دفع ثمن الانطلاقة الخاطئة وبيع الوهم وغرق في الأزمة دفع الرجاء الرياضي ثمن الانطلاقة الخاطئة لمرحلة الرئيس عزيز البدراوي، ليخرج خاوي الوفاض من عصبة الأبطال الإفريقية، والبطولة الوطنية، فيما بات مهددا بعدم المشاركة في أي مسابقة خارجية الموسم المقبل. وإضافة إلى الإخفاق الرياضي، تفاقمت الأزمة المالية للرجاء، في عهد عزيز البدراوي، وتراكمت المستحقات العالقة للاعبين، ما يؤكد عجز الرئيس عن حل المشاكل المالية التي جاء من أجلها. "غادي نبلبلها" تحولت الوعود الكبيرة التي أطلقها الرئيس عزيز البدراوي إلى ضغط كبير عليه وعلى النادي، خصوصا بعد فشله في الوفاء بها، خصوصا على مستوى جلب اللاعبين وحل المشاكل المالية. وقال البدراوي بعد انتخابه إنه سينتدب لاعبين كبارا، وسيطهر النادي من "الكرارس"، في حملة لخصتها عبارة "غادي نبلبلها"، التي جاءت على لسانه، لكن عدم الوفاء بهذه الوعود جعل الرجاويين يعتقدون أن الرئيس باعهم الوهم. وسقط الرئيس المستقيل في أخطاء قاتلة في الانتدابات، وفشل في انتداب لاعبين راهن عليهم، خصوصا ياسين البحيري الذي انتقل إلى نهضة بركان، وأدم النفاتي الذي جدد عقده مع الجيش الملكي، وزين الدين الدراك، الذي انتقل إلى الفريق العسكري في آخر لحظة، كما فشل في جلب مهاجم إفريقي يمارس بفرنسا، وعد الجماهير به. وفي المقابل، جلب البدراوي لاعبين لم يقدموا أي إضافة، مثل أكسيل مايي وعبد الرؤوف بنغيث وعبد الإله الحافظي ووليد الصبار، بل ضمنهم لاعبون لم يلعبوا أي مباراة، مثل الجزائري المهدي بوكاسي، والليبيري ويليام. وفرط النادي في لاعبين شكلوا نواة المجموعة التي فاز بالبطولة رفقة جمال سلامي، مثل عمر العرجون ومحسن متولي. أين فريق الملايير؟ تعهد البدراوي في تحويل الرجاء إلى ناد للملايير، وتقليص الديون، ونجح في رفع المنع من الانتداب، لكنه استسلم أمام هول الأزمة المالية التي يتخبط فيها النادي وكثرة ملفات الديون والنزاعات، التي ظلت تتهاطل عليه منذ انتخابه. ولم يف الرئيس بوعوده بخصوص التعاقد مع مستشهرين كبار، لحل الأزمة بشكل نهائي، كما لم يتمكن من فتح مدارس في مختلف المدن، وإطلاق قناة تلفزيونية، رغم أنه تعهد بذلك. وعلى العكس من كل ذلك، تفاقمت أزمة الرجاء، وتراكمت المستحقات العالقة، في الوقت الذي يطالب فيه اللاعبون الحاليون بمنح التوقيع وواجبات كراء الشقق التي يقيمون فيها، الأمر الذي انعكس على المناخ العام داخل الفريق. وأحبط البدراوي الرجاويين، بعدما أطلق حملة جمع التبرعات، "رجا معانا"، التي أتت في موسم كان فيه المشجعون يعتقدون أن فريقهم سيعيش فترة رخاء مالي، عوض الأزمة التي وجد نفسه يتخبط فيها. أين نتائج الافتحاص؟ تعهد عزيز البدراوي بتقديم نتائج عملية الافتحاص، التي قال إنه أنجزها عن طريق مكاتب مختصة، لمالية النادي في الفترة السابقة، والتي شهدت تراكما كبيرا للديون، رغم استفادة النادي من عائدات كبيرة، بفعل تتويجه بكأس محمد السادس، وكأس الكنفدرالية الإفريقية، وصفقات تسريح سفيان رحيمي وبين مالانغو وبدر بانون. وتجاوبت الجماهير مع إعلان البدراوي، وأطلقت حملة كبيرة لدعمه، لكنه تكتم على النتائج في نهاية المطاف، ما جعله يخسر نقاطا عديدة من شعبيته. لماذا الانطلاق من الصفر؟ رغم توفر الرجاء على قاعدة كبيرة من المنخرطين والمسيرين، لكن البدراوي ارتأى الانطلاق من الصفر، بوضع قطيعة مع كل تلك الكفاءات وتعيين وجوه جديدة في مكتبه المسير. ورغم تلك القطيعة، التي تمت بمباركة الجمهور، فإن المنخرطين واصلوا دعم البدراوي، قبل أن يخيب ظنهم في نهاية المطاف. ووعد الرئيس بعقد اجتماعات دورية مع المنخرطين، والتشاور معهم حول هموم النادي، لكنه اكتفى بعقد لقاء واحد معهم، منذ انتخابه. كما التزم البدراوي بضم كفاءات من قطاع المال والأعمال إلى مكتبه، لمساعدته في تطوير النادي، لكنه لم يف بذلك. البنزرتي... السقوط في المحظور سقط عزيز البدراوي في المحظور، عندما تعاقد مع المدرب التونسي فوزي البنزرتي، رغم أنه كان موقوفا ويتعذرعليه قيادة الفريق في المباريات. ودفع الرجاء غاليا ثمن التعاقد مع البنزرتي، الذي سايره الرئيس في كل أهوائه، واستجاب لمطالبه، بخصوص التعاقدات، إلى أن تورط النادي في صفقات فاشلة. وإضافة إلى تلك الصفقات التي أشرف عليها وكلاء معروفون في الكواليس لم ينتبه إليهم البدراوي، اضطر الفريق إلى الانطلاق من الصفر مرة أخرى، بإقالة البنزرتي، مخافة خسارة النقاط، ليتم التعاقد مع منذر الكبير. وبغض النظر عن التوقيف، فإن البنزرتي لم يكن رجل المرحلة، بإجماع الرجاويين، بالنظر إلى تقدمه في السن، وفشل أغلب تجاربه في السنوات الأخيرة. تراكم المستحقات... الأزمة الصامتة في الوقت الذي كان فيه الرجاويون يتحسرون على ضياع حلم البطولة والإقصاء من عصبة الأبطال الإفريقية، كان مستودع ملابس النادي يغلي بفعل تراكم مستحقات اللاعبين. واستسلم البدراوي لهول الأزمة المالية التي يتخبط فيه النادي، والتي تتفاقم يوما بعد يوم، بسبب تهاطل ملفات النزاعات والديون، التي تعود على الفترة الرؤساء السابقين. ودبر البدراوي مجموعة من الملفات، لكنه استسلم في نهاية المطاف أمام حجم الأزمة، وتراكم مستحقات اللاعبين الحاليين، التي تحولت إلى ضغط كبير في محيط النادي، ينضاف إلى أزمة النتائج، وغليان الجمهور، منذ التعادل في الديربي أمام الوداد، والتعادل في الميدان أمام شباب السوالم، ثم الإقصاء من عصبة الأبطال الإفريقية. مكتب هش لم يستفد عزيز البدراوي من المكتب المديري الذي شكله، والذي لم يقدم أي إضافة على جميع المستويات. ولم يدبر الأعضاء الذين استعان بهم البدراوي في مكتبه مجموعة من الملفات، خصوصا على مستوى الدعم المالي والتواصل وتخفيف الأعباء عن النادي. ولم يستطع اغلب الأعضاء مقاومة الضغوط التي يفرضها ناد من هذا الحجم، واضطر عدد منهم إلى التنحي بعد مرور أشهر على انتخابهم. ووجد البدراوي نفسه وحيدا في مواجهة أزمة، جاء ليكون جزءا من حلها، فإذا به يصبح جزءا منها. إنجاز: العقيد درغام