خربوشة...الحقيقة والخيال (الحلقة الأخيرة) تمادت في تشويه سمعة القائد عيسى فقرر التخلص منها شغلت ثنائية القايد عيسى بن عمر والشيخة "خربوشة"، بال الباحثين والمهتمين بالتراث الغنائي، خاصة فن "العيطة" وأعطتها انطلاقة جديدة، جعلت العديد من هواة هذا الفن، ينقبون في خباياه ويهتمون بخفاياه، وتخصص البعض فيه ونال فيه البعض الآخر شهادات عليا. في هذه الحلقات، ارتأت «الصباح» الغوص في هذا التراث لتلقي الضوء على واحدة من أهم الفنانات الشعبيات. أحمد ذو الرشاد (الجديدة) رغم أن القايد عيسى سجن "خربوشة" طمعا في ثنيها عن قرارها وعودتها إليه، إلا أنها تمادت في تشويه سمعته، وهي تحت رحمته، فقرر التخلص منها. وتضاربت الآراء والروايات حول طريقة التخلص منها. وتتفق أغلب الاستنتاجات أن القايد عيسى، قتل "زروالة" وبنى عليها حائطا أي ما يعرف بـ" التابية"، لأن سمكه عريض يتسع لمثل جسد "خربوشة"، لكن هناك من ذهب إلى افتراضات أخرى، تشير إلى أن القائد عيسى أمر باقتلاع لسانها انتقاما منها على الأشعار التي نظمتها وهجته بها، وأشارت أخرى، إلى أنها هربت من المنطقة، لكن رجال المخزن ألقوا عليها القبض وأرسلوها إلى "الحضرة الشريفة" في الرباط، لحمايتها من بطش عيسى، لكن رجاله، باغتوا القافلة، وتمكنوا منها وقتلوها قبل الوصول إلى وجهتها. وتشير رواية أخرى، إلى أن عيسى بن عمر سجنها، لكنها استعطفته، فقرر تأجيل النظر في أمرها، لكن الحارس المكلف بحراستها، قتلها وادعى أنها أهانته وأثار ذلك حفيظة القايد وغضبه، فأعطى أوامره بجلده "حتى يعجز عن الكلام". وأكد الفيلم السينمائي، الذي تناول سيرتها، الفرضية الأولى، أي أنه بنى عليها حائطا وعزلها هناك إلى أن توفيت، وجرى تصوير هذا المشهد بقصبة بولعوان التي تشبه كثيرا، من حيث المواد المستعملة في البناء قصبة القايد سي عيسى، وما زالت آثار البناء موجودة بهذا القصبة إلى اليوم. وفي الوقت الذي أكد فيه الصبيحي، على ثبات "خربوشة" على موقفها في سجنها، إذ ظلت متمسكة بقرار الصمود والتمادي في هجو عيسى بن عمر، فإن إبراهيم كريدية، يشير إلى أنها استرحمته دون جدوى، لينتهي بها المطاف قتيلة. ثم يؤكد أن الرواية الشعبية ذهبت مذهبا آخر في تناول نهاية الشيخة احويدة / خربوشة، فتذكر أنها ما تركت بابا يمكن الولوج منه إلى قلب القائد عيسى بن عمر إلا طرقته، طلبا لصفحه ورحمته. فمرة استعطفته بواحدة من أعز بناته، قائلة: آ السعدية طلبي بوك علي إلى اوتيت يسامح لي واخا قتلني واخا خلاني ما ندوز بلادي راني زيدية واستعطفته مرة ثانية بأولياء لله: نسالك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة والرتناني سيدي أحسين جا بين الويدان والغليمي سيدي أحمد العطفة يا ابن عباد والقدميري سيدي عمر مولى حمرية والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة ومهما حصل، فإن نهاية "خربوشة" كانت مبهمة، وأكدت بعض المصادر أن القائد عيسى بن عمر، كان يشبه إلى حد كبير الحجاج بن يوسف الثقفي، كما وصفه المؤرخ أحمد بن محمد الصبيحي في مؤلفه "عيسى بن عمر وفظائعه"، ولم تكن نهايته هو الأخر عادية، إذ لا حقته لعنة قتل "خربوشة"، حيث تم إلقاء القبض عليه سنوات قليلة بعد رحيلها، وأودع السجن وصودرت جميع أملاكه بأمر سلطاني. أما الشيخة "خربوشة" فنالت شرف الموت دفاعا عن شرف قبيلتها وبلغت مقاما رفيعا بعد مماتها وخلدها الشعر الغنائي (العيطة)، وأصبحت إيقونة مرتبطة بالمقاومة والتضحية والحرية، وما زالت أشعارها تتردد في المحافل والمهرجانات إلى اليوم.