انفجار وشيك بعدما تحرر شباب المخيمات من عقدة الخوف من أجهزة الجبهة وعسكر الجزائر بقلم: الفاضل الرقيبي ما زالت الأصوات ترتفع من داخل خيمة زعيم "بوليساريو" بالرابوني، للتعبير عن رفضها القبضة الأمنية الخانقة، المفروضة على مخيمات الصحراويين، المطوقة بين ثكنات القوات المسلحة الجزائرية، بعدما أعطت أوامر صارمة لما يسمى وزيرة داخلية "بوليساريو"، مريم منت احمادة، بتقييد الحركة داخل المخيمات وفي ما بينها. وأصبحت "الوزيرة" شبه موظفة لدى قيادة القطاع العسكري بتندوف، إذ تم إحداث غرفة عمليات خاصة بتتبع الأوضاع بالمخيمات وإدارة الشؤون، يسيرها ضباط وأمنيون جزائريون، بينما تحضر مريم احمادة من أجل تقديم التقارير حول الوضعية العامة، وتلقي التعليمات المباشرة في ما يخص تدخلات مليشيات "بوليساريو"، خصوصا بعد تناسل الأحداث، التي يبدو أنها ستكون مقدمة لسلسلة هجمات ينفذها الشباب الغاضب على مقرات "بوليساريو" الأمنية، بعدما أصبح الكل مجمعا على أن السلطات الأمنية الجزائرية لم تعد تريد لسكان المخيم أن يتنفسوا الصعداء، بعد أن تجرأ بعض النشطاء والمدونين على فضح حقيقة الواقع، الذي يعيشونه هناك، وأسقطوا دعاية الإعلام والدبلوماسية الجزائيين وما روجا له خلال عقود من الكذب والتضليل. عمدت السلطات الإدارية بولاية تندوف إلى خفض مستويات تدفق الأنترنيت بالمخيم، وفرضت رسوما جديدة على الراغبين في نقل البضائع والمحروقات، وأعلنت عن الجزء الأخير من خطتها الأمنية، والقاضي بإجبار كل تجار المخيمات على التسجيل ضمن سجل التموين المحلي الذي تقوم مديرية التجارة الجزائرية بتندوف بموجبه بتخصيص "كوطا" شهرية لكل تاجر في المخيمات لا يمكنه تجاوزها، كما أوعزت لكل الجنود على حدود المخيمات باستعمال الرصاص الحي لإيقاف أي سيارة تخرج من المخيمات عبر المنافذ المحددة، وذلك في تصعيد خطير، قد يدفع الشارع بالمخيمات إلى انتهاج أساليب جديدة ضد الجيش الجزائري، الذي يبدو أنه يتعامل مع المخيمات بطرق مبالغ فيها. فبعد أن أوقف شباب غاضب، الأسبوع الماضي، صهريج محروقات تابعا لصديق زعيم "بوليساريو"، القيادي سالم لبصير، سارعت مريم منت احمادة لإبلاغ "سكتور" تندوف بوجود مخطط مغربي يستهدف استقرار المخيمات، لكي تتلقى بعد ذلك الضوء الأخضر من السلطات الجزائرية باستعمال القوة المفرطة ضد كل صوت نشاز بالمخيمات، وهو ما سيسرع بانفجار الوضع. خلال الأسبوع الماضي فقط، شهدت المخيمات سلسلة من الأحداث الدامية بسبب اعتقال الشرطة العسكرية الناشط سالم اسويد، والاعتداء على أخته وشقيقه، قبالة بوابة الدخول إلى تندوف تحت أنظار أفراد حرس الحدود الجزائري، من قبل ميليشيا الشرطة العسكرية التابعة مباشرة لمريم منت احمادة، وهو ما أدى إلى رد فعل مباشر من قبل بني عمومته، الذين انضم إليهم شباب غاضب من تسلط قيادة "بوليساريو"، فأحرقوا سيارة ما يسمى الوكيل العسكري، ونكلوا ببعض أعوانه، وتم الهجوم على نقاط أمنية بمخيمي السمارة والعيون، في حين أحبط الأمن الجزائري في الليلة نفسها محاولة بعض الشباب إحراق منزل زعيم "بوليساريو" بمخيم اوسرد، ولا تزال، حتى اللحظة، مليشيات "بوليساريو" في حالة استنفار أمام كل مقرات قياديي التنظيم بالرابوني، بينما تم تهريب المسؤول عن الشرطة العسكرية نحو إسبانيا. ويرى العديد من النشطاء الصحراويين داخل المخيم وخارجه، أن ما تقوم به قيادة "بوليساريو"، خصوصا المحيطين بزعيمها، إنما هو تسريع في قتل ما تبقى من هذا التنظيم على الأراضي الجزائرية، فما شوهد، أخيرا، من أحداث متسارعة في محيط مقر زعيم "بوليساريو"، ومحاولة استهداف منزله، يعتبر سابقة خطيرة، تدل على أن شباب المخيمات تحرر من عقدة الخوف من أجهزة "بوليساريو" وعسكر الجزائر، بسبب كثرة أخطائهم. كما تم تسجيل ظاهرة جديدة وهي وقوف ميلشيا "بوليساريو" المسلحة، وهي تتفرج، مكتفية بحماية مقرات التنظيم، بالإضافة إلى رفض العديد من أعضائها تنفيذ التعليمات، مخافة أن يتعرضوا هم أو أفراد عائلاتهم للاختطاف والتعذيب من قبل الشباب الغاضب، الذي قد لا يتوقف هذه المرة قبل أن يطول انتقامه زعيم "بوليساريو"، المختفي منذ شهرين تقريبا.