استهتار بضوابط صرف دعم الدولة وورطة في ملفات فساد تهدد بسقوط منتخبيها لم تقف صكوك الاتهام التي تورط الأحزاب في مستنقع التلاعب بالدعم المقدم لها من الدولة، بل طوقت مساطر المتابعة عددا من منتخبيها في عشرات الملفات المحالة على القضاء، ومنها التي ما زالت قيد البحث والتحري وتنذر بسقوط المزيد، في ظل توجس عام من حملة تطهير قد تعصف بالصالح والطالح. اختلالات تفضح الريع غياب الشفافية في الحسابات والمبالغة في الفواتير وتلاعبات مرصودة في مساطر التصريح بالممتلكات لم تتمكن الأحزاب السياسية، من حل معضلة الاختلالات التي تعانيها ماليتها، بسبب سوء التدبير واستغلال النفوذ وتحويل المال لأغراض شخصية نفعية ذاتية، لذلك حينما ينتخب قادتها أو أطرها أو مناضلوها في مؤسسات المجالس الترابية، والجهوية والبرلمانية، وبعضهم قد يحصل على حقيبة وزارية، لا تجده متشبعا بالحكامة المالية في التسيير والتدبير. وبدون إصلاح شامل لعمل الأحزاب السياسية، وطرق الاشتغال، لن يقع تغيير كبير على مستوى تدبير المؤسسات، بل إن زعماء وقادة أغلب الأحزاب يقدمون تصاريح كاذبة عن ممتلكاتهم، ولن يتمكن قضاة المجلس الأعلى للحسابات من إجراء مقارنة بين التصريح الأولي قبل تولي المهمة الانتدابية والتصريح الأخير، بل لا يتم مقارنة تصاريح برلماني واحد تمكن من دخول البرلمان لأزيد من خمس ولايات، أو وزير. وقال المجلس الأعلى للحسابات، إنه يضطلع بدور مهم في الإسهام في محاربة الفساد، الذي يعتبر آفة متعددة المظاهر والانعكاسات، إذ تم إعداد التقرير السنوي، وفق المقاربة الجديدة، المعتمدة في إطار التوجهات الإستراتيجية للمحاكم المالية لفترة 2022 و2026 والرامية إلى تجويد مضمون هذا التقرير وتسهيل مقروئيته والارتقاء بوظيفته حتى يكون، بالإضافة إلى دوره آلية لتكريس مبدأ المحاسبة، أداة للتوجيه والمواكبة والمساعدة على اتخاذ القرار وتحسين الأداء وتدارك المخاطر المحتملة. وركز المجلس الأعلى للحسابات على الإشكاليات الكبرى ذات الصلة بالتدبير العمومي، مع عرض سبل الإصلاح والتوصيات المقترحة لتحسين تسيير المالية العمومية، وتدبير المرافق العمومية، والأجهزة والبرامج والمشاريع التي شملتها المراقبة أو التقييم وتتبع مدى تنفيذها، وكذا مآل التدابير والإجراءات والأحكام والقرارات القضائية التي أصدرتها المحاكم المالية. وتمت مراقبة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع، بإنجاز 200 مهمة رقابية من قبل المحاكم المالية خلال 2021، منها 24 أنجزت من قبل غرف المجلس الأعلى للحسابات، تكتسي طابعا موضوعاتيا، و176 مهمة على مستوى المجالس الجهوية للحسابات الاثنتي عشرة. وأكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن 13 حزبا لم تقم بإرجاع مبالغ الدعم إلى خزينة الدولة حتى نهاية 2022، بما مجموعه 10.32 ملايين درهم، أي أزيد من مليار سنتيم. ووفقا للمجلس الأعلى للحسابات، فإن العدالة والتنمية لم يقم بإرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة إلى الخزينة بما يقارب 600 مليون سنتيم، بعد استفادته من تسبيق فاق مبالغ الدعم الراجعة له على أساس النتائج التي حصل عليها، بما مجموعه 8.678.12.02 درهما، ومع ذلك قام بإرجاع 2.893.000 درهم من المبلغ المذكور، وأدلى بحسابه السنوي بشكل متأخر وصل إلى 128 يوما رفقة 11 حزبا آخر. وفضح التقرير 7 أحزاب قدمت تكاليف استهلاك الماء والكهرباء والهاتف والكراء وأداء الضرائب والرسوم بواسطة وثائق إثبات معنونة في غير اسم الحزب المعني، وبلغ مجموعها 322.306.14 دراهم، وهي المغربي الليبرالي، والاستقلال، والنهضة والفضيلة، والنهج الديمقراطي العمالي، والمجتمع الديمقراطي، والوسط الاجتماعي، والإنصاف، وعدم دعم جزء من النفقات المصرح بها، من قبل ستة أحزاب بوثائق الإثبات المنصوص عليها في النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، وبلغ مجموع نفقاتها 4.77 ملايين درهم، وتقديم أربعة أحزاب تصريحات وثائقية ناقصة. وفي ما يخص تنزيل العمليات المحسابية في الحسابات الملائمة، سجل التقرير أن خمسة أحزاب لم تقم بذلك، وهي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والاشتراكي الموحد، والنهج الديمقراطي العمالي، والمؤتمر الوطني الاتحادي. ولم تعمد 3 أحزاب إلى إدراج بعض المصاريف المنجزة خلال 2021 على مستوى حساب العائدات والتكاليف، ويتعلق الأمر بحزب الأمل الذي لم يقم بتنزيل المصاريف المنجزة في إطار تنظيم مؤتمره الوطني العادي السادس المنعقد في 2 أكتوبر 2021، والنهج الديمقراطي العمالي، الذي لم يدرج الدعم الذي منحه للجمعية الوطنية لحاملي الشهادات بالمغرب، والاتحاد الدستوري الذي لم يدرج جميع المصاريف التي أنجزها بمناسبة الانتخابات، مكتفيا بتزيل مبالغ الدعم المقدمة لمرشحيه. ولم ترجع 9 أحزاب مبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى خزينة الدولة على مستوى الموازنة في الحساب رقم 445" الدولة –دائنة"، ويتعلق الأمر بالحركة الديمقراطية الاجتماعية، والمؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب المغربي الحر، والخضر المغربي، والوحدة والديمقراطية،، والحرية والعدالة الإجتماعية، والنهضة، والمجتمع الديمقراطي، والديمقراطي الوطني. ولم تحترم 3 أحزاب القواعد المحاسبية لمسك حساب " الصندوق" بأرصدة دائنة أحيانا خلافا لمقتضيات الدليل العام للمعايير المحاسبية التي لا تسمح بذلك، ويتعلق الأمر بحزب الإنصاف، والشورى والاستقلال، والمجتمع الديمقراطي. ولم تقم 3 أحزاب أخرى بإدراج العمليات التي قامت بها نقدا على مستوى حساب" الصندوق"، ويتعلق الأمر بكل من التقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي. واستفاد حزب الاستقلال خلال 2021 من هبة مقدمة، من قبل متبرع بمبلغ إجمالي قدره 1.20 مليون درهم، خلافا لمقتضيات المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 29.11، التي تحدد المبلغ الإجمالي السنوي للهبات، بالنسبة لكل متبرع في مبلغ لا يتجاوز 600 ألف درهم. وسجل المجلس الأعلى للحسابات استغلال الاستقلال لعقارات باعتبارها ملكيته، في حين أن سندات ملكيتها تحمل أسماء أمناء عامين أو أطر عليا سابقة وتحفيظ عقارات دون تحديد قيمتها. أحمد الأرقام