محلات مختصة في إعداد وترويج مواد طبيعية وتجار من خارج المدينة ضمن الزبناء تنبض قاعة السمن بالطالعة الكبيرة، بحياة تجارية أصيلة بنفس عمر المدينة العتيقة لفاس، فتضخ شرايينها عسلا وسمنا وخليعا فاسيا وعدة مواد "بيو" تعرف رواجا هاما في رمضان لإقبال الفاسيين الكبير عليها وحاجتهم إليها إن للاستهلاك أو إعداد الحلويات و"الشهيوات"، مما يؤثث موائدهم. السوق عبارة عن "فندق" عتيق، ويعرف يوميا حركية تتفاوت، حسب الأيام وتزداد في نهاية الأسبوع لما يفد عليه زوار من خارج فاس، يعشقون ما تنتجه البادية من منتوجات طبيعية، وما تبدعه اليد الفاسية من خليع فاقت شهرته الحدود الوطنية، ويقبل عليه زبناء من دول ومدن بعيدة تغريهم جودته. «أحسن وأشهر خليع أصيلي هو ديال فاس. الشناقة غير كيكذبو، ما يعرفولوش" بنبرة الواثق من نفسه، يقول المعلم محمد توارث الحرفة. ودليله أن تجارا بمختلف المدن خاصة من مراكش والبيضاء والرباط ومكناس، يترددون على السوق للتزود بكميات منه لإعادة بيعها، ما يلهب أسعاره هناك. الأسعار تتفاوت حسب النوعية والجودة وسمعة التاجر ونسبه العائلي، أقلها ثمن "لكريش". وتفوق 100 درهم للكيلوغرام الواحد. وسجل قبل هذا الشهر الكريم، ارتفاع طفيف في ثمنه بسبب غلاء اللحوم، فيما يقول محمد إن هامش الربح ضعيف أو "غير البركة د الله"، مؤكدا أن الإقبال ضعف ولم يعد كما كان. مهما كان الثمن، بالنسبة إلى زميله عبد العالي، فالربح قليل مراعاة للجودة، قائلا "عندنا الخليع بيو مسقم ما فيه شحمة ولا والو، ريجيم ومن لحم البقر البلدي". وأكد أنه وزملاؤه من عائلات فاسية معروفة في هذا المجال، حريصون على احترام طريقة إعداده ومكوناته وجودتها، و"هذا سر السمعة ديال الخليع الفاسي». الأمر ينطبق على مختلف المواد الطبيعية الرائجة في هذا السوق الخاص بالدهنيات وطيب رائحة البادية، خاصة بالنسبة إلى عسل "الدغموس" ومن الشوفان والأعشاب، إن الموجه منه للاستهلاك أو العلاج، كما المسمن البلدي، وهي مواد وتجارة متوارثة بين معديها وتجارها الذين يتحاشون الاعتماد على وسطاء. للسوق زبناء أوفياء من فاس وكل المدن وحتى من خارج المغرب من أمريكا وفرنسا وإسبانيا، كما كشف ذلك عبد العالي، مؤكدا أن الإقبال يكون طيلة السنة وبنسبة أكبر في رمضان خاصة من قبل فئة كبيرة من التجار من خارج المدينة الذين يتزودون بحاجيات محلاتهم التجارية منها حفاظا على زبنائهم. ويفتخر باتساع رقعة هذا الإقبال والشهرة اللذين لم ينل منهما تداول أخبار غير صحيحة عن ضبط جزار يعد "الخليع" بلحم الحمير، ما استنكره وزملاؤه، مؤكدا أنه "لا مجال للتشكيك"، وإلا "ما كنا لنلاحظ استمرار الإقبال وبمعدلات ترتفع"، مؤكدا تأثير ارتفاع أسعار المواد المستعملة في إعداد هذه المواد، على ثمنها. حميد الأبيض (فاس)