في ظل موجة ارتفاع الأسعار التي أدت إلى غلاء المعيشة بالنسبة إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، وتهديد الطبقة المتوسطة بالاختفاء بعدما كانت تشكل توازنا، فإن الأسر المنتمية إلى فئة الفقراء ومحدودي الدخل تكابد معاناة كبيرة لتدبير مائدة الإفطار بشكل يمكنها من النجاح في اختبار تغطية شهر كامل دون مشاكل. وفي الوقت الذي كان فيه المواطنون، منهم محدودو الدخل، يحرصون على تزيين مائدة الإفطار بما لذ وطاب من المأكولات فإنه أمام ضعف القدرة الشرائية لمحدودي الدخل في زمن غلاء المعيشة، أصبحوا يضطرون إلى الاستعانة ببرنامج خاص يراعون فيه ميزانيتهم المثقوبة. ورغم التزام الأسر الفقيرة بحكمة "استهلك بلا ما تهلك"، فإن ميزانية إعداد مائدة الإفطار لأسرة ربها من محدودي الدخل، لا تقل عن 90 درهما في اليوم، رغم محاولات "التسقريم" و"الحاجة الغالية بلاش منها". وفي ما يخص تفاصيل مائدة أسرة فقيرة، فإن بعض الأسر التي تتكون من أربعة أفراد، حرصت على توديع عادة "المغاربة كيعمرو الميدة بكاع الماكولات حيت كياكلو بعينيهم"، مقابل الالتزام ببرنامج يومي يشمل الأطباق نفسها، باستثناء إذا حل الضيوف، حينها يضطر المرء إلى الاقتراض من أجل إكرام الضيف و"تحميرة الوجه". وبطريقة حسابية بسيطة، فإن إعداد وجبة إفطار أسرة فقيرة تتكون من أربعة أفراد، تشمل حساء "الحريرة" الذي لا يمكن الاستغناء عنه، حيث لا يقل ثمن إعدادها عن 20 درهما في اليوم، إضافة إلى 4 دراهم لاقتناء أربع فطائر "مسمن" من السوق، مراعاة للتكلفة الغالية لإعدادها في المنزل في مصاريف الزيت والزبدة وقنينة الغاز، أما توفير أربع بيضات فيتطلب 15 درهما. وتشمل المائدة المتواضعة، توفير التمر الذي تصل تكلفته إلى 10 دراهم مقابل حبات معدودة، وحلوى "الشباكية" التي لا يمكن الاستغناء عنها بهدف جبر خاطر الأطفال، والتي تصل تكلفة كمية صغيرة منها 5 دراهم. أما في ما يخص "التغميسة" التي تنحصر في طاجين "المرقة" أو أحشاء البقر "التقلية"، فإن إعدادها لا يقل عن 40 درهما، بهدف تحقيق الإشباع وتدارك النقص الحاصل في المائدة، وهي الوجبة التي يتم تنويعها لمحاربة الملل بإعداد "لاطة ديال الحوت" التي تتكون من سمك السردين الذي صار ثمنه لا يقل عن 15 درهما ليصل ببهاره وقوامه إلى 40 درهما. وتصل تكلفة توفير مشروب العصير الصناعي 10 دراهم، حيث تحرص الأسرة على اقتنائه من أصحاب محلات "خمسة دراهم" دون الاكتراث بمدة صلاحيته ومصدره، عاملا مهما لتفادي الإحساس بالنقص وإيهام النفس أن صاحبها المغلوب على أمره "حتى هو عايش الحياة". ويبقى إعداد "براد أتاي" ضروريا لشعب مهووس ب"الشاي"، حيث تصل تكلفته إلى 7 دراهم بين المادة الحيوية و"ليقامة" من "نعناع والملقم"، في حين تبلغ تكلفة توفير خبز "الكومير" 10 دراهم، وهو المادة الحيوية التي يتم الانتظام في الصفوف لشرائها بهدف تزيين المائدة وكذا تدارك النهم الذي يعتصر معدة فئة لا يمكنها التخلف عن "ركب المفطرين". محمد بها