جمعيات وائتلافات تعرض سلعها وتعرف بمشاريعها في حضرة الشباب لم تعد الثقافة كما كان شائعا مجالا تنفق عليه الدولة والأفراد المال لتأطير المجتمع والأجيال الناشئة فحسب، بل تمكنت بعض الفئات الشابة اليوم، من جعل الثقافة مصدرا للكسب، وفي الوقت نفسه تؤدي دورها في تنمية الذوق والرقي بوعي الشباب، ولعل الأنشطة الموازية التي تكون على هامش مهرجان البولفار، أحد تجليات الثقافة المدرة للدخل. ويعتبر سوق "البولفار" الذي يمتد طيلة أسبوع انعقاد المهرجان، فضاء ثقافيا وتجاريا في الوقت نفسه، خاصة أن التجار هنا ليسوا عارضي سلع فقط، إنما هناك مشروع ثقافي وراء كل خيمة عرض سلع، وهذه المشاريع تحاول تمويل نفسها وكسب المال عن طريق الاستثمار في منتوجات بسيطة، وبيعها لأشخاص يحملون هم الثقافة وتمويلها، إذ أن كثيرين يحبذون اقتناء سلع أو منتجات ليس لأنهم في حاجة ماسة إليها، إنما رغبة منهم في مساعدة هذه المشاريع الثقافية على الصمود، وضمان استمراريتها، بالنظر إلى ما تقدمه من خدمة للمجتمع. وعاينت "الصباح" في سوق "البولفار" هذه السنة، حضورا لافتا، تجاوز 40 جمعية وائتلافا، استفادت من فرصة عرض منتجاتها، غير المتشابهة، إذ هناك تنوع ثقافي مهم للغاية، وهناك إبداعات لرسامين، وهناك من يعرض صورا فوتوغرافية على شكل لوحات فنية، وهناك أيضا الكثير من الحلي، من التقليدي المنتمي للثقافة المغربية، وأخرى عصرية، ناهيك عن الألبسة والأنسجة، إذ هناك تصاميم مبتكرة لعدد من العارضين، وأيضا جودة كبيرة في الطبع ونوعية المواد الأولية المستعملة. ويتنفس سوق البولفار ثقافات متعددة، وهو ما يتضح بمجرد أخذ جولة بسيطة داخل أروقته وخيمه، إذ يتبين للزائر أنه وسط فضاء يتنفس الثقافة والإبداع والروح الإيجابية والأمل في المستقبل، ويوجد عارضون من مختلف الأعمار والأجناس والثقافات، خاصة أن السوق لا يقتصر على المغاربة، بل هناك أيضا منتوجات وعارضون يعكسون الثقافة الإفريقية القادمة من دول جنوب الصحراء. ويعتبر السوق أيضا فرصة للتعرف على الحركة الثقافية بالمغرب، إذ أن جل المدن تكون ممثلة فيه، ويكون فرصة لربط الاتصال بين هذه "الجزر" المتفرقة، ومحاولة تأطير الحركة الثقافية الشابة بالمغرب، والاستفادة من تجارب الجمعيات التي لها تاريخ في الاشتغال مع الشباب، وتبادل الأفكار أيضا حول التمويلات وكيف يمكن الحفاظ على حياة المشروع الثقافي، وأشكال الدعم والاستثمار المتاحة، سواء في المغرب أو خارجه. عصام الناصيري