قال إن إسقاط الميزانية لم يكن إلا شجرة تخفي غابة اختلالات تهدد أعمالا وقرارات بالإلغاء حذر عبد الصمد حيكر رئيس فريق العدالة والتنمية بجماعة البيضاء من تعدد الأخطاء الجسيمة المرتكبة من قبل المكتب الحالي، معتبرا أن إسقاط النسخة الأولى من الميزانية لم يكن إلا الشجرة التي تخفي غابة اختلالات، تهدد قرارات وأعمال المجلس بالإلغاء، سواء من قبل سلطة الوصاية أوالقضاء الإداري. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب < أولا أريد أن أؤكد أن الخطاب الملكي المخصص لأعطاب تدبير البيضاء كان محطة مهمة في مسار المدينة، لكن ما يتم التغاضي عنه في الغالب أنه لم يقتصر على مجلس 2015 بل أشار بصريح العبارة إلى كبوات المجالس المتعاقبة، إذ لم تكن في الخطاب ولو كلمة واحدة تحصر وجهة الخطاب إلى المجلس القائم ساعتها، وقد تضمن تشخيصا لأهم الأعطاب، التي تعانيها البيضاء، التفاوتات المجالية، ومشكل النظافة، مشكل الربط بالصرف الصحي، وجعل من محور الحكاممة أصل كل المشاكل، مع الإشارة إلى ضرروة التوفر على نظام قانوني ملائم، بالإضافة إلى الإعلان عن وجود هدف استراتيجي للدولة المغربية، هو تحويل المدينة إلى قطب مالي دولي لذلك اختار جلالة الملك خطابا رسميا، له دلالته ورمزيته ووظيفته في توجيه عمل الحكومة والبرلمان، ولذلك تضافرت جهود القطاعات الحكومية أيضا من أجل توفير اعتمادات مالية مهمة جدا، لا يمكن أن توفرها جماعة البيضاء، لو قضت عمرها تبحث عن التمويل. أعتقد أن الخطاب الملكي لم يكن صك إدانة للمجلس القائم آنذاك، بقدر ما كان تشخيصا لم يمكن غاية في حد ذاته ولكنه كان مناسبة للإعلان عن هدف أكبر هو جعل البيضاء قطبا ماليا دوليا. وفي هذا الإطار وجد برنامج تنمية الدار البيضاء الكبري في شكل اتفاقيات وقعت أمام جلالته وترتب عنه برنامج كانت الجماعة شريكا فيه، لذلك عندما وصلت الولاية الماضية وجدنا أنفسنا مجبرين على إدماج البرنامج في خطة عمل المجلس الذي قاده العدالة والتنمية، لذلك ارتكزت الرؤية الإستراتيجية التي اعتمدناها على محورين، أولا إعادة هيكلة البنية التحتية للمدينة لتصبح في مستوى قطب مالي دولي، ثم القيام بخدمات القرب باعتبار المجلس والمقاطعات من فئة الجماعات المحلية التي لها صلاحيات الاهتمام بالمعاش اليومي للمواطنين. < لن تحقق البيضاء مثل ما أنجز خلال ولاية المجلس السابق الذي تميز عمله بكفاءة المردودية، على اعتبار أن مدة ولايته عرفت سنتين من شبه التوقف بسبب الجائحة، إضافة إلى سنة انتخابية وسنة أولى كانت مرحلة للتشخيص فقط. تمكن ذلك المجلس من حل معضلات استمرت لعقود في مقدمتها مشكل الحافلات، وكذلك إنهاء المعضلة المزمنة للنفايات، وحل مشكل المطرح. وجدنا أن المدينة مكبلة بعقد يفرض عليها توفير عقار من 90 هكتارا لشركة لن تقوم إلا بطمر النفايات بعقد طويل المدة، وأكاد أقول إنه شبه مؤبد. وهنا أذكر بأن حل المشكل تطلب منا عملا مضنيا وصل حد اللجوء إلى المحاكم الدولية. وتجدر الإشارة إلى مواكبة سلطة الوصاية في