تكبر "الصباح" في غفلة منا، ويشتد العود والتجربة، وتتجاوز سنواتها العشرين بثلاث أخرى، في مسيرة غير منقطعة من التألق والريادة والصمود والعطاء، بدأت حكايتها ذات عشرية من أبريل 2000. لا تحتاج "الصباح" إلى مجرد كلمة في عيدها السنوي. هي أكبر من كل الكلمات والعبارات والصيغ. "الصباح" عنوان مميز بالبنط العريض في مشهد إعلامي متقلب سمته المحن والصعوبات والأمزجة، لا يرحم الصغار والضعفاء، ولا يصمد فيه غير الواثقين من الرسالة النبيلة للصحافة والإعلام، بما هي ارتباط خرافي بقضايا الوطن. الوطن أولا بالنسبة إلى "الصباح"، وهو الأول قبل كل شيء، وهو خط أحمر بلون قان لا يحتمل ذرة مساومة، ولا يقبل القسمة على اثنين، ولا أنصاف المواقف والرجال، وكثرة الوجوه. لذلك، لم نتهاون لحظة، طيلة هذه السنوات والأجيال، في الدفاع عن هذا المشترك، باستقلالية وأمانة وجرأة واحترافية، ولم نتردد في قول ما يمكن قوله في وجه من يحاول الإساءة إليه، مجتمعا كان، أو حكومة، أو دولة، أو مؤسسات. ولم تصمد "الصباح" كل هذه المدة، وستصمد لعقود أخرى طويلة، سوى بانحيازها، منذ البداية، إلى قضايا المغرب ومصالحه العليا وتطوره ونمائه واستقرار مؤسساته وأمنه وسلامة مجتمعه ووحدته الترابية، أما الباقي، فكلها تفاصيل كانت بالنسبة إلى صحافيي الجريدة امتحانات ومغامرات يومية وركوب آفاق جديدة لتطويع حرفة عصية الكمال. وفي عز الجائحة وسلاسل الفيروسات والدمار وروائح الموت التي كانت تنبعث من نعوش الصحف والمجلات والمواقع والمؤسسات، كتبت "الصباح" صفحات أخرى من الارتباط بالقارئ، إذ لم تخذله يوما، أو احتجبت عنه، أو وضعت رأسها في الرمال حتى تمر الأزمة. لقد راهنت "الصباح" على الحياة، في الوقت الذي راهن الكثيرون على نهاية مأساوية، اعتقدوا أنها سنحت، حين اختار بعض المسيرين مغادرة السفينة قبل سنوات، فخاب ظنهم أيضا، وهم لا يعلمون أن الرجال من يصنعون التاريخ والأحداث وليس العكس. وحين تدخل "الصباح"، اليوم، إلى المحطة رقم 24، فعن جدارة واستحقاق وعمل دؤوب وجبار لكل أبنائها وبناتها، الذين يحفرون في الصخر، حتى تستمر وتنمو وتكبر أكثر، وطموحنا أن ننافس أنفسنا في الميدان، بعد أن وصلنا إلى رتبة متقدمة على الآخرين، ومازال الخير ينتظرنا، رغم كيد الحساد والناقمين. في العيد السنوي لـ"الصباح"، تسمو بنا عبارات الشكر إلى جميع القراء الأوفياء، إلى الأصدقاء والمحبين والصامدين، وكل الذين لم يبدلوا تبديلا، وإلى الذين ساندوا ووقفوا ومدوا يد العون في المحن، وأولئك الذين ضمدوا الجراح ووضعوا أصبعهم على النزيف، وهؤلاء الذين صفقوا للنجاح والأمل، وعاهدونا على المستقبل. فشكرا للجميع، ونعدكم على الوفاء برد الجميل بأحسن منه، عبر "صباح" يومي متجدد ومتنوع ومبتكر، ومتطلع إلى تلبية الطموح العام في الحق المشروع في المعلومة، وفي الديمقراطية، وفي الاختلاف والتعدد في الرأي والفكر، وفي الدفاع عن القيم، والالتزام بقواعد الحياد والمهنية. فهنيئا لنا، وكل إشراقة يوم جديد... و"صباح" الوطن بألف خير.