الجنس مثل الماء "يحفر" باستمرار من أجل "الخروج" والجيل الجديد من بائعات الهوى يساير العصر يلقي الإقبال المكثف على "الدعارة- نيت"، من قبل البائعات والمشترين "الافتراضيين"، ظلالا كثيفة على العلاقة بين بعض المغاربة والممارسة الجنسية المطبوعة بكثير من التوتر والالتباس، لأسباب تاريخية ودينية واجتماعية وثقافية. ووحده الجنس يؤمن بمقولة "للي عندو ثقبة وحدة الله يسدها عليه"، أو "الله يسدها ليه" على الأصح، إذ كلما ضاق سوق للدعارة، وانتشرت حوله الأعين والجواسيس والحرس والقانون، كلما فتح له مجال آخر للعيش والنمو، وإن تعلق باستغلال "فاحش" لأحدث ما جادت به عوالم التكنولوجيا. الجنس مثل الماء، لا يمكن الإغلاق عليه في مكان واحد، إذ يظل يحفر ويحفر، ثم يحفر، حتى يجد له منفذا يتسرب منه إلى الحياة، ويبذل مجهودات جبارة، من أجل الوصول إلى ذلك، في مجتمعات تقليدية ومحافظة مثل المغرب، يغطي حرية الجسد بوابل من السياجات والدعاوى والفتاوى ولائحة طويلة من المحرمات. والحقيقة أن بائعات الجنس ووسيطاته، لا يحتمين بتقليعة مواقع التواصل الاجتماعي، هدفا في حد ذاته، بل وسيلة للانعتاق والإفلات من الرقيب الذي قد يضيع بين خيوط العنكبوت، وهو يبحث عن "موعد غرامي"، أو رسالة مشفرة حول تفاصيل علاقة حميمية مؤدى عنها، تنطلق من الافتراضي وتصل إلى "غرفة النوم". وهذا التواصل الجنسي الافتراضي المختلف، الذي يمارس بطرق ووسائل أخرى سواء بالنسبة إلى النساء أو الرجال، يعطي مصداقية لعدد من الأطروحات والدراسات الأنثروبولوجية والسوسيولوجية التي تناولت علاقة المغاربة (العرب والمسلمون عموما) بالجنس، وكيف بدأ عدد منهم يتحرر، في الخفاء على الأقل، يتمرد على عدد من الضوابط الدينية والاجتماعية التي كانت تحصر الجنس في قواعد معينة لا ينبغي الانزياح عنها، وإلا دخلت في دائرة الحلال والحرام. ففي وقت سابق، شكل، مثلا، وجود عاهرات بديلات من مادة "السيلكون" صدمة كبيرة وسط فئات مختلفة من المجتمع، عبر عنه عدد من التعليقات وردود الأفعال الأولية التي اعتبرت ذلك فضيحة، ودليلا على أمراض جنسية متفشية في أوساط "الذكور" وكبتا مستشريا في أوساطهم، في المقابل، وهو ما يحدث اليوم بأشكال مختلفة عبر هذا الطلب المرتفع على الجنس باستعمال خدمات الانترنيت والوسائل المتاحة فيه (صور، فيديوهات، دردشة، تبادل، تفاوض"، للوصول إلى النتيجة نفسها تقريبا، وهي تلبية حاجيات إنسانية اضطرارية، بعيدا عن عيون السلطة. هذا الانتقال الجنسي في المغرب انتبه إليه، منذ زمن بعيد، باحث مغربي جميل في السوسيولوجيا اسمه عبد الصمد الديالمي، صاحب النظرية الجنسانية عندما قال "عندما نلقي نظرة على الجنس وعلى حالته في المغرب، نجد عدة ممارسات جنسية كلها تندرج ضمن مفهوم الانفجار الجنسي من قبيل: الجنس قبل زوجي والجنس خارج زوجي والتحرش الجنسي في الفضاء العمومي والعمل الجنسي رجالي ونسائي والاتجار في البشر والقوادة والمثلية الجنسية والسياحة الجنسية والجنس من أجل الهجرة والجنس عبر الأنترنيت". ويرى عالم الاجتماع أن هذه الظواهر تعكس انفجارا جنسيا يندرج ضمن نظرية الانتقال الجنسي، مما يدل على أن هناك ابتعاد الممارسات الجنسية المغربية عن المعيار الديني، وهو الابتعاد الذي يستغل من قبل الحركات المحافظة، وبالأساس القوى "الإسلاموية"، ورقة سياسية لانتقاد النظام السياسي القائم. يوسف الساكت