محاضر الدرك تثير الجدل

لا توجه أصولها إلى النيابة العامة وإنما نسخة تتضمن ما أنجز
تثير المحاضر المنجزة من قبل الدرك الملكي من حين لآخر، العديد من النقاشات، تنصب أساسا على الدفع ببطلان الإجراءات المتخذة، بعلة مخالفة المحاضر للشكليات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، في إطار الدفوعات الشكلية التي حدد المشرع كيفية إثارتها في المادتين 23 و24 من المسطرة الجنائية.
وبالرجوع إلى المادة، 23 من القانون المذكور، يرى محامون، أنها نصت في فقرتها الثانية «يجب على ضباط الشرطة القضائية، بمجرد انتهاء عملياتهم، أن يوجهوا مباشرة إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسختين منها مشهود بمطابقتهما للأصل، وكذا جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بها»، بيد أن ضباط الشرطة القضائية بسلك الدرك لا يوجهون أصول المحاضر إلى النيابة العامة، وإنما يقومون بإرسال نسخة تتضمن ما أنجزوه وما قاموا به من عمليات، ويشيرون في ختامه إلى أن المصرحين وقعوا في دفتر التصريحات، وهنا يطرح سؤال مراقبة صحة الإجراءات التي تم القيام بها، رغم أنه يتم التأكيد على أن هذه المحاضر مؤشر على مطابقتها للأصل.
ويرى محامون، من خلال الممارسة المهنية، أنه يستحيل بسط الرقابة على هذه المحاضر من قبل القضاء الجالس أو المحامين، مما يثير دوما النقاش حول حجيتها، واحترامها للشكليات القانونية، إذ نصت المادة 24 من المسطرة الجنائية في الفقرة السادسة، على أن يوقع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده. وإذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر، في حين أن محاضر الدرك الملكي يوقع فيها المصرح بدفتر التصريحات، ويشار إلى ذلك في المحاضر التي ترسل إلى النيابة العامة، إلى أن المعني بالأمر، «وقع معنا في دفتر التصريحات».
وفي هذا الصدد، يؤكد المحامي نبيل أبوهلال، في دراسة له، أن “عدم وجود توقيع المشتبه به وكتابة اسمه، أو توقيع المصرحين والضابط محرر المحضر، يترتب عنه في حال التمسك به دفعا شكليا وفقا للقواعد المنصوص عليها قانونا، اعتبار المحضر كأن لم ينجز وهو جزاء أخطر من البطلان، طبقا لمقتضيات المادة751 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك تجسيدا لمبدأ أساسي هو شرعية الإجراءات”.
بيد أن هذا الرأي، يرد عليه بعض أهل الاختصاص، بأن المحاضر المنجزة سليمة من الناحية القانونية، تطبيقا لمقتضيات المادة 68 من المسطرة الجنائية، التي نصت على أنه “إذا تعلق الأمر بهيآت أو مصالح يلزم فيها ضباط الشرطة القضائية بمسك دفتر التصريحات، تعين عليهم أن يضمنوا في هذا الدفتر البيانات والتوقيعات المشار إليها في المادة السابقة”، وبالتالي تبقى هذه الإجراءات سليمة من الناحية الشكلية، ولا يمكن الطعن في هذه المحاضر بالزور، غير أن الأستاذ أبو هلال، سيعود لمناقشة المادة المذكورة، معتبرا أنها وردت في القسم الثاني المعنون بإجراءات البحث وضمن الباب الأول، المعنون بحالة التلبس بالجنايات والجنح، أي أنها تتحدث عن حالة التلبس وما يستتبعها من إجراءات تحد من حرية الأشخاص والوضع رهن الحراسة النظرية.
ويعضد أبو هلال، وجهة نظره القانونية، بقرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، في القرار 2042/09، المنشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 72، والذي جاء فيه “حيث إن مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 68 المذكورة تتعلق ببيانات خاصة بالوضع تحت الحراسة النظرية، ولا تعتبر استثناء للمادة 24 فيما يخص توقيع المصرح على أصل المحضر، إذ الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على أنه تدرج بيانات مماثلة في المحضر الذي يوجه إلى السلطة القضائية، وأن المادة 69 تنص على أنه يحرر ضابط الشرطة القضائية فورا المحاضر التي أنجزها طبقا للمادة 57 وما بعدها إلى المادة 67 ويوقع على كل ورقة من أوراقها، كما لا تستثنى محاضر الدرك من تطبيق مقتضيات المادة 23 التي توجب توجيه أصول المحاضر إلى النيابة العامة المختصة. وبالتالي فإن المقصود بالمادة 68 هو السجل الخاص بالوضع رهن الحراسة النظرية، وليس المحضر المنجز.
محمد العوال (آسفي)