احتضانه أحياء للصفيح ومدمني المخدرات حوله إلى فضاءات للسرقة والاقتتال إذا كانت مقاطعة سيدي مومن من أكبر مقاطعات البيضاء، فإنها تعيش تحت وطأة التخلف المفضي إلى تبني سلوكات غير سوية تنتهي بسقوط ضحايا وظهور جانحين وجناة. ولعل ما يقع بسدي مومن القديم، الذي يضم أحياء ودواوير، يكشف كيف ساهم سوء البنية التحتية والعشوائية في التعامل مع دور الصفيح في تفريخ عدد من الظواهر والسلوكات الإجرامية، بدءا من ترويج المخدرات والإدمان على استهلاكها من قبل شباب في عمر الزهور، والسرقة والتحرش والاقتتال بين أبناء الأحياء، إما في إطار صراع الإلترات، أو الانتقام حول خلافات جانبية. إنجاز : محمد بها "كاع الأحياء طورات إلا سيدي مومن غادي وكيكفاس"، "كانوا برارك دابا ولاو عمارات قصدير"، "العشوائية عطاتنا أحياء ديال الغيس ماشي العيش"...هي مضامين حاول المهدي (اسم مستعار) أن يصف بها الوضعية المزرية التي تعيش على إيقاعها منطقة سيدي مومن، خاصة (سيدي مومن القديم)، الذي يعرف خصاصا حادا في البنيات التحتية والمرافق العمومية. مشاكل بالجملة "عايشين عيشة الدبانة فالبطانة"أغنية تصلح الاستعانة بها لوصف حال سكان سيدي مومن القديم، الذي يتميز باحتضانه عددا كبيرا من دور الصفيح، وقضية الإهمال من قبل المنتخبين والمسؤولين عن تسيير الشأن المحلي، من سلطة محلية ومنتخبين، والتي تجعل من وضعتيها أكثر تعقيدا، فهناك مشاكل بالجملة، من أهمها بنية تحتية سيئة تنعدم فيها الشوارع المهيأة بشكل حضري، وغياب ملفت للمساحات الخضراء وأماكن الترفيه، مقارنة مع التمدد العمراني بالمنطقة، وكذلك الخصاص الكبير في ما يتعلق بالمرافق الصحية والرياضية، دون الحديث عن توفير متطلبات السكان في ما يخص التنشيط المحلي والاجتماعي، بالإكثار من دور الشباب وتوفير فرص الشغل لتحصين الشباب من الإجرام. ومن الأمور التي تجعل زائر سيدي مومن القديم حائرا، احتضانه أكبر المتناقضات، إذ يتوفر على عمارات سكنية تجعل المرء يعتقد أنه أمام تجمع عمراني حضري، لكن بمجرد التوغل داخل أزقة الفضاء السكني، يصدم المرء بمعاينة مشاهد لمعالم البادية ونمط العيش العائد لدور الصفيح، بسبب انتشار العربات المجرورة بالدواب وتربية الدواجن والمواشي، وهي السلوكات التي أثارت الفوضى مادام المكان ليس مناسبا لممارسة "تفلاحت وتكسابت". "للا زينة وكملات" لأن المصائب لا تأتي فرادى، فإن العابثين بمستقبل أبناء سيدي مومن القديم، لم يقفوا عند حد رمي الشباب والقاصرين في مستنقع إدمان المخدرات، بل قرروا إدخال المفرقعات النارية الخطيرة، خاصة "صاروخ فيزي"، لجعلها بديلا عن الأسلحة البيضاء، في تهديد مباشر للأمن والنظام العامين. وأضحى صاروخ "فيزي"سلاحا يحوزه عدد من الجماهير الكروية في وقائع الشغب التي يتورط فيها جانحون، سواء بالملاعب ومحيطها أثناء صراعهم مع أنصار الفريق الزائر، أو في حسم الصراع خلال المواجهات الدموية التي تنشب بين الأفراد والعصابات التي تتكون من فتوات يؤمنون بقانون "القوي يأكل الضعيف"عوض الشرع والقانون. ولعل ما شهدته المنطقة قبل أيام من واقعة إجرامية ذهب ضحيتها شاب ذو أخلاق حميدة يشهد بها القاصي والداني، ذنبه الوحيد أنه كان مارا بالصدفة لحظة وقوع مناوشات بين متناحرين استعانوا برفاقهم لتشكيل عصابات لإنهاء خلاف بينهما، أكبر مؤشر على الخطر المحدق الذي يتربص ب"ولاد سيدي مومن القديم"بصفة خاصة وباقي أحياء المقاطعة الحضرية، عامة. الخلاء والظلام... مفاتيح الجريمة "البيضاء ليلها ليس كنهارها"، وهو ما ينطبق على حي سيدي مومن القديم، الذي ما إن يحل الظلام به حتى يتحول إلى مرتع للمشتبه فيهم، إذ أصبحت المنطقة، تشكل نقطة سوداء بالعاصمة الاقتصادية، ومرتعا لتفريخ الجريمة بمختلف أصنافها، بسبب احتضانها تجار المخدرات، ومقاهي تعتبر فضاء لتجمع ذوي السوابق والمنحرفين، وهو ما شكل شبحا يقض مضجع السكان والزوار والمارة من مختلف الفئات والأعمار. أما النسوة والرجال والشباب الذين يرغبون في العودة إلى منازلهم في وقت متأخر من الليل لأسباب ترتبط بالعمل أو التنزه في أماكن أخرى، فما عليهم سوى البحث عن مرافق "الوناسة فالطريق"، بحثا عن الحماية، تفاديا للتحرش أو التعرض للسرقة، من قبل اللصوص المتربصين بالعائدين إلى بيوتهم تحت جنح الظلام وخلو الشارع من الحركة الدؤوبة. وأصبحت مناطق الخلاء عالة على العناصر الأمنية، بفعل تحولها إلى مسارح لمختلف الجرائم، وفضاء يتجمع فيه المنحرفون والمدمنون والفارون من العدالة للاختباء من أعين الشرطة ودوريات الأمن. صرخة مواطنين رفع عدد من سكان حي سيدي مومن القديم الذين التقتهم "الصباح"، مطالبهم إلى المصالح الأمنية، لإعطاء تعليماتها لتكثيف الدوريات الأمنية بجميع الأماكن المظلمة التي يحتمل أن تشهد جرائم العنف والسرقة والاغتصاب وتجمع المنحرفين، والقيام بحملات واسعة لتشمل جميع المقاهي المشبوهة دون استثناء، لرصد المخالفين وإيقاف المشتبه فيهم. وتمنى عدد من أرباب الأسر والعاملات والطلبة، استتباب الأمن بسيدي مومن عن طريق تفعيل التدابير الأمنية، التي ترفع من الجاهزية الأمنية لتأمين الأماكن العمومية والخاصة، إضافة إلى القيام بدوريات أمنية لإيقاف المشتبه فيهم من ذوي السوابق وإجراءات وقائية لمنع حدوث أي جريمة، لضمان سلامة المواطنين.