ديمستورا يفرز الأبيض عن الأسود في تندوف

سكان المخيمات باتوا يرون في زعيم "بوليساريو" مجرد معتوه خاضع لغرائزه الحيوانية بقلم: الفاضل الرقيبي وصلت "بوليساريو" درجة متقدمة من الإفلاس الداخلي، إلى درجة أنها باتت تتعلق بأي قشة، لعلها ترى منها بصيص أمل يعيد إليها بريقا فقدته إلى الأبد في المخيمات. فما تنشره في إعلامها هو مجرد مسكنات لمشاعر المطحونين تحت الخيام. فبعد انتهاء مفعول صور "ابريهمات غالي" مع الرئيس التونسي على هامش قمة "تيكاد" الأخيرة، الذي سوقته الآلة الإعلامية الجزائرية، وكأنه نصر مبين، حاولت "بوليساريو" استغلال زيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان ديمستورا، إلى المخيمات، والترويج على أنها محطة نضالية أخرى، بل وتأبى "بوليساريو" والإعلام الجزائري إلا أن يحولاها إلى نصر، حسب معاييرهما. لكن المتابع لهذه المحطة من زيارة الرجل للجزائر سيلاحظ جليا التخبط الحاصل داخل أجنحة "بوليساريو"، بل واختفاء قيادات وازنة عن المشهد بسبب قوة الجناح الآخر الذي أعطت له السلطات الجزائرية الضوء الأخضر لتسيير المخيمات. فمنذ أن وصل ديمستورا إلى المطار العسكري بتندوف، أحكمت مجموعة معينة من القيادات، رفقة عناصر الأمن الجزائري، سيطرتها على كل برنامج الزيارة، وقسمت الأدوار بينها، نوعا من الدعاية المبكرة لمؤتمرها، الذي تخطط لتنظيمه قبيل نهاية السنة. فبتصفح صور الزيارة، ستجد أن خطري أدوه، مسؤول أمانة التنظيم السياسي، وعمار منصور، وزير الداخلية، إضافة إلى محمد الولي اعكيك، وكذا بشريا بيون، رئيس حكومة الرابوني، تقاسموا الأدوار على الظهور مع الرجل في كل محطاته الثماني حتى نهايتها بلقاء زعيم "بوليساريو"، بينما غاب عن المشهد كل من يدور في فلك إبراهيم غالي، كسالم لبصير و"كريكاو" ومصطفى سيد البشير. ويبدو أن هؤلاء قد منعهم الجناح الآخر حتى من المشاركة في التحضيرات للزيارة. فغياب رئيس برلمان "بوليساريو"، والذي هو بالمحصلة رئيس وفد "بوليساريو" المفاوض، والذي تعني له زيارة المبعوث ألأممي ما تعنيه، كل ذلك يدل دلالة واضحة على أن هؤلاء لم يكن همهم هذه الزيارة من الأساس بقدر ما حاولوا إظهار قوتهم وقدرتهم على إدارة المشهد الداخلي، بعيدا عن الزعماء التقليديين للحركة، والذين فقد جلهم أي تواصل مع الطرف الجزائري، كمحمد لمين البوهالي والبشير مصطفى السيد، الذي فضل الانعزال بمنزله بعد خرجاته الأخيرة ضد سياسات زعيم العصابة. لم يكن للزعماء الجدد أن يبسطوا سيطرتهم على المخيم ويتحكموا في إخراج الصورة الأخيرة له لولا تدخل جزائري لفائدتهم، وبما أن قيادات قطاع العمليات بتندوف وبشار تركت تسيير المخيمات بيد صغار الضباط، كان من السهل على هؤلاء القادة استمالتهم بأوكار الدعارة داخل المخيمات والعطايا والهبات التي يمنحونها لهم مقابل تقديم خدمات الحماية، وتبييض ممارساتهم في التقارير التي يرفعونها إلى قيادتهم بمركز الأمن العسكري. هذا الصراع لطالما طفا ويطفو فوق السطح بين الفينة والأخرى، لأن بعض أجنحة "بوليساريو" لا تفوت أي فرصة لإظهار نفوذها على الأخرى، حتى وإن تطلب الأمر الحجر على زعيم "بوليساريو"، الذي يتأكد، يوما بعد يوم، لسكان المخيمات أنه مجرد معتوه خاضع لغرائزه الحيوانية من خلال تتبع النساء والمتاجرة بشرفهن، وهذا الصراع يظهر في كل مرة حقيقتهم وزيف دعايتهم التحررية، وأنهم مجرد عصابة لاهثة خلف المال والسلطة، شأنها في ذلك شأن عرابيها بثكنة عنتر بالجزائر العاصمة، حيث تمت الإطاحة برئيس جهاز الأمن الخارجي في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه، بسبب صراع الأجنحة الذي أطاح بأربع حكومات، قبل أن تنتهي عهدة تبون الأولى، ما انعكس مباشرة على مشروعهم في الرابوني، وحوله إلى ركام تذروه زيارات المبعوثين الدوليين ذات اليمين وذات الشمال.

ديمستورا يفرز الأبيض عن الأسود في تندوف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال دركي يتزعم شبكة كوكايين

أخبار الصباح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات