fbpx
مجتمع

عيـن الشـق… مقبـرة “الـردم”

أكوام مخلفات البناء تخنق الشوارع الخلفية والأزقة الداخلية وشركات النظافة ترفض جمعها

بدأت تتعاظم أكوام الهدم في الشوارع الخلفية والأزقة الداخلية في عين الشق بالبيضاء، وفي الوقت الذي تجمع فيه النفايات المنزلية بشكل دوري من قبل شاحنات مخصصة لذلك، تتكاثر مخلفات أوراش البناء المرخصة والسرية، إلى أن أصبحت تقطع بعض الطرق في تراب المقاطعة.

إنجاز: ياسين قُطيب

لم تمنع الحرب التي تشنها السلطات على العربات المجرورة، تحركات ليلية بواسطة “تريبورتوات” و”كرارس” وحتى سيارات نفعية (هوندات)، محملة بكميات من مخلفات البناء تلقي بها في أقرب أرض عارية غير محروسة أو في الأماكن المخصصة للنفايات المنزلية.
ولم يستثن انتشار هذه النفايات محيط المدارس والمستوصفات والمساجد، إذ تعم أكياس “السيما” المحملة بالأتربة معظم فضاءات الأحياء الشعبية والراقية، على حد سواء، في ظل حديث عن توقيع اتفاقية بين مجلس البيضاء ووزارة الداخلية والوزارة المكلفة بقطاع البيئة بتخصيص 15 مليارا لجمع النفايات الهامدة.
ومن جهته يعرف المشرع النفايات الهامدة في القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، على أنها “كل النفايات التي لا تنتج أي تفاعل فيزيائي أو كيميائي، وتدخل في حكمها النفايات الناجمة عن استغلال المقالع والمناجم وعن أشغال الهدم أو البناء أو التجديد والتي لا تتكون من مواد خطرة أو من عناصر أخرى تتولد عنها آثار ضارة أو ليست ملوثة بها”.

مطارح سرية

ورغم اعتباره أن النفايات الهامدة أصبحت تشكل مشكلا مزمنا في مدينة البيضاء عموما، شدد عبد اللطيف الناصيري، نائب رئيس مقاطعة عين الشق، على أن هذه المنطقة هي الأكثر تضررا لأن ترابها مفتوح على الضواحي وتحتضن أهم أوراش البناء، سواء في ما يخص التجزئات الجديدة أو برامج إعادة الهيكلة أو مشاريع إصلاح وتجديد البنية التحتية، لذلك تعددت في ترابها النقط السواء التي تحتضن جبالا من الأتربة وبقايا أعمال البناء، لا يمكن جمعها من قبل شاحنات التطهير الصلب، على اعتبار أنها ليست نفايات منزلية وتتطلب طرقا خاصة للتعامل معها.
وسجل الناصري أنه لم ينج أي حي في المقاطعة من انتشار هذا النوع من النفايات التي لم تعد ترمى في مناطق نائية خارج المدار الحضري، بل اكتسحت الحدائق والساحات العمومية وأرصفة الشوارع وفي كل مساحة أرض عارية غير محروسة إلا وتكون عرضة لاجتياح الأتربة ومخلفات البناء، إلى حد أصبح يشوه صورة المقاطعة بما في ذلك الأحياء الراقية، كما هو الحال بالنسبة إلى الشارع الرابط بين مركز عين الشق وحي كاليفورنيا.
وتبقى أرض الخيرية المثال الأبرز لهذه الآفة، فبعد هدمها وجدت مساحة كبيرة في شارع بغداد تحولت إلى مطرح عشوائي للنفايات الهامدة، أصبح يشكل خطرا على السكان، إذ أصبح مكانا يصعب الدخول إليه كما الخروج منه، بالإضافة إلى مطرح عشوائي آخر لا يقل حجما وهو الموجود بحي “البام” في سيدي معروف، مع أن الظاهرة لا تقتصر على تلك المطارح الكبيرة، فقد أصبحت الأتربة موجودة في كل مكان من تراب المقاطعة.

4 آلاف طن يوميا

سجل الناصري أن شركات التطهير الصلب غير ملزمة بجمع هذا النوع من النفايات، ما دام لا يوجد على دفاتر تحملاتها، مضيفا أن مجلس المدينة يحاول حاليا إيجاد حل لهذا المشكل عن طريق سن رسم جبائي عن المخلفات الهامدة من خلاله سيتم تمويل عملية جمعها ومعالجتها، وفي انتظار ذلك، يقول الناصري، “نقتصر على مبادرات فردية تحاول استعمال الإمكانات المتوفرة، ونكتفي بجمع تلك المخلفات ونقلها لتحرير الحدائق والساحات منها، علما أن الأمر يتطلب حلا جذريا، مثل إعادة تدويرها في معامل خاصة تنتج مواد قابلة للاستعمال في البناء، وجمعها بشكل دوري حتى تتكاثر بهذا الشكل الذي يتحمل فيه المواطن جانبا من المسؤولية، خاصة أولئك الذين يرمون بتلك النفايات خلسة في أماكن النفايات العادية”. وحسب دراسة أجرتها الجماعة، أنتجت البيضاء في 2015 أكثر من 3.6 ملايين طن من مخلفات البناء والهدم، أي ما يفوق الأزبال المنزلية، إذ تنتج المدينة، يوميا، 4 آلاف طن.

خطر على البيئة

تأخرت عملية تنزيل مقتضيات القانون 28.00، الذي نص في مادته العاشرة، على أنه “يجب أن يغطي مخطط مديري جهوي لتدبير النفايات الهامدة كل جهة من جهات التراب الوطني داخل أجل خمس سنوات تبتدئ من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية”، إذ حدد المخطط الأهداف المزمع تحقيقها في ما يتعلق بمعدلات جمع النفايات الهامدة والتخلص منها، كما نص على تحديد المواقع الملائمة لإقامة منشآت التخلص من هذه النفايات وتخزينها مع مراعاة توجهات وثائق التعمير.
ويضيف القانون أن المخطط يتم تهييئه من قبل رئيس الجهة تحت مسؤولية الوالي، بتنسيق مع لجنة استشارية تتكون من ممثلي مجالس العمالات والأقاليم وممثلي الإدارة وكذا ممثلي الهيآت المهنية المعنية بإنتاج هذه النفايات والتخلص منها وممثلي الجمعيات المهتمة بحماية البيئة، على مستوى الجهة المعنية.

رسم جبائي

لا يبدو أن معضلة مخلفات الهدم ستحل قريبا، بالنظر إلى السجال الدائر بمجلس المدينة، بخصوص قرار جبائي يفرض على أرباب المقاولات ومنتجي الأزبال الهامدة من دفع رسوم لفائدة الجماعة التي ستتكلف بتدبير هذا النوع من النفايات غير المندرج في عقد التدبير الموقع مع شركتي “أفريدا” و”أرما”، ما فرض اتخاذ قرار بإطلاق طلب عروض لفسح المجال أمام شركات خاصة، لجمع ما يسمى نفايات الأوراش والإصلاح التي تغزو أحياء المقاطعات الـ16. وينص القرار الجبائي 2018/01 المحدد لنسب وأسعار الرسوم والإتاوات والواجبات المستحقة لفائدة ميزانية جماعة البيضاء، على أن طالب رخصة البناء أو الهدم أو الإصلاح ملزم بأداء واجب جمع ونقل النفايات الهامدة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى