نولي… مبدع رغم الإعاقة

حصل على الإجازة ويرسم لوحات بروحه وشارك في معارض وطنية ودولية وأنتج وأخرج 4 أفلام قصيرة ضمن هذه الزاوية، سنحاول تسليط الضوء على عدد من الشباب العصاميين الذين كونوا أنفسهم بأنفسهم وتحدوا الصعاب بأن جمعوا الحجارة التي في طريقهم وجعلوا منها سلما يرتقون به نحو سماء النجاح، وتحقيق أهدافهم حتى أصبحوا منتجين وسط أسرهم ومجتمعهم وأمتهم. «الصباح»، منحتهم الكلمة للتعريف بأنفسهم وبأفكارهم وأعمالهم وبأحلامهم التي جعلتهم ينسجون قصة نجاح في ظل عالم متغير ومتطور. لم يطلق اسم الشاب التازي المبدع أحمد أمين نولي، على الدورة السابعة للمهرجان الدولي لسينما المقهى بمدينة تازة، اعتباطا أو مجاملة ومحاباة. واستحق هذا التكريم والالتفاتة تقديرا لريادته وتحديه إعاقته الحركية وفي النطق لرسم خارطة طريق نجاحه، رغم كل الصعاب والمشاكل والمثبطات، للوصول إلى أعلى رتب التألق. هذا الشاب الموشك عمره على الثلاثين، كان عريس الدورة وسيدها، بإطلاق اسمه عليها ولفته انتباه الجميع. ألمع نجوم السينما المغربية حفوه برعاية خاصة وأحاطوا به بالمنصة تكريما. وأمطروه بعبارات الثناء والتقدير، سيما وهشام الوالي الذي قال فيه كلمة مؤثرة أثنى فيها على إرادته القوية وسر نجاحه وتألقه لأن «يد الله معه». وقال «أمثاله نموذج يحتذى به، لأنه فنان تشكيلي ليس بيده، إنما بروحه ورجليه» و»العجز بدواخلنا وما دام القلب ينبض، فهو يعطي ويبدع»، موجها رسائل لشباب اليوم اليائس أو المحبط، لاتخاذ أحمد أمين مثلا وأخذ العبر من حياته وتحديه للصعاب الجسدية والاجتماعية، التي لم تمنعه من الإبداع وتحقيق الكثير من أحلامه. الشاب أحمد أمين يرسم لوحاته التشكيلية بروحه وأنامل رجليه. ومثل أدوارا في أفلام وأنتج وأخرج أخرى بينها فيلم «شعلو الضو» أحد 4 أفلام قصيرة أخرجها بينها «بصيص أمل»، مختصرا حياته ومعاناته في أشكال إبداعية، عبارة عن لوحات وأشرطة يبعث عبرها رسائل واضحة لكل النفوس المحبطة، أو التي هزمتها ظروف. يحكي أبوه الجيلالي عن رحلة حب لا تنتهي مع ابنه أو «صديقي» كما يصفه الذي يرافقه في حله وترحاله بعدما تفرغ له بعد إصابة أمه بسرطان الثدي، مشيرا إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة لهم مواهب وقدرات يجب إبرازها ومساعدتهم على ذلك، داعيا لتجاوز النظرة المقللة من مثل تلك القدرات المحتاجة للكشف. اكتشاف موهبته ليس حديثا، بل يعود لما كان عمره 5 سنوات حين رسم أولى لوحاته التشكيلية. لم تكن إعاقته الحركية حائلا ولا عائقا بينه والإبداع ودراسته، وهو المتفوق فيهما والحائز على شهادة الإجازة في القانون من الكلية المتعددة التخصصات بتازة، وحاليا يتابع دراسته في الإخراج والمونتاج بمعهد خاص للصحافة. ويؤكد والده الجيلالي أن شهرة ابنه تعدت الحدود الترابية المحلية والوطنية، بمشاركته في معرض دولي بالقاهرة بمصر رفقة ذوي احتياجات خاصة من مختلف الدول سيما العربية، إضافة لإقامته معارض بمدن مغربية مختلفة، سيما بتازة والرباط والدار البيضاء، عرض فيها لوحاته التشكيلية التجريدية منها أو للطبيعة وغيرها. ويشير إلى أن ابنه يستعين بأصابع قدميه على الطريقة الكندية إن في الرسم أو الكتابة. ويفتخر به باعتباره نموذجا ناجحا لذوي الاحتياجات، مؤكدا أن الأمر بالنسبة لعائلته كان في البداية «إرضاء للخاطر» قبل اقتناعها بمواهبه وقدرته الخارقة ليس في الفن التشكيلي، بل حتى في مجال الإبداع السينمائي والوثائقي. إدارة مهرجان سينما المقهى بتازة كرمته بإطلاق اسمه على الدورة المنظمة تحت شعار «السينما وحماية الطفولة»، وبرمجت «شعلو الضو» واحدا من أفلامه للعرض ضمن أفلام البانوراما، بالمعهد الموسيقي، فيما كان لقاؤه المباشر بالجمهور وشهادات الفنانين، أوسمة وشحت صدر شاب لم يقعده الكرسي المتحرك، عن الإبداع. ذاك الحشد من الفنانين وعائلته، زاده وسنده في رحلة بحث شاقة عن الذات، تجاوز فيها مسالك وعرة ليصل محطة جني منتوج المجهود، مستعينا بقدميه طاوعتاه في الكتابة والرسم واستعمال الحاسوب وجميع الأدوات، مستعملا العزيمة سلاحا وعلامة تفوق لا ضعف في كل مجال طرقه، بحثا عن ذاته في كتابة القصة والسيناريو. واقع أحمد أمين كان ممكنا أن يكون أحسن لو تيسرت ظروف مختلفة أحبطت عزيمته، سيما بعد قبوله بالمعهد العالي للسمعي البصري بالرباط، إلا أن عدم العمل بنظام تكييف الامتحانات لذوي الاحتياجات الخاصة لولوج مثل هذه المعاهد، حال دون نيله مبتغاه الذي سرعان ما عوضه قبل سنتين بالدراسة بمعهد للصحافة. حميد الأبيض (فاس)

نولي… مبدع رغم الإعاقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أندية ترفع راية الإفلاس

اكتشاف كائنات غريبة بزاكورة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات