تأجيلات ورقمنة معطلة ومحاكمات عن بعد تحد من النجاعة القضائية باستئنافية الجديدة بدت رحاب محكمة الاستئناف بالجديدة خاوية على عروشها، لما ولجناها صباح الأربعاء الماضي بمناسبة انعقاد الجلسة الأسبوعية التي تبت في قضايا رائجة بغرفة الجنايات الاستئنافية. اعتقدنا أول وهلة أن المعروض من القضايا هذا الصباح قليل، وأن ذلك يحيل طبعا على إيقاع مرتفع في التعاطي مع ملفات المتقاضين والمرتفقين، قبل أن نكتشف أن تطبيقات الرقمنة معطلة وأن المحاكمة عن بعد لم يعد ما يبرر استمرارها، وهي من عوامل «إطالة في عمر القضايا الرائجة» وذلك له الأثر السلبي على النجاعة القضائية المنشودة. كانت القاعة رقم 1 التي تحتضن الجلسات الأسبوعية يومي الثلاثاء والأربعاء المرتبطة بالقضايا الجنائية، هذا الصباح شبه فارغة من الحاضرين وأيضا من هيأة الدفاع. صعوبات التبليغات فجأة في ذاك الهدوء الذي يلفها لفا، انطلق صوت جرس العدالة وفتح بابان خلفيان واحد ولجت منه هيأة الحكم والآخر ممثل النيابة العامة بينما استوى رجال الأمن في أماكنهم المعتادة أمام قاعة المعتقلين وبمحيط قفص الاتهام، وباسم جلالة الملك انطلقت الجلسة، بينما شاشة المحاكمة عن بعد هي الأخرى نالت نصيبها من التيار الكهربائي، وبدت جاهزة لربط المحكمة بسجن المدينة. لحظة بعد ذلك أخذ في التعاطي مع الملفات الجاهزة، وفي كل مناداة عاينت "الصباح"، حضور بعض المتقاضين وتغيب آخرين، وهو ما يحيل بالضرورة على تأجيلات تمدد عمر القضايا الرائجة، وتضرب في الصميم مطمح النجاعة القضائية المنشودة. هي تأجيلات يبقى منشأها صعوبات جمة في التبليغات ، لتغيير عناوين المتقاضين أو لعوامل أخرى ، لدرجة أن رئيس الهيأة سمع وهو يقرر منح فرص أخيرة لبعض المتابعين في حالة سراح، قبل تطبيق المسطرة الغيابية في حقهم، بل إن قضية رائجة ذلك الصباح، نادى فيها على جميع الأطراف وحضر فقط شابان كانا بالقاعة ، وتقدم أحدهما لإفادة المحكمة ببعض الأمور، فخاطبه القاضي «هاذ شي احتفظ بيه باش تقولوا لينا في الجلسة القادمة ". بعدها كانت هيأة الحكم مضطرة لتخلي مكانها لهيأة جديدة، عندما تعلق الأمر بحكم منقوض يفرض بالضرورة تغيير الهيأة التي أصدرته. مشاكل الرقمنة عندما نتحدث عن محكمة الاستئناف ذلك الصباح، لا يعني إطلاقا تبخيس مجهودات كبيرة تبذل من الرئاسة الأولى، لرفع منسوب النجاعة القضائية بالدائرة الترابية لمحكمة الاستئناف التي تشمل إقليمي الجديدة وسيدي بنور، وذلك يتم التأكد منه من الإحصائيات السنوية التي يعلن عنها بمناسبة افتتاح كل سنة قضائية جديدة. ولكن تظل المعضلة في انخراط محاكم المملكة في الرقمنة، التي تفرض تجهيزات بقدر كبير من التطور والفعالية والتمنيع ضد التوقفات التي تصيبها باستمرار، والتي تعطل السير العادي للقضايا والمواعيد وتلقي بثقلها بأعباء واضحة على هيأة الدفاع، التي تصطدم بسلبيات توقف التطبيقات الرقمية، ذلك ما أفادنا به أحد المحامين. وقال المحامي نفسه في تصريح لـ "الصباح"، "ها أنتم ترون توقف التطبيق الرقمي هذا الصباح ، ونحن نؤدي مقابل ذلك فاتورة الانتظار إلى حين عودة الصبيب وتشغيل الخطوط ، وهذه مسؤولية وزارة العدل التي يتعين أن تضمن تجهيزات بفعالية أنجع بمختلف محاكم المملكة ، لأن النجاعة القضائية لا تتحقق بتجهيزات متوسطة". هي نفسها معاناة الموظفين والمتقاضين والمرتفقين الذين يصطدمون بين الفينة والأخرى بمشاكل رقمنة، تفرض عليهم التردد مرارا على مصالح المحكمة لقضاء أغراضهم ، وذلك يكلفهم الشيء الكثير، خاصة إذا لم يكونوا من قاطني الجديدة. مطالبة ضمنية بوقف المحاكمات عن بعد عاينت "الصباح"، نزوعا من العديد من المحامين نحو التعاطي مع القضايا الرائجة بالحضور الفعلي للمتابعين في حالة اعتقال، وكأنه اتفاق ضمني من جانبهم بضرورة العدول عن "محاكمات الشاشات" التي هي الأخرى تعاني عدم وضوح الأصوات، وما إلى ذلك من مشاكل تقنية. وفي هذا الصدد صرح لنا أحد المحامين " لا أرى مبررا لمواصلة المحاكمات عن بعد سيما في القضايا الجنائية التي تفرض حضور المتهمين أمام هيأة الحكم، فإذا كانت الظروف الأمنية المرتبطة بصعوبة نقل المعتقلين من السجون إلى المحاكم ، كما الحال في مدن كبرى من بينها البيضاء، تفرض المحاكمات عن بعد، فإنه في مدن صغيرة كالجديدة ليس هناك من مسوغ يفرض استمرارها في ظل سهولة نقل المعتقلين إلى محاكم المدينة . ونحن نغادر رحاب قصر العدالة لاحظنا إزالة الكراسي التي كان يجلس عليها المتقاضون وذوو الاحتياجات الخاصة والمحامون وكل شركاء الشأن القضائي، ولا أحد أجابنا عن أسباب ذلك، ويبقى السؤال المطروح من أزال تلك الكراسي ؟ وتلك معاناة أخرى وإلى أجل غير مسمى عبد الله غيتومي (الجديدة)