أموال المبادرة تفضح المستور

جمعيات حققت حلم المهمشين وأخرى احتالت على الدولة في مشاريع وهمية أو استغلالها لأهداف انتخابية راهنت الدولة بشكل كبير على المجتمع المدني لإنجاح مشروع المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية منذ الإعلان عنها في 2005، بهدف تنمية المناطق التي تشهد هشاشة كبيرة. وفعلا نجحت جمعيات إلى جانب تعاونيات، في تنزيل مشاريع اقتصادية ما زالت تعود بالنفع على المستفيد منها إلى اليوم في مجالات عديدة، أبرزها القطاع الفلاحي، إذ أن بعض المدن الكبرى شهدت ظهور أسواق ممتازة لبيع منتوجات متنوعة لتعاونيات وجمعيات فلاحية، ولقيت الفكرة إقبالا كبيرا من قبل المواطنين. إلا أنه في الوقت الذي التزمت فيه جمعيات بتحقيق مشاريعها على أرض الواقع، مستفيدة من دعم مالي مهم من قبل الدولة، فشلت جمعيات أخرى في هذا المبتغى، إما بسبب عدم كفاءة مسيريها وأطرها، أو استغلالها لأهداف سياسية وانتخابية ضيقة، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية إلى تدارك هذا الأمر، عبر فرض شروط ومعايير جديدة ومشددة على الجمعيات الراغبة في الاستفادة من تمويلات، لإنجاز المشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. هدف وزارة الداخلية من هذه الخطوة، هو الرفع من نجاعة المشاريع التي تحظى بمواكبة المبادرة، بعد أن تبين أن عددا منها دون مستوى طموحات الفئة المستهدفة، في حين كان الفشل والإفلاس مصير مشاريع أخرى، خصصت لها الملايين، ما دفع المسؤولين في ما بعد إلى استبعاد الجمعيات التي لا يتوفر مسؤولوها وأعضاؤها على مستوى علمي وأكاديمي يمكنهم من مواكبة المشاريع بشكل سليم. هذه الخطوة، تأتي بعد أن استغلت جمعيات أموال المبادرة لتحقيق المصالح الشخصية للمنتسبين إليها بتواطؤ مع جهات، من بينهم منتخبون، إذ وصل الأمر إلى حد النصب على المستفيدين وابتزازهم، بل الأكثر من ذلك، اتضح مع الوقت أن مشاريع خصصت لها ميزانية بالملايين، وهمية ولا وجود لها في الواقع. من بين أكثر المشاريع المثيرة للجدل والتي لقيت دعما ماليا كبيرا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مشروع يتعلق بتربية المواشي بضواحي البيضاء، إذ كان يهدف إلى ضمان مناصب عمل قارة ولسنوات طويلة لفائدة سكان المنطقة، الذين يعانون الفقر والهشاشة، إذ تنبأ المشروع بتحقيق أرباح كبيرة في تربية وبيع المواشي بجميع أصنافها. إلا أن الصدمة ستكون كبيرة، عندما اكتشف المسؤولون أن المشروع لم ينجز، وأن أصحاب الفكرة اختفوا عن الأنظار بمجرد توصلهم بأموال المبادرة، وأن ما بقي منه مجرد أطلال بناية قديمة، بعدما تم الادعاء في دراسة المشروع أنه سيتم ترميمها لتحويلها إلى إسطبل كبير للمواشي ومقر للمشرفين على المشروع. مصطفى لطفي مساومة وابتزاز الفضيحة نفسها، شهدها مشروع لتوزيع الدراجات النارية ثلاثية العجلات بالبيضاء، إذ سارعت جمعية صاحبة المشروع إلى فتح باب التسجيل في وجه الفئات المهمشة والعاطلين عن العمل. وبعد حصر اللوائح، بدأ فصل المساومة والابتزاز عبر مطالبة كل مستفيد بمبلغ مالي مقابل تمكينه من دراجة نارية تحت ذريعة أن عدد المسجلين يفوق عدد الدراجات التي ستوزع عليهم، إلا أن الكارثة، أن المشرفين على المشروع احتفظوا بأموال الضحايا واختفوا عن الأنظار. كما تورط مستشارون في التلاعب في مشاريع وأموال المبادرة، إذ نجحوا في تفويت مشاريع لجمعيات تابعة لهم، من بينها النقل المدرسي أو توزيع الماء الصالح للشرب في مناطق حرم سكانها من هذه المادة الحيوية، ومشاريع أخرى عديدة، إذ استغلت هذه المشاريع الممولة من الدولة في الدعاية السياسية والانتخابية للمستشارين، عبر حصرها على أنصارهم لضمان أصواتهم في كل محطة انتخابية.

أموال المبادرة تفضح المستور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

12 ألف مشارك في ماراثون مراكش

الصادرات‭ ‬فاقت‭ ‬390‭ ‬مليار‭ ‬درهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات