“فيزا شينغن”… الكسب بالتزوير

شبكة وجدة انضافت لشبكة فاس التي أوقف فيها 48 شخصا أدينوا بعقوبات أقصاها سنتان توالى تفكيك شبكات التهجير السري للديار الفرنسية باستعمال وثائق ومستندات بنكية وإدارية لاستخراج تأشيرة "شينغن"، بسقوط 6 متهمين جدد بمدينة وجدة صاحبة حصة الأسد في عدد الموقوفين منذ تفكيك أول شبكة بفاس، أفرادها موظفون ببنوك وإدارات وأعوان سلطة.جل الموقوفين عاطلون عن العمل أو يعانون ظروفا اجتماعية صعبة جدا دفعتهم للبحث عن وسيلة للهجرة وتحسين دخلهم وأوضاعهم، إذ أدوا مبالغ مالية متفاوتة، لكنهم سقطوا ضحايا أفراد يغتنون على حساب مآسي الناس وحاجتهم، أوقفوا بمناطق متفرقة وأدينوا بعقوبات أقصاها سنتان. حميد الأبيض (فاس) شبكة جديدة لتزوير تأشيرة "شينغن" وتنظيم الهجرة غير النظامية، تفكك وانضافت إلى شبكات فككت سابقا وما زالت امتداداتها متواصلة. 6 أفراد بينهم امرأتان، ينشطون ضمنها وفي تزوير وثائق ملفات التأشيرة، اعتقلتهم الثلاثاء الماضي عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بوجدة. معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يسرت إيقافهم تباعا في عمليات متزامنة في الشرق، قبل إخضاعهم للبحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد نشاطهم الإجرامي وما إذا كان لهم شركاء ساعدوهم في التزوير أو استفادوا منه. بين المتهمين موظفون بقطاعات مختلفة، يشتبه في تورطهم في تزوير وثائق ومستندات إدارية ومحررات بنكية استعملت في محاولة استخراج تأشيرات السفر إلى الديار الأوروبية، سيما فرنسا التي تعرف إقبالا كبيرا من المغاربة على تأشيرتها، بعد تقليص قنصلياتها لعددها. مجموعة كبيرة من الطوابع والأختام المزورة الخاصة بإدارات عمومية وشركات خاصة ومؤسسات بنكية ومعدات تستخدم في التزوير، حجزت في عمليات التفتيش كما جهاز كومبيوتر ووثائق تخص عاطلين وراغبين في الهجرة للخارج، بما فيها جوازات سفر ووثائق تعريفة ومستندات متنوعة. شبكة فاس فرملة نشاط هذه الشبكة، جاء بعد نحو أربع سنوات من تفكيك أول شبكة بفاس بناء على شكاية للقنصلية الفرنسية بعد اكتشافها وثائق ومستندات مزورة بملفات أدلى بها عاطلون بمدن مختلفة للحصول على تأشيرة "شينغن"، إذ أوقف 34 شخصا في أول دفعة قبل تزايد عدد الموقوفين. ثلثا الموقوفين في أول شبكة لتزوير وثائق فيزا شينغن وأعمارهم بين 26 و58 سنة، من الشرق سيما من مدينة وجدة ب13 شخصا و4 أشخاص من أحفير واثنان من مناطق بني درار وبركان وكرسيف، والباقي من مدن فاس ومكناس وتاونات وخريبكة والناظور وقلعة السراغنة. نسبة كبيرة منهم متزوجون وعاطلون عن العمل أو أجراء ونادلون ومسيرو مقاه وفلاحون وعمال في شركات نظافة أو يعيشون ظروفا اجتماعية صعبة دفعتهم للبحث بكل الوسائل عن منفذ للديار الأوروبية ولو بالتزوير وطرق غير قانونية بمساعدة أعوان سلطة ومستخدمي بنوك وعامل مهاجر. كلهم والمجموعات اللاحقة ومنهم 8 نساء منهن أمهات ومطلقات، توبعوا في حالة سراح بكفالات أمام قسم جرائم الأموال باستئنافية فاس بتهم ثقيلة بينها "التزوير في وثائق إدارية وعرفية وتجارية وبنكية واستعمالها، وتكوين عصابة إجرامية وتنظيم وتسهيل خروج مغاربة للخارج بصفة سرية". شبكة منظمة في يوليوز 2018 اكتشفت مصالح قنصلية فرنسا بفاس، وثائق مزورة في ملفات طالبي التأشيرة من مدن مختلفة، رفضت منها أكثر من 36 ملفا غالبيتها من وجدة والشرق ليرتفع عدد الملفات المزورة وثائقها تدريجيا وبتقاطر الطلبات على مصالحها، ليتضح أن الأمر يتعلق بشبكة منظمة. القنصلية تقدمت بواسطة دفاعها بشكاية للوكيل العام ولم تنتصب طرفا مدنيا ضد المتهمين في كل الملفات الجنائية المتابعين فيها، بعد اعتقال ما يفوق 48 شخصا تباعا. وعهد البحث للفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس التي أنجزت عدة مساطر بناء على طلبات الوكيل العام. من تفحص ملفات طلب التأشيرة انطلق بحث هذه الفرقة لتكتشف مستندات ووثائق مزورة تخص الضريبة السنوية على السيارات وسجلات الضمان الاجتماعي ووجود تحويلات مالية وهمية، حصل عليها مقدموها بطرق غير قانونية ومقابل مبالغ مالية متفاوتة، بوساطة من أجير وجباس وعامل. وكما الأمر بالنسبة لشبكة وجدة، حجزت لدى أفراد شبكة فاس اختصت في تزوير وثائق تأشيرة ولوج فرنسا والإمارات، معدات وتجهيزات مختلفة وكشوفات مزورة لحسابات بنكية وجوازات سفر تخص الغير، وبعض الموقوفين أقروