الفريق يخطط للصعود كل موسم ويجد نفسه يقاوم من أجل ضمان البقاء يرسم رجاء بني ملال فكرة في أذهان المتتبعين الرياضيين أنه فريق متمرس في لعبة الصعود والسقوط بين الأقسام، وصار هذا التمثل لصيقا بفريق حقق إنجازات كروية، كان أهمها حصوله على لقب البطولة الوطنية في 1974، فضلا عن إنجابه لاعبين كبارا، مثل أحمد نجاح ومحمد مازي، وهداف البطولة الوطنية في السبعينات، عبد الكريم عشيبات. لا يعرف رجاء بني ملال وضعا مستقرا تقنيا وإداريا، ما يؤثر على تدبيره اليومي، وطريقة تسييره، التي ترميه في أحضان العشوائية، في ظل غياب رؤية واضحة المعالم ترسم له مسارا كرويا أفضل، إذ غالبا ما يتسم مساره بالخيبات وتلقي الضربات المتتالية. لم يخرج الموسم الكروي الحالي، عما سبقه من مواسم، اتسمت بخيبات تجرعها الفريق، رغم المحاولات اليائسة لإخراجه من وضعه المتردي، بل تفاقمت مشاكله سنة بعد سنة، ما يحول دون بروز بوادر أمل. التكوين انطلق الموسم الكروي الحالي، حسب تصريحات بعض أعضاء المكتب المسير، برغبة في تكوين فريق شاب يعتمد على الطاقات المحلية التي تتلهف الفريق الوطنية، لاستقطابها وإغرائها، لتنضم إلى صفوفها. ولتنزيل البرنامج المسطر، نظم المكتب المسير دوريا محليا لكرة القدم، شاركت فيه جل فرق الأحياء ببني ملال، رغبة في التنقيب على المواهب الكروية. وجرى الدوري تحت شمس حارقة في الصيف، وانتهى برصد أكثر من 65 لاعبا متميزا، تم توزيعهم على الفئات السنية لاستكمال تكوينهم في انتظار إلحاقهم بالفريق الأول. ووقع الفريق خلال الموسم الحالي، مع خمسة لاعبين، ضمنوا رسميتهم، وشكلوا ربحا للفريق، الذي فشل منذ أكثر من عقد من الزمن في استقطاب لاعبين محليين. ويرصد المكتب المسير ثلثي ميزانية النادي، لانتداب لاعبين لضمهم للفريق، في ظل غياب سياسة لتكوين الطاقات الواعدة، التي تفضل الانتماء إلى أندية مغربية عوض البقاء في النادي، الذي يعاني أزمة تسيير وتدبير دائمة. الأسطوانة المشروخة تتكرر الأسطوانة المشروخة لرجاء بني ملال في بداية كل موسم، الذي ينطلق بتوالي الهزائم، ليتمكن من النجاة من النزول إلى قسم الهواة في آخر لحظة، علما أنه كان يمني نفسه بالصعود إلى قسم الصفوة. ويعتبر متتبعو الشأن الكروي ببني ملال، أن الفريق تعود على اجترار المشاكل نفسها، التي يظل يكابدها في بداية كل موسم رياضي، لأنه لا يملك تصورا . وأضاف مصدر أن غاية رجاء بني ملال تتجلى في تكوين فريق منافس، يعتمد على الطاقات المحلية، كما أعلن عن ذلك في بداية الموسم. ولتنفيذ هذه المهمة تم تعيين ابن الفريق محمد بورديف "بلادي"، الذي تمكن من انتداب لاعبين يتوفرون على مهارات متميزة، ما يتماشى مع سياسة النادي الذي يحاول تقليص كتلة الأجور، والمراهنة على اللاعب المحلي، وفسح المجال أمام الطاقات الشابة للتأقلم مع أجواء البطولة في القسم الثاني. لكن رغم ذلك، ومع تحصيل نقطة واحدة من أربع مباريات في مرحلة الذهاب، تم فسخ عقد المدرب، وتعويضه بإدريس اللوماري، الذي كان يشغل مهمة المدير التقني للفريق، لينطلق الربان الجديد مع فريقه في مغامرة غير محسوبة العواقب. أزمة سكن اللاعبين التمس العرباوي تسريع وتيرة الإجراءات الإدارية لتسليم العقار الذي منحه المجلس الجماعي السابق لبني ملال للفريق، لحل أزمة سكن اللاعبين، ما يزيد من أعباء النادي الذي يبذل جهودا لتوفير مصاريف كراء منازل اللاعبين. وشدد العرباوي على توفر رجاء بني ملال على مجمع سكني خاص بلاعبيه، لأنه الحل الأمثل لتجاوز العديد من المشاكل، وتقليص كتلة الأجور التي تستنزف ميزانية كبيرة، سيما أنه موجه لضمان استقرار اللاعبين الذين يجدون أنفسهم تحت مطرقة مالكي المنازل، الذين يطالبونهم بمستحقاتهم في نهاية كل شهر، وتتزامن طلباتهم أحيانا مع تأخر منح الجهات الداعمة ما يضاعف من مشاكل الفريق. وتحدث حسن العرباوي عن مشاكل الفريق الناجمة عن تأخر الدعم له، وتنجم عن الوضعية متاعب ومشاكل تنتهي ببروز احتجاجات اللاعبين، الذين يطالبون بتسلم أجورهم الشهرية، ما ينعكس سلبا على نتائج النادي. وبناء على قول الرئيس، يتطلب ذلك تدخل والي الجهة، الذي لا يتردد في تقديم الدعم للفريق كلما تطلب الأمر ذلك، وحتى لا يستثني مبادرة الداعمين الآخرين، فإنه يوجه شكره الخاص لرؤساء المجلس الجهوي والإقليمي والجماعي الذين يعتبرهم شركاء حقيقيين، ولولاهم لما تمكن النادي من حل مشاكله المالية. وخلص حسن العرباوي إلى أن نهج النادي سياسة تكوين واضحة المعالم، وبناء أكاديمية خاصة بالفريق، وتثبيت هوية النادي خلال مراحل التكوين، حلول جوهرية لتفادي كل المشاكل التي تعيق مسيرة رجاء بني ملال. اللوماري يقاوم الخصاص أكد إدريس اللوماري، في تصريح ل"الصباح"، أنه تسلم فريقا جريحا يعيش أوضاعا صعبة، برصيد نقطة واحدة، ما أثر على نفسية لاعبيه الذي يرغبون في تحقيق انطلاقة جيدة، تساعدهم على الانخراط في أجواء البطولة التي تتطلب إعدادا جيدا، وانتداب لاعبين متمرسين. مع مرور الدورات، صار لاعبو رجاء بني ملال يستعيدون الثقة في إمكانياتهم، وتمكنوا من تحقيق انتصارات على فرق مرشحة للصعود في عقر ديارها، وتحسن الأداء وترتيب النادي، مستعينين بالجماهير التي لم تبخل بدعمها. ولم يخف المدرب الوطني قلقه على مستقبل الفريق، بعد أن تبينت الحاجة الماسة إلى لاعبين ذوي تجربة كروية، يتوفرون على خبرة كافية، لإحداث الانسجام مع اللاعبين الشباب، الذين اعتمد عليهم. وأضاف اللوماري، أنه طالب مسيري رجاء بني ملال بانتداب خمسة لاعبين في مرحلة "الميركاتو" الشتوي، لتغطية الخصاص الذي يشكو منه الفريق، لكن لم يتم انتداب سوى لاعبين، ما قلص من اختياراته التقنية رغم ضعف الترسانة البشرية المحدودة للنادي، مقارنة مع فرق منافسة تتوفر على لاعبين بدلاء يعوضون زملاءهم الرسميين الذين يتعرضون للإصابات، ويؤدون دورهم بنجاح. ورغم الإكراهات التي تحد من طموح رجاء بني ملال، يواصل مدرب الفريق مواجهة التحديات بتوظيف الإمكانيات البشرية المتوفرة، الأمر الذي أفرز نتائج مرضية ساهمت في رفع رصيد الفريق إلى 25 نقطة، بعد إجراء 20 مباراة. ورغم المشاكل اليومية التي تعترض مسيرة رجاء بني ملال، أصبح الاهتمام بالفئات السنية للفريق أمرا ملحا، بعد نجاح النادي في تأهيل خمسة لاعبين، وهم حمزة عصامي وأيوب آيت خسو وعبد الله نحلي وزكرياء الزروالي ويونس الصديقي، ضمنوا رسميتهم في الفريق الأول، بعد أن اقتنع مدرب الفريق بإمكانياتهم. في السياق نفسه، يواصل المدير التقني للفئات الصغرى محمد بورديف، التنقيب عن اللاعبين الناشئين ليتعهدهم برعاية خاصة، على أمل إلحاقهم بالفريق الأول. ويتحدث عضو بالمكتب المديري عن استقطاب ثلاثة لاعبين موهوبين آخرين، يتوفرون على مهارات تؤهلهم للالتحاق برجاء بني ملال قريبا، بذلك سينجح الفريق في ضم ثمانية لاعبين محليين. العرباوي: مصاريف التكوين باهظة شدد حسن العرباوي، رئيس رجاء بني ملال، على أن مكتبه المديري يحرص على تنفيذ سياسته التي تروم الاهتمام بالفئات الصغرى، رغم أنها تستنزف جهود الفريق المالية، إذ تقتضي توفير كل المتطلبات لتلبية رغبات الفئات السنية وتأمين تنقلاتها لإجراء مبارياتها الرسمية خارج الميدان، بالإضافة إلى مصاريف توفير الحافلات والمبيت والأكل، فضلا عن مصاريف الجيب التي تقدم أحيانا للاعبين. ولتوفير قاعدة صلبة وبنيات تكوين لرجاء بني ملال، نهج المكتب المسير سياسة جديدة متمثلة في العناية اللازمة بسياسة تكوين اللاعبين، وتأهيلهم وفق مقاربة علمية دقيقة. واقترح حسن العرباوي إنشاء أكاديمية رجاء بني ملال، لتكوين لاعبي الفريق، وتفادي الاعتماد على الانتدابات التي غالبا ما تنتهي بالفشل، إذ أن اللاعبين الذين يتم انتدابهم يغادرون الفريق في نهاية الموسم الكروي ويثقلون كاهله بمصاريف إضافية. وأضاف رئيس رجاء بني ملال، أن بناء أكاديمية خاصة بالنادي، يعتبر حلا ناجعا لتجاوز مشاكل الفريق، سيما أن فلسفة التكوين تنمي مؤهلات ومهارات اللاعبين، فضلا عن ترسيخ هوية الفريق. ولإنجاز هذه المهمة، ينبغي توفير عقار لبناء الأكاديمية، بمواصفات عصرية، إسوة بأندية مغربية مثل الفتح والرجاء والوداد، مع الحرص على استهداف لاعبين محليين بمواصفات تعكس هوية الفريق. كما أن غياب موارد مالية قارية، يضيف رئيس النادي، يزيد من معاناة رجاء بني ملال، الذي ينتظر دعم شركائه وهبات المجالس المنتخبة التي تقتطعها من ميزانياتها لمساعدة للفريق، بهدف تخليصه من أزماته المالية المتكررة. إنجاز: سعيد فالق (بني ملال)