تعطل النظام المعلوماتي يدفع المتقاضين للتنقل من مدن بعيدة نحو المحاكم لمعرفة مصير ملفاتهم رغم صرف وزارة العدل منذ عشر سنوات ميزانية مهمة على رقمنة المحاكم، من أجل تسهيل الولوج إليها، وتبسيط الإجراءات الإدارية لفائدة المتقاضين، ظل النظام المعلوماتي الخاص بها يثير متاعب للمتقاضين، في انسجام مع العبارة الشهيرة "من الخيمة خرج مايل". ويسقط هذا النظام في العطالة، إذ رغم تضمينه محتويات مهمة ومفصلة، تسهل على المتقاضي تقصير المسافة والوقت، ومعرفة مآل جلساته، والاتهامات المنسوبة إليه، والقرارات القضائية الصادرة لفائدته أو ضده، ومتابعة الأطراف المدنية لحقوقهم أيضا، دون العودة إلى المحامي أو مسؤولي المحكمة أو التوجه إلى الغرفة المختصة، مازال هذا البرنامج الرقمي، يطرح إشكالات عويصة، إذ لا يمر شهر دون تعطله، وترك المرتفقين والمنتسبين إلى المهن القضائية تائهين، إذ عليهم انتظار دخول الشركة المكلفة بصيانة هذا البرنامج، وإعادة إصلاحه. وتحدثت "الصباح" إلى مواطنين اضطروا إلى التنقل من مدن بعيدة كطنجة وتطوان وشفشاون ووزان والعرائش، يتابعون أمام غرف جرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وحينما يتأخر النظام المعلوماتي في نشر قضاياهم، يضطر بعضهم إلى التوجه إلى قصر العدالة الجديد بالعاصمة الإدارية للمملكة للاستفسار عن قضاياهم سواء كانوا ضحايا أو متهمين، والأمر نفسه لمتقاضين بالدائرة القضائية لمكناس، حيث يقطنون بجبال الأطلس المتوسط، وفي حال تعذر اشتغال الصفحة الخاصة بتتبع قضايا المحاكم، يخلق لهم مصاعب جمة، حيث عليهم انتظار عودة البرنامج المعلوماتي لمعرفة مصير الأحكام الصادرة ضدهم أو لفائدتهم. لكن المتضررين أكثر من البرنامج الرقمي للمحاكم الذي لم ير طريقه الصحيح بعد، هم المتقاضون بمدن الجنوب، سيما القاطنين بالداخلة والسمارة وبوجدور...، حيث يعانون الأمرين في حال تأخر البرنامج المعلوماتي لمحكمة الاستئناف الوحيدة بالعيون عن الاشتغال، وعليهم قطع مئات الكيلومترات للاستفسار عن مآل شكاياتهم وملفاتهم المعروضة على القضاء سواء الزجري أو المدني، وفي بعض الأحيان عليهم السفر عبر الطائرة إلى مراكش لمتابعة قضاياهم المتعلقة بجرائم الأموال، أما حكايات المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية وغرفة الاستئناف بها، فهذه قصص أخرى لضحايا برنامج رقمنة المحاكم. ولا يخلق تعطل البرنامج المعلوماتي للمحاكم مصاعب للمتقاضين فحسب، بل حتى المحامون وباقي المنتسبين للمهن القضائية، يواجهون صعوبات كبيرة، سيما من قبل أصحاب البذل السوداء المنتمين إلى هيآت خارج نفوذ محاكم الدوائر القضائية التي يترافعون فيها. عبد الحليم لعريبي