كباريس وبروكسيل ومدريد ..بل وصل إلى اليابان، حسب ما أشار إليه الباحث عبد المالك حمزاوي، في كتابه التوثيقي "محمد رويشة / الإنسان والذاكرة"..وكان رويشة يرفض السفر بالطائرة، وهو الأمر الذي حال دون وصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي استعمل النقل البري والبحري للوصول إلى العواصم الأوربية..وكان يروي لنا إحساسه بالفخر والاعتزاز بلقاءاته الفنية بالجالية المغربية، ويعتبر سهراته نوعا من إحياء صلة الرحم بمغاربة العالم.. لكنه في الوقت نفسه كان يتألم بطريقته، وهو يقارن بين الهنا وهناك.ذات ليلة من تسعينات القرن الماضي، وكان قد عاد لتوه من سهرتين، قدمهما بمسرح الأولمبيا بباريس، قال لنا بروحه الساخرة: "كل شيء مر على أحسن ما يرام، وخلال إقامتي بباريس، قبل وبعد العرضين أصبت بحزن لأني كنت أقول لبامولود أريد أن أرى قليلا من النفايات في جنبات الطريق .. أن ألمس الغبار على الإسفلت أو الجدران.هنا أدركت أن فرنسا قطعت مسافات ضوئية في التقدم، فيما نحن ما نزال نلتمس الطريق.وفي سياق انشغال رويشة بهم المغرب ككل وكل ما يتعلق به، كان له موقف مبدئي من الانتخابات الجماعية والبرلمانية خاصة على عهد إدريس البصري، وبعده أيضا بسنوات ليست قليلة. كان رحمه الله مقتنعا بأن هؤلاء المتهافتين على التزكيات والترشيحات، لا يمكن لهم في حالة خنيفرة إلا أن يكونوا ممثلين على السكان لا ممثلين لهم..وكان رافضا أن يظهر في الصورة مع حزب أو شخص، فقد كان يقول: " أنا ولد الشعب، ديال الجميع .. والتصويت شهادة.. والشهادة نتحاسب بها أمام الله ".كان رحمه الله مقتنعا أن خنيفرة مجموعة من الإمكانيات والمؤهلات الطبيعية التي تؤهلها لأن تلعب دورا طلائعيا في السياحة، وتكون قاطرة تنموية لجهة مكناس تافيلالت .. ويروي لنا رحمه الله كيف أن عاملا من عمال إقليم خنيفرة نحتفظ باسمه استدعاه إلى مكتبه بمقر عمالة إقليم خنيفرة. وبعد أن استقبله بما يليق به من حفاوة وترحيب قال له العامل، نريد أن نستشيرك في كيفية استثمار المناطق السياحية بخنيفرة، فكان رده البديهي والسريع: "ما حد الطرقان عندهم عرض استيلو بيك، ما كاين لا استثمار ولا سياحة ".وفي مناسبة، وعلى هامش حدث رياضي، سأله المرحوم محمد أبو الصواب، وكان البث مباشرا: ماذا عساك أن تقول للمجلس البلدي بخنيفرة؟ فكان جوابه رحمه الله :" الراي شوار، على أعضاء المجلس البلدي أن يحسنوا الإنصات للشباب، وعليهم أن يفتحوا أعينهم على جميع أحياء خنيفرة .. فما تزال أحياء تفتقر إلى الإنارة العمومية، وما يزال مشكل الطرقات مطروحا.. ناهيك عن مشكلة الماء الشروب، وخلاصة القول: أتمنى لأعضاء المجلس البلدي التوقيف.ضحك محمد أبو الصواب، وعقب قائلا: تقصد التوفيق.. فرد عليه محمد رويشة بنبرة قوية: " أقصد التوقيف االاخ راهوم ما خدامينش".كانت خنيفرة المدينة والسكان، حاضرين في أحاديث المرحوم محمد رويشة، وفي تصريحاته للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع .. لم يكن في يوم من الأيام راضيا على واقعها المعيش.. كان يردد: إنها بأم الربيع يجب أن تكون أجمل من مدينة إفران، وكان عزاؤه في جملة لطالما رددها في مثل هذه النقاشات:" خنيفرة .. مازال مالقات راجلها". إعداد: أحمد هيبة

أوراق من ذاكرة رويشة /رويشة: خنيفرة ما زال ما لقات راجلها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نساء يضللن العدالة : مهاجرة تخبئ الكوكايين في مهبلها بالمطار

جرائم هزت البيضاء : صاحب الكوكايين الذي أنذر الأمن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات