مسؤولو البيضاء يتبادلون عبارات الحسرة بعد "اكتشاف" أعداد أطفال الشوارع والمختلين عقليا والمتخلى عنهم تقاسم مسؤولو البيضاء، أول أمس (الأربعاء)، عبارات الأسى والأسف والحسرة، وهم يتابعون روبورتاجا استعرض صورا ومشاهد لأطفال شوارع وأشخاص متخلى عنهم في وضعيات صعبة، ومختلين عقليا يجوبون الأزقة والساحات، ومسنين وعجزة دون مأوى. وتابع الوالي وعمال مقاطعات ورؤساء جماعات ومديرو قطاعات، الذين حضروا لقاء حول الإدماج الاجتماعي، تحرك الكاميرا وسط الفئات الاجتماعية المهمشة ونزلاء المراكز والمؤسسات الخيرية وأعداد المتسولين، باهتمام بالغ، كأنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها فظاعات إنسانية تعيش في عاصمة المال والسياحة والأعمال ومدينة "الذكاء". وفي حصة المداخلات "الرسمية"، اقترب مسؤولين من ذرف الدموع فوق منصة الخطابة، وهم يرتجلون، بصعوبة، عبارات تعاطف "تدمي الفؤاد"، تجاه أطفال يفترشون قطع "الكارطون"، ونساء مسنات يبتن في العراء، وأيتام بلا معيل، وذوي احتياجات خاصة لا يجدون كرسيا متحركا يتنقلون بواسطته لقضاء الحاجة. وفي لحظات "شديدة الحزن"، كادت القاعة كلها تنخرط في نوبة بكاء ونحيب حادين، بعد أن رأى الجميع كيف تأثر "مسؤولون" يحكمون المدينة لوضعيات اجتماعية، حتى كادوا يفرغون علب المناديل الورقية الناعمة التي وضعت بجانبهم. وليست هذه الفئات وحدها التي تعاني الهشاشة والتهميش، فكذلك هذا اليوم الدراسي الذي ظهرت عليه أعراض "هُزال" مزمن في المضمون والتصور، وقصور في النظر (البعد والقرب)، وارتجاج في الفقرات والمفاصل. وبذل المدعوون القلائل الذين حضروا لمركب وزارة الأوقاف بالمعاريف، مجهودات ذهنية جبارة لفهم طبيعة "اللقاء الأول حول الإدماج الاجتماعي" وسياقه، والغرض منه بالضبط وأسباب النزول والخلفيات، والقيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها وسط كم هائل من التقارير والتوصيات والبرامج والنماذج والمشاريع المعدة مركزيا وجهويا ومحليا، وتوجد في حيز التنفيذ ضمن الورش الملكي الكبير للحماية الاجتماعية. وطرح البعض خلفيات "اختيار" هذا الموضوع بالذات ورفعه إلى مستوى "أولوية" في برنامج عمل الجماعة، رغم أن لا علاقة للإدماج الاجتماعي باختصاصات الجماعة المفروض أن تهيئ شروط العيش الجيد والكريم لجميع المواطنين حتى لا يضطروا للمبيت في الشارع. فلم يحدث في السنوات الماضية من عمر نظام وحدة المدينة على الأقل، أن كان الإدماج الاجتماعي (وليس التنشيط الاجتماعي)، اختصاصا خالصا لجماعة البيضاء، التي تعتبر شريكا في البرامج والمشاريع في إطار مقاربة للالتقائية، وليست فاعلا أساسيا، عكس مجلسي الجهة والعمالة والقطاعات الوزارية (الصحة، التضامن، الداخلية، التعاون، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) التي يعطيها المشرع هذا الاختصاص. وإذا أضفنا إلى كل ذلك، الطريقة المربكة والمرتبكة في التنظيم والتنشيط وإعداد الوثائق، سنصل إلى خلاصة أساسية أن اللقاء الأول للإدماج الاجتماعي، ليست سوى واجهة "جد مناسبة" لصرف فصل "فائض" من ميزانية 2022 حتى لا تسقط في "لماص". بمعنى أدق، تنظيمُ أي شيء، وفي أي شيء، وفي أي وقت، ولو تعلق الأمر بلقاء لـ"تفريق اللغا" وتلاوة كلمات مسكوكة بلا طعم ولا رائحة ولا لون، والانتهاء بتحرير توصيات وخلاصات ستوضع في الرف. وكفى المؤمنين الصابرين شرف المحاولة. يوسف الساكت