العيد صار رهينا بالضغوطات الاجتماعية التي تأخذ طابع الإلزام «فرحة العيد» مقولة تتردد في أرجاء المغرب تلخص كثيرا من مظاهر عيد الفطر. فرحة الأطفال الذين حصلوا على لباس جديد للعيد، وفرحة الأهل بتجمعهم وتبادلهم التهاني والأماني الطيبة وتناول ما لذ وطاب من الحلويات، وفرحة من أتم شعائره وطقوسه الدينية المرتبطة بشهر رمضان. هذه هي الصورة المثالية التي تشكلت عن عيد الفطر طيلة قرون، لكنها خلال السنوات الأخيرة صارت رهينة بالضغوطات الاجتماعية التي تأخذ طابع الإلزام وتصبح مؤشرا من المؤشرات الاقتصادية وعلامة على المباهاة والتفاخر المرضيين، وتتجلى أيضا في العلاقة داخل الأسر بين الأب وربة البيت أو الزوجة، وكذلك أمام الجيران والمحيط القريب، وهنا تتجاوز الجانب الروحي والتضامني، وتأخذ شكل التنافس الاقتصادي. تزداد كلفة عيد الفطر سنة عن أخرى مع ارتفاع الأسعار ويزداد ارتفاع الطلب مع ارتفاع عدد السكان وعدد الأسر ومع ذلك ما زال هناك تهافت على اقتناء ملابس العيد، رغم الأزمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها على مختلف الأسر، وبالنظر إلى ارتفاع الأسعار في كل المجالات، الأمر الذي جعل من لحظة العيد كابوسا يقض مضجع أرباب الأسر. المجتمع المغربي يعرف، عبر تاريخه، أشكالا شتى من الأزمات النفسية والاجتماعية، وتشكل المباهاة والتفاخر شكلا من أشكال تمظهرات الأزمة، لكن في المقابل الملاحظ أن بعض الأسر الميسورة أو المتوسطة، صارت تغير عادة الاحتفال، بل إن بعضها صار يستغني عن هذه المناسبة. بينما ما زالت الطبقات الشعبية متمسكة بهذا الطقس بطريقة أقرب إلى العدوى من الطرق المستحدثة التي تسير في اتجاه تكريسه طقسا إلزاميا يفضي إلى نوع من التطرف في تفسير النصوص الدينية وإفراغها من مضمونها الروحي لإكراهات اقتصادية وصعوبات، تقض مضجع الكثير من الأسر بالتزامن مع كل عيد فطر تجعل فرحة العيد مغلفة بنوع من الضيق وإحكام الخناق على الأسر، لكن وبفضل حس التضامن و التكافل الاجتماعي النابعين من القيم الأصيلة المتوارثة لدى المغاربة، فإنها ستستمر بشكل عام حيث يعتبر ذلك العامل الأساسي في أن الاحتفال بهذا العيد الديني يسود منازل الأغلبية الساحقة من العائلات المغربية. عزيز المجدوب