أغلبها رياضات أولمبية اختارت الترافع بالمحاكم والقطاع الوصي «شاهد مشفش حاجة» تخوض جامعات رياضية معارك طاحنة ومباريات حامية الوطيس بردهات المحاكم، عوض خوضها بمكانها الطبيعي في الملاعب والفضاءات الرياضية، التي تمارس بها عادة، نتيجة سوء التدبير، وغياب الحكامة في التسيير، وافتقار أغلب المسيرين للكفاءة في إدارة الجامعات، ورغبة أغلبهم في الاستفادة من الامتيازات، التي توفرها هذه الجامعات لمكاتبها المسيرة. وتعاني العديد من الرياضات الجماعية والفردية بسبب الخلافات، التي تعيشها جامعاتها الرياضية، بالنظر إلى تأثيرها على الأندية والجمعيات الرياضية والرياضيين والأطر التقنية، ما يضيع عليها فرص التألق في المحافل الدولية، والغياب عنها بشكل كبير، في الوقت الذي يغرق مسؤولوها في المشاكل القضائية والصراعات القانونية، بحثا عن انتصار معنوي، لا يسمن ولا يغني من جوع. سلة معطلة من المفارقات التي تعيشها الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة، أن تلقيبها برياضة المثقفين، لم يعد ينطبق على واقع الحال، منذ تولي الرئيس الحالي مصطفى أوراش شؤون تدبيرها، إذ باتت تلعب هذه الرياضة جل "أرباعها" في محكمة جرائم الأموال والمحكمة الابتدائية بالرباط. وتعد جامعة السلة من الجامعات التي عمرت في محاكم المملكة كثيرا بسبب الخلافات التي عرفتها، بين الأندية والمكتب المديري للجامعة، ضمنها ملفات معروضة على المحاكم الابتدائية، القاضية بإلغاء الجموع العامة، لعدم استجابتها للأنظمة الأساسية، والخروقات التي تعرفها الدعوات لحضورها، أو الطعن في أهلية بعض الأعضاء، ومنها ما هو مطروح على القضاء الاستعجالي، وعرف أحكاما متناقضة، ساهمت في ارتباك تدبير الجامعة، أكثر مما ساهمت في حل مشاكلها العالقة منذ حوالي عقد من الزمن. غير أن أبرز الملفات المعروضة على محاكم المملكة الخاصة بجامعة السلة، تلك الموجودة لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط، والتحقيق مع الرئيس واثنين من العضوين السابقين بتهم اختلاس وتبديد أموال عمومية، ويتعلق الأمر بثلاثة ملفات بلغت إحداها مراحل متقدمة من المحاكمة، وتناقش حاليا في جلسات حضورية للمتهمين والشهود، وينتظر أن يبت في أولاها ابتدائيا قريبا. ومن بين الملفات الموجودة أيضا بمحكمة جرائم الأموال، الشكاية التي وضعتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وبلغت مراحل متقدمة في التحقيقات من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، رفقة شكاية ثالثة تقدم بها عامر اشعايبي، رئيس اتحاد تازة لكرة السلة. رقعة الشطرنج شكلت الجامعة الملكية المغربية للشطرنج أكثر وأبرز الجامعات الرياضية التي عمرت بالمحاكم الوطنية طويلا، إذ تعود بعض القضايا فيها إلى ثمانينات القرن الماضي، إذ نسي الشطرنجيون رقعة الشطرنج لممارسة إحدى أنبل الرياضات في العالم، وألفوا ممارستها بطريقة مختلفة في محاكم المملكة، ودخلت في صراعات مريرة ساهمت في توقيف الجامعة ومسؤوليها مرارا وتكرارا. ويمكن القول إن جامعة الشطرنج من الجامعات، التي خاض "بيادقها" جل معاركهم بمحاكم المملكة، عوض خوضها في رقعات الشطرنج، في الوقت الذي اضطر العديد من رياضييها إلى رفع راية الاستسلام، والابتعاد عنها، أو اللعب باسم دول أخرى هروبا من الحروب القضائية الطاحنة، والتي لم يستفيدوا منها شيئا سوى الإدانة من قبل الاتحاد الدولي. وحاول الاتحاد الدولي مرارا إنقاذ رياضيي الشطرنج المغربي من تبعات الحروب القضائية، التي تعيشها الجامعة ومعارضوها داخل المحاكم، من خلال فتح جسر لضمان مشاركتهم في التظاهرات الدولية والقارية، والحفاظ على تصنيفهم الدولي، وإن كان هذا الأمر لم يسلم بدوره من محاولة بعض المسيرين الركوب عليه، ونسبه إلى أنفسهم، بادعاء تحسن مستوى ترتيب الشطرنج المغربي في عهدهم، رغم أنهم لم ينفقوا درهما واحدا على مشاركتهم أو تكوينهم أو تجمعاتهم، وهو ما يعد تراميا على إنجازات الاتحاد الدولي مع سبق الإصرار والترصد. الرماية القضائية تواجه الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال 17 دعوى قضائية، حسب آخر إحصائية قام بها بعض الغيورين على هذه اللعبة، دون احتساب الدعاوى السابقة، سواء في عهد الرئيس السابق أم الجديد، فضلا عن العديد من الشكايات الموجهة إلى الوزراء الذين تعاقبوا على تدبير قطاع الرياضة بالمملكة. ورغم أن الرماية بالنبال من الرياضات التي يسهل على المتسابق فيها التتويج بألقاب عالمية وأولمبية، إلا أنه بالرجوع إلى تاريخ جامعتها القريب، يتضح السبب الرئيسي على عدم تتويج أي رياضي مغربي بميدالية أولمبية في هذا النوع الرياضي، رغم توفر المغرب على رماة جيدين، وفضاءات لممارستها لم تحلم بها رياضات أخرى، في الوقت الذي ألف المسؤولون التراشق بالنبال داخل ردهات المحاكم عوض فضاءات الرماية. وتزيد الخلافات داخل جامعة الرماية بالنبال عن عقد من الزمن، في الوقت الذي تضيع سنوات على رياضييها ومسؤوليها، في تكوين أبطال قادرين على رفع راية الوطن عاليا، علما أن جلها عبارة عن خلافات تدبيرية بالدرجة الأولى، ونسبة منها يتعلق بالتدبير المالي، الشيء الذي يؤكد أن هذه الجامعة لا تختلف كثيرا عن جامعتي السلة والشطرنج، وغيرهما من الرياضات الأخرى، التي تحتضر رغم صرف الدولة أموالا كثيرة عليها، لتكوين أبطال عوض إهدار المال العام في المحاكم والصراعات القضائية التي لا طائل منها، غير تعطيل عجلة دوران هذه الأنواع الرياضية، وإجهاض حلم رياضيين في الصعود لمنصات التتويج. "بينغ بونغ" و"البادمنتون" والتحقت رياضتا "بينغ بونغ" و"البادمنتون" بركب الجامعات المؤهلة للترافع أمام المحاكم الوطنية، بعد أن فقدت بوصلتها، في العمل على ضمان تأهل رياضييها إلى الألعاب الأولمبية، باعتبارهما من الرياضات الأولمبية. وتعيش رياضة "بينغ بونغ" على وقع المحاكم منذ سنوات، أي منذ أن رفع عامر اشعايبي دعوى قضائية ضد رئيس الجامعة، في الوقت الذي التحق البرنوصي، رئيس عصبة البيضاء، بركب المسيرين الراغبين في ممارسة اللعبة بمحاكم المملكة عوض ممارستها على الطاولة. والشيء نفسه بالنسبة إلى "البادمنتون"، بعد أن سعى أحد المسؤولين إلى رفع دعوى قضائية على الرئيس للحلول مكانه، وهو ما يؤكد أن الرياضات المتحدث عنها جلها أولمبية، وحضورها دائم في المنافسات، غير أنها لا تستطيع المنافسة على الألقاب، بسبب انشغال مسؤوليها بالتسابق على الجلسات الحضورية والترافع على حقوق لا يملكون منها شيئا، عوض توفير جهدهم لتكوين الأبطال والارتقاء بالممارسة الرياضية بالمغرب، ورفع راية المغرب خفاقة في المحافل الدولية. شهود عيان تلعب الوزارة الوصية واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية دور المتفرج على الصراعات والخلافات المذكورة، عوض التدخل لإنهاء حالة السراح التي يستفيد منها جل مسيري الجامعات المذكورة، وإخضاعهم لمحاكمة ضميرهم وروحهم الرياضية، وتفعيل القوانين في حقهم، عوض مشاهدتهم يتفنون في انتهاكها. وفشل القطاع الوصي في حل هذه المشاكل منذ سنوات، بل هناك من ساهم في تعميق الخلافات، وتدخل بشكل سلبي في نصرة أحد الأطراف، في خرق سافر لكل إجراءات التقاضي، خاصة مديرية الرياضات، التي كان لها يد في الصراعات القضائية، بعد أن عجز موظفوها عن وضع حد للنزاعات بطريقة ودية، والقيام بدور الحكم، قبل تحول هذه الخلافات إلى محاكم المملكة، وضياع المال العام في قضايا، كان من الممكن تفاديها، لو تدخلت مديرية الرياضات في الآجال القانونية، عوض اللعب في الوقت الضائع. ويأمل الشارع الرياضي المغربي في أن يتخذ المدير الجديد للرياضة، قرارات حاسمة لإعادة الحقوق إلى ذويها، والاحتكام إلى النصوص القانونية، عوض الاحتكام إلى سلطة المال في تدبير شؤون الجامعات الرياضية، خاصة الأولمبية، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، عوض الهروب إلى الأمام، وتفعيل مبدأ كم حاجة قضيناها بتركها. إنجاز: صلاح الدين محسن