fbpx
ملف الصباح

انتصارات المنتخب … الإحساس بالانتماء لـ”تمغربيت”

انتصار لـ”تمغربيت” واسترجاع قيم حضارية ونشر رسائل إنسانية ترتكز على حب الوطن

أحيت الانتصارات التي حققها المنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر 2022، ذكرى ثورة الملك والشعب، ما أدى إلى إعادة تشكيل ملحمة جديدة، قوامها التفاني في خدمة المصالح العليا للوطن، وإعلاء شأن العلم الوطني بين أعلام الأمم خفاقا، ما دفع بملايير سكان الكرة الأرضية إلى البحث عن موقع المغرب وعدد سكانه، ونظامه، وموقعه في خريطة العالم. وأداء النشيد الوطني من قبل اللاعبين في مونديال قطر 2022، أعاد ملايين المغاربة إلى طفولتهم لترديده مجددا وحفظ ما ضاع منهم من كلمات دالة على حب الوطن، بل اضطر سياسيون ونقابيون ونشطاء المجتمع المدني ، وكبار الموظفين ورجال المال والأعمال، إلى حفظ النشيد الوطني حتى لا ينظر إليهم نظرة دونية ويتعرضوا لقصف من قبل المواطنين، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم تقف انتصارات الفريق الوطني حد الفوز في مقابلات ضد فرق كبرى، بل عبرت عن انتصار آخر لقيم إنسانية تعطش لها العالم، وهي إبراز دور وظيفة الأم في تربية أطفالها الذين أصبحوا نجوما، اعترافا لها بقدرتها على الإيمان بكفاءة أبنائها رغم الفقر والعوز، وأنه بإمكانها المساهمة في صنع المعجزة، وأن الأسرة مجتمعة ترفع التحدي وتربح الرهان، في مواجهة قيم هدمت صرح المجتمعات، وقضت على قيم التضامن والتآزر، علما أن بعض المجتمعات الغربية، مثل أمريكا على الخصوص، ما تزال تقدس وظيفة الأسرة، إذ لا يتقدم أي مرشح للتنافس على رئاسة أكبر دولة في العالم ودخول البيت الأبيض، بدون أسرة متكاملة الأركان.
ووجه المنتخب الوطني لكرة القدم، رسائل إنسانية ترتكز على حب الوطن، وتلاحم الملك والشعب، من خلال مشاركة جلالته أفراح الشعب في الشوارع العامة بدون حراسة، مرتديا القميص الوطني، وحاملا العلم الوطني، للتعبير عن فرحته بالفوز، انتصارا لقيم دولة سائرة في طريق النمو، ومن قارة إفريقية ومنتمية لجامعة الدول العربية، بروافد تاريخية أمازيغية، يهودية، إسلامية، شقت طريقها وسط الأمم.
وما قام به الفريق الوطني لكرة القدم في مونديال قطر 2022، يعد أحسن من ملايين الإعلانات التي تنجزها مكاتب الدراسات لفائدة وزارة السياحة على مدى نصف قرن لاستقطاب السياح، إذ بحث الملايين من سكان القارات الخمس في الأنترنت عن موقع المغرب ولغته، ودخله القومي، ومآثره التاريخية وحضارته، ووضعيته السياسية والاقتصادية، لزيارته، وانشغل آخرون لدراسة وتحليل علاقة الأم بالتربية، والعمل الجماعي لكل مكونات الفريق، من المدرب والطاقم التقني واللاعبين، إلا من بعض الاستثناءات القليلة، و “رضا الوالدين” وزرع الأمل والتضامن والتعبير عن التضحيات الجسام لنصرة القضايا العادلة.

من “جزيرة” إلى عاصمة العالم

كتب سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط ، على موقعه ” الفيسبوكي”، أن وصول المنتخب الوطني المغربي لنصف نهاية كأس العالم لم يكن مفاجأة بل كان استحقاقا. ومع إنجازات الفريق الوطني لكرة القدم، تحولت المملكة المغربية من “جزيرة”، حسب مقولة المؤرخ والمفكر عبد الله العروي، إلى مركز وعاصمة للعالم. هذا التحول رافقه مد قيمي تجلى عبر تفاعلات مدرب المنتخب الوطني المغربي بالارتكاز على معجم رابح بعبق قيم “تمغربيت”، وتتجلى في “الحمد لله”، و”النية” و”مربيين” و”ولاد الناس” و”رجال” و”العائلة” و”رضات الوالدة”، مؤكدا أن كل هذا المعجم يمثل حقلا دلاليا ل”ملحمة الأمهات” كعنوان لإنجازات المنتخب الوطني لكرة القدم.
وأضاف بنيس أن كرة القدم هي عنصر من عناصر الرابط الهوياتي التي يجسدها الدستور المغربي من خلال مقولة التنوع والتعدد المؤسس على أبعاد عدة، منها لا للحصر البعد الديني، والبعد الأمازيغي، والبعد العربي والبعد الإفريقي، والبعد المتوسطي والبعد الأطلسي، وكأن هذا الرابط الهوياتي الذي انتعش مع تظاهرة كأس العالم يؤكد بالملموس أن التظاهرة تثمن مقولة أن الاختلاف ليس دونية. لهذا، وبالاعتماد على العناصر الناعمة السالفة الذكر، يتوجب في الأدبيات الرياضية إضافة اسم المدرسة المغربية إلى لائحة المدارس الكروية المعروفة.

أحمد الأرقام


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.