صرخات دون جدوى و»حكرة» و»وصمة عار» في تاريخ وزارة الثقافة شكل رحيل المسرحي أحمد جواد متأثرا بحروقه بعد إضرامه النار في جسده أمام مقر وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في محاولة للانتحار احتجاجا على عدة أوضاع، صدمة كبيرة في الوسط الفني. واختار جواد نهاية مأساوية بعد سلسلة من الصرخات، التي أطلقها عدة مرات ولم تجد آذانا صاغية، ليرحل حاملا معه شعورا بمرارة "الحكرة" وآلاما ستظل "وصمة عار" في تاريخ المسرح بشكل خاص، وفي تاريخ وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشكل عام. ويعكس حادث انتحار جواد الواقع المرير لمجموعة من الفنانين، منهم الرواد الذين يعانون في صمت ولم تكن لهم "الجرأة" نفسها للخروج إلى العلن، تعبيرا عن سخطهم من الأوضاع الاجتماعية المزرية، التي يعيشونها والتي سبق أن عرت كورونا عورتها وفضحت جوانب خفية منها. ووصف كثير من الفاعلين في الشأن الثقافي والفني رحيل جواد ب"الفاجعة"، ومنهم الشاعر والإعلامي ياسين عدنان الذي قال "قسوة الواقع بددت تلك الروح المتفائلة... واليوم أبى إلا أن يصدمنا جميعا وهو يضرم النار في جسده، في مشهد فاجع يفضح هشاشة القطاع الفني والمسرحي، مثلما يفضح عطبا مرعبا في التواصل ما بين الجهات الوصية على القطاع والمنتسبين إليه". رحل جواد بعد عدة رسائل وجهها إلى القائمين على الشأن الثقافي على صفحته ب "فيسبوك" آخرها "صدقوني لم أعد أحتمل كل هذا العذاب، واعذروني على ما سأقوم به في القادم من الأيام". بعد اعتذاره رحل جواد نتيجة شعوره ب"غصة الغبن"، كما قال الفنان محمد الأشرقي، مؤكدا "وحده أحس بها واكتوى بنارها وهو يرى الجحود والنكران في أقسى وأبشع صوره". وأضاف الأشرقي "مسرح الجديدة الذي يسكن قلبه ويحتل مكانا أثيرا في فؤاده يفتتح دون أن يتذكره أحد المسؤولين على الشأن الثقافي وأغلبهم يعرفونه، ولا أظن أنهم نسوا وقفته لأجل إنقاذ هذه المعلمة". وكان عدم توجيه دعوة لجواد لحضور افتتاح المسرح البلدي بالجديدة، من بين الأسباب التي دفعته إلى الاحتجاج أمام مقر وزارة الشباب والثقافة والتواصل بعد إطلاق صرخة جاء فيها "يا وزير الثقافة حرام عليك أن تعيد فتح المسرح البلدي بالجديدة ولم أستدع". وأجمع كثير من الفنانين على أن جواد مسرحي تعددت صرخاته دون أن يلتفت إليها أحد، ولم يتم الإنصات إليه، رغم تدويناته الكثيرة التي كانت مليئة باليأس وتؤكد شعورا دفينا بالاكتئاب وتجرع مرارة "الحكرة"، والتي سيتذكرها التاريخ وتظل وصمة عار على جبين المسؤولين على قطاع الثقافة. أمينة كندي