تقرير ينتقد توزيع الأراضي على المستفيدين وحرمان خزينة الدولة من الملايير رصد تقرير للبنك الدولي مجموعة من السلوكات الريعية، التي تحكم مسألة الأراضي بالمغرب، منتقدا اعتماد التنمية الحضرية على قيام السلطات العامة بتوفير أراض، غالبا ما يتم ذلك بطرق خارجة عن إطار الحكامة وفي مواقع غير مناسبة، مسجلا أن المغرب على غرار دول المنطقة يواجه تحديات تتعلق بندرة الأراضي وحكامة تدبيرها، خاصة في سياق يتسم بنمو ديمغرافي مرتفع وتحديات مناخية صعبة. ونبهت المؤسسة المالية الدولية إلى أن تعبئة أراضي الدولة في المغرب لا تخضع لقواعد السوق، أي لا يتم نقل الأراضي بالقيمة السوقية الحقيقية وإنما بأسعار تفضيلية، وهو ما يؤدي إلى توليد إعادة توزيع الريع والثروة على المستفيدين من هذه المخصصات، حيث لا تنقل الأراضي إلى المستخدمين الأكثر إنتاجية، المستعدين لدفع المزيد مقابلها، بل تخضع لحسابات ريعية. ورفض البنك الدولي تبرير تخصيص الأراضي بقيمة أقل من قيمة السوق، بالزعم أن ذلك يكفل تيسير تكلفة الأراضي على الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل وتحقيق تكافؤ فرص الحصول عليها، مسجلا عدم وجود متابعة لمدى تحقيق هذه النتائج على أرض الواقع في ظل تناقص رصيد الأراضي العامة في المواقع المناسبة للتنمية الحضرية، يدفع في اتجاه اختيار مواقع دون المستوى الأمثل للتنمية الحضرية، وخاصة للمساكن الاقتصادية ونقل الأحياء الصفيحية. وكشف التقرير أن برامج الإسكان الاقتصادي اضطرت إلى الانتقال لأطراف المدن دون ربطها بشبكة البنية التحتية، ما أدى إلى تفاقم الزحف المكاني، وصعوبات في تقديم الخدمات، وفرض ضغوط على شبكات النقل، وخلق آثار ضارة على البيئة، مسجلا ضعف الإيرادات المتأتية من الضرائب العقارية، رغم أن المغرب من بين الدول التي تطبق أعلى الضرائب العقارية في المنطقة. وأرجع التقرير أسباب انخفاض هذه الإيرادات الضريبية على العقار إلى الإعفاءات العديدة، التي أدخلت لاسترضاء ذوي المصالح المكتسبة، خاصة المرتبطين بمجال العقار. ويمتد الريع في التعامل مع الأراضي حسب التقرير المذكور ليطول إمكانية حصول الشركات على الأراضي، حيث تشكل الارتباطات السياسية، عاملا مساعدا، إذ يتضح جليا أن الشركات ذات الارتباطات السياسية في المغرب تواجه قيودا أقل في الحصول على الأراضي، مقارنة بالشركات التي ليست لديها روابط سياسية، ما يجعل المغرب من بين أعلى البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حضورا للشركات ذات الارتباطات السياسية. وتوقف تقرير البنك الدولي على ما تتعرض له الأراضي من تدهور مستمر وتصحر، بشكل يفاقم مشكلات شح المياه التي تهدد الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، ناهيك عن المشاكل المرتبطة بالتنمية الحضرية على أراض غير صالحة، مبرزا أن السياسة الفلاحية في المغرب ساهمت في تحويل خيارات المحاصيل نحو أصناف كثيفة الاستخدام للمياه، مما أدى إلى تفاقم نضوب المياه وتدهور الأراضي، وغير ذلك من العواقب البيئية. ياسين قُطيب