دول اندثرت 1 ميناء تمسمان كان يستخدم للهجرة إلى الأندلس يحمل تاريخ المملكة المغربية قصصا يجب أن تروى للجيل الحالي، التي تمتد لأكثر من 14 قرنا، لدول كثيرة استوطنت أراضي المملكة الشاسعة، وقضت قرونا، قبل أن تندثر. بالاستعانة بكتب وروايات تاريخية مختلفة، نروي قصصا مقتضبة لدول كان يقام لها ويقعد في المغرب العربي، واتخذت مدن المغرب مقرا لها، قبل أن تستسلم للزمن، من بينها البورغواطيون ودولة نكور والإمارة المغراوية والفاطميون. قصص جعلت من المغرب عظيما بين الأمم، بتاريخ ضخم يستحق أن يروى. يوسف الساكت تعتبر دولة نكور، أولى الإمارات التي حكمت المغرب، وكان يطلق عليها أيضا إمارة "بني صالح"، وهي تابعة للصالحيين، وظهرت لأول مرة في المغرب في 710 ميلادية. وكان أول حاكم للإمارة، صالح بن منصور، في تمسمان الموجودة في الشمال الشرقي، وبالضبط في منطقة الريف، ولهذا السبب سميت على اسمه. تعتبر إمارة نكور أول إمارة مستقلة ظهرت في المغرب الأقصى، بعدما شهدت المنطقة ثورة بربرية، على ما كان يعرف بـ"بني أمية"، إذ اختارت المذهب المالكي السني توجها دينيا لها. مر على حكم تمسمان أمراء كثر، إلى أن بنى سعيد بن إدريس مدينة نكور، قبل أن تتعرض المدينة في 865 ميلادية، لهجوم مباغت من قبل "الفايكينغ". قبل ذلك، توسعت نكور إلى أن بلغت محيط مكناس، والتي كانت تسمى آنذاك "إمارة مكناسة"، وكانت في صراع دائم مع الأمويين بالأندلس، ثم العبيديين الفاطميين بإفريقيا. ولم يتمكن أمويو الأندلس من ولوج نكور إلا عندما تحالفوا مع موسى بن العافية، الذي كان آنذاك زعيما لإمارة مكناسة، في 319 ميلادية. وتمددت إمارة نكور إلى غاية الحسيمة شرقا، إذ سميت في تلك المنطقة "مرسى موسى"، بعدما زارها موسى بن نصير في إحدى الحقب. بعد وصول الفتح الإسلامي للمغرب، تعددت القبائل العربية، وكان صالح بن منصور أول من دخل منطقة الريف، واتجه غربا، ليصبح أول من يدخل تمسمان، إذ تحدث ابن خلدون وابن الخطيب، عن أصوله اليمنية. واستجاب أهل تمسمان لصالح بن منصور، قبل أن يستحوذ على المدينة، لتعترف به الخلافة الأموية، لتنضاف إليه قبائل غمارة وصنهاجة. بعد ذلك، ورغم حكمه للمنطقة، تمكنت قبائل ثائرة من إزاحته، بعدما ثقلت الشرائع، لكنهم سرعان ما أعادوه للحكم، وهو ما سمي "ثوبة أهل تمسمان"، ليستمر في الحكم مدة طويلة، قبل أن يدفن في البحر يوم مماته. في 745 ميلادية، عرفت منطقة الريف هجرة أندلسية كبيرة، بسبب المجاعة، واستقرت بمناطق مختلفة، من بينها بني ورياغل وأجدير ونكور، لتعرف المنطقة رواجا اقتصاديا كبيرا، وأسست تجمعا أمازيغيا كبيرا، إذ رغم الاجتياح العربي للمنطقة بعد ذلك، لم يغير ذلك أمازيغية المكان وتاريخه. وفي الغرب، وصلت الإمارة إلى حدود طنجة، ويذكر أن عمليات الفتح في عهد نكور تواصلت نصف قرن من الزمن. كانت مدن كثيرة خاضعة لحكم نكور، من بينها بادس ومليلية وتمسمان. اليوم، ما زالت أربعة أضرحة بالريف، شاهدة على حكم أمراء نكور، علما أن الدولة عرفت 15 أميرا، من بينهم صالح بن منصور والأمير إدريس الذي يوجد قبره في قرية سيدي إدريس، ثم الأمير الحفيد، سعيد بن إدريس بن صالح. عرفت نكور بخزان للحبوب، إذ كان النشاط الفلاحي فيها كبيرا، واعتمدوا على تقنيات متطورة في السقي، وهو ما رفع من التبادلات التجارية في تلك الحقبة. وساهم ذلك التطور الاقتصادي في بناء مدن وتحويلها إلى مراكز تجارية، مثل بادس ومليلية ونكور، وأقامت علاقات مع الأندلس مناطق إسلامية عديدة. كان يستخدم ميناء تمسمان للهجرة إلى الأندلس، ناهيك عن مرسى المزمة، التي كانت تستوعب مراكب ضخمة. واعتبر الميناء نفسه، أبرز محطة تجارية في المنطقة، في تلك الحقبة، إلى أن تأسست مرسى ألميريا بالأندلس. في القرن التاسع ميلادي، ضعفت إمارة نكور، وظهر ذلك جليا على الرواج الاقتصادي، لصالح تفوق الأندلس وموانئها الجديدة. ولعب المرابطون دورا مهما في تراجع نكور.