هذا الملف، ومع ذلك فإن الخصاص مازال موجودا والطموحات كبيرة لكن دون أن ننكر ما تم إنجازه في هذه المرحلة، ربما كان هناك بعض التأخر في ما يتعلق بتهيئة مداخل البيضاء، رغم أننا فتحنا هذا الملف منذ الأشهر الأولى للولاية السابقة، وحتى قبل إنجاز برنامج العمل إذ كنا نعتبر أنه من غير المقبول أن يكون هناك فرق بين مداخل ليساسفة وطريق المطار، حيث يوجد الجسر المعلق، وباقي المداخل الأخرى، رغم وجود إكراهات كبيرة تتمثل أساسا في مطلب توفير العقار، وذلك هو السبب في تأخر تهيئة مدخل البيضاء، عبر الهراويين. < لأن المجلس اتخذ قرارا سياسيا مبدئيا بعدم الوقوع في مشكل الاعتداء المادي على حقوق الغير، والدليل على ذلك أن جماعة البيضاء صنفت حينها في الرتبة الأولى من حيث تنفيذ الأحكام القضائية فقد بذل مجهود للرفع من مردودية القسم المختص الذي لم يمكن فيه إلا ثلاثة محامين رغم تنوع و صعوبة القضايا، وقد تأتى لنا ذلك بإجراءات من قبيل منح الأسبقية للملفات ذات التعويضات الصغيرة والمتوسطة ورأينا أنه من غير المقبول المساواة بين ملف 20 مليون سنتيم وملف 20 مليون درهم، وقد لجأنا في ما يتعلق بالملفات الكبرى إلى مسطرة التراضي. < لقد أشرنا ونحن في المعارضة إلى مجموعة من الاختلالات وجزء منها تلك التي بررت بها وزارة الداخلية عدم التأشير على النسخة الأولى من ميزانية السنة الجارية، وكذلك كان الشأن بالنسبة إلى المقرر المتعلق بعمارة أبناء الشهداء بالحي المحمدي، الذي أرجعته الداخلية بسبب الملاحظات نفسها التي تقدمنا بها سنة قبل ذلك. وطبعا هناك فرق بين الإشكالات التي كانت مطروحة بين الوالي و"بيجيدي" وما يقع الآن بين سلطة الوصاية والمجلس الحالي، لأن الخلاف لم يعد سياسيا كما كان، بل هو تصد من الوصاية لأخطاء جسيمة، ترتكب من قبل المجلس الحالي، كما أن المعارضة التي نمارسها ليست ذات خلفيات سياسية بقدر ما هي معارضة قانونية، ويمكن أن أقول إنها معارضة تقنية، لذلك لن نقوم بالمعارضة من أجل المعارضة، بل نحاول أن ينجح المجلس، لكي لا تخسر المدينة، والدليل على ذلك أن عددا كبيرا من مقترحاتنا يتم اعتمادها بالإجماع في اللجان الدائمة وفي الدورات، لكنها لا تنفذ. منطق الترضيات < اعتبرنا في المجلس السابق أن تدبير البيضاء تجربة استثنائية، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بالعاصمة الاقتصادية، في أفق أن تصبح قطبا ماليا دوليا، ما يفرض أن يكون لها نظام قانوني ملائم على حد وصف جلالته في الخطاب المتعلق بالبيضاء وأستبعد استعمال كلمة نظام خاص، لأن ذلك سيحيلنا على مدينة الرباط والمشور. لذلك حاولنا أن نتقدم في هذا الاتجاه من خلال استثمار ما يتيحه القانون بالنسبة لكل المدن التي تخضع لنظام وحدة المدينة،وخاصة في ما يتعلق بآلية ندوة الرؤساء التي ينص القانون التنظيمي على أنها استشارية فقط و تنعقد مرة واحدة في كل سنة، في حين كانت تنعقد خلال الولاية السابقة مرة كل ثلاثة أشهر و لم تقتصر فقط على أن تكون آلية إخبارية بل تجاوزت ذلك لأن أصبحت أداة للتوافق بين العمدة ورؤساء المقاطعات في ما يخص المقررات التي تتعلق بهذه الأخيرة، واسألوا رؤساء المقاطعات السابقين من الأحزاب الأخرى من أمثال "سي شباك" و»سي بنعمر»، وعكس ذلك هو ما يحدث اليوم، ذلك أن ندوة الرؤساء تحكم اليوم بمنطق الترضيات، فعندما نلجأ إلى منح البعض امتيازات فقط لإسكاتهم فذلك سيهدد مبدأ العدالة المجالية بين المقاطعات وهنا نطرح الميزة الخاصة لجماعة البيضاء التي تتميز عن باقي جماعات نظام وحدة المدينة بوجود سلم إضافي في هيكلة اللاتمركز، وهي عمالات المقاطعات التي تستوجب حرصا أكبر على الإنصاف بين مقاطعات المدينة، فكيف يعقل أن تتم برمجة محور طرقي بتكلفة مالية ضخمة في مقاطعة دون سواها ؟ في حين تم رفض مشاريع طرق في مقاطعة أخرى لن تكلف شيئا و لا يزيد طولها في الغالب عن 500 متر، وقد رفض طلبنا المتعلق بالمعلومات عن مسار مثل هذه المحاور الطرقية والأراضي التي ستمر منها، وكم ستكلف الجماعة وقدر المساهمة المجانية التي سيستفيد منها المجلس، إضافة إلى العلامات الاستفهامية المتعلقة بصلاحيات ترخيص الملك العمومي. "عطيني باش نسكت" المجلس الحالي يمتلك فرصة أظنها لن تتكرر بالنظر إلى طبيعة نتائج انتخابات شتنبر 2021، بالنظر إلى أن الأغلبية نفسها التي تقود مجلس البيضاء تقود مجلس الجهة وتقود الحكومة برمتها، ما يوضح سر بعض التعثرات السابقة في العلاقة بين مجلس البيضاء و الجهة، فاليوم الجهة منخرطة باعتمادات مالية ضخمة، ما يفترض معه أن تكون هناك رؤى منسجمة للأغلبيات التي تحكم الجهة والمدينة ومختلف القطاعات الحكومية، على اعتبار أن ليس هناك أي رئيس مقاطعة من أحزاب معارضة، للقيام بأعمال تكرس مبدأ وحدة المدينة، ألا وهو التوزيع العادل للمشاريع وأظن أن المجلس السابق ترك أثر للاجتهاد في هذا الاتجاه، من خلال قاعدة تهيئة شارع كبير وحديقة و قاعة مغطاة لكل مقاطعة وشجرة لكل أسرة، وحتى في مجال تهيئة الطرق قمنا في متم كل سنة بجرد لحصيلة المنجزات تمكنا في السنة الموالية من منح فرصة استدراك للمقاطعات المتأخرة في هذا الخصوص، ولعلها كانت إحدى نتائج تفعيل ندوة الرؤساء، لكي تقوم بأدوار أكبر من "عطيني باش نسكت» . تفويتات بقايا الطرق إن السبب الذي جعلنا نتشبث بملف الممتلكات العقارية لمجلس المدينة، قناعة لدينا بأن البيضاء يمكن أن تعيش من مواردها الخاصة، فعند تسلمنا مقاليد تدبير شأن المدينة وجدنا على الطاولة ملفا مع "كازا باترموان" متعلقا بتحديد الممتلكات العقارية للمدينة برسم اتفاقية مصادق عليها في 2014، بالتزامات متعلقة بالتموين والتتبع والمواكبة وتيسير المهمة في علاقة مع المقاطعات، إذ وجدنا أنفسنا أمام ملفات معقدة ، كما هو الحال بالنسبة إلى ملحقة أنوال، التي تفاجأنا بأنها مازالت في ملكية شركة عقارية، كان يفترض أن تمرر ملكياتها إلى الجماعة بعد استكمال تهيئة تجزئتها، فتجميع مثل هذه المعلومات وإيداعها لدى مصالح المجلس نعتبره إنجازا في حد ذاته، لأن جزءا كبيرا من العقارات المحصية يمكن أن يكون مصدر مداخيل كما هو الحال بالنسبة للعقد الجديد المبرم مع المتعهد الذي يكتري مركب زناتة. الأكيد أن الوضعية التي وجدها المجلس الحالي تختلف كثيرا عما وجده المجلس السابق، كما أن الإجراءات التي تتم حاليا في هذا المجال لا تتسم بالشفافية، وهنا أتكلم عن عملية إحصاء بقايا الطرق التي لا نعرف من يقوم بها ولا المعايير المتبعة لتصنيف هذه البقع في خانة الأراضي غير القابلة للبناء، إضافة إلى الانتقائية في ما يعرض من نقاط ذات الصلة، كما أن صياغة هذه النقاط في صيغة جدول أعمال تتم بشكل يحجب أحيانا كثيرة عددا من المعطيات الواجب تضمينها في عنوان النقط المعنية، حيث في كثير من الأحيان لا تتم الإشارة إلى مكان وجود القطع الأرضية المراد تفويتها، ولا إلى اسم المفوت له، ولا المساحة، إضافة إلى أنه أحيانا يتم الإصرار على بيع قطعة أرضية إلى صاحب رسم عقار مجاور، رغم أن هناك وجود رسوم عقارية أخرى مجاورة، في غياب للمنافسة، مما نعتبره مخالفا للقانون ولقواعد الحكامة الجيدة. قرارات في مهب الإلغاء لقد بدأ التأخر في إخراج برنامج العمل يتعدى الحدود، أكثر من ذلك يمكن اعتبار أن الميزانية الحالية كان ينبغي عدم التأشير عليها لعدم إنجاز خارطة طريق التنمية بالبيضاء، وهو أمر بين مدى الارتباك الحاصل في مسطرة إعدادها، خاصة في ما يتعلق بتركيبة التمويل التي تشوبها أخطاء جسيمة، إلى مسألة اعتماد مكتب دراسات دون الإدلاء بالمعلومات الكافية، إذ لا نعرف شيئا سوى تسريبات عن كلفته الكبيرة، ويمكن أن أجزم لكم بألا علاقة تجمع بين البرنامج الذي تم الكشف عن خطوطه العريضة والبرامج الانتخابية للأحزاب التي صعدت في «الهبة» الديمقراطية لـ 8 شتنبر. ومن بين الإشكالات القانونية الخطيرة التي تهدد عمل المجلس الحالي، مسألة المنصب الشاغر في لائحة نواب العمدة، فمن الناحية القانونية والتدبيرية لم تكن هناك معاينة شغور المنصب من قبل سلطة الوصاية بعد حديث عن تقديم النائب الرابع استقالته، ولم تتم عملية الإزاحة التي تعني أن النائب الخامس يصبح رابعا والسادس يصبح خامسا، وصولا إلى النائبة العاشرة التي أصبحت بحكم القانون النائبة التاسعة، وهو اختلال قد يعرض قرار المجلس للإلغاء من قبل القضاء الإداري، أكثر من ذلك يمكن أن أقول بأن هناك في المجلس من وجبت إقالته بعد تغيبه خمس مرات، والغريب أنه يتدخل في عمل كل المصالح، دون أن تنفذ في حقه مقتضيات المادة 66 من القانون التنظيمي. في سطور من مواليد 4 يوليوز 1967 بالبيضاء. متزوج وأب لثلاثة أطفال. حاصل على الإجازة في العلوم شعبة الكيمياء، والآداب شعبة الدراسات الإسلامية، و الماستر في القانون العام شعبة القانون الدستوري والعلوم السياسية. باحث في سلك الدكتوراه شعبة القانون الدستوري والعلوم السياسية رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة البيضاء. نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب. عضو بالبرلمان الأفريقي عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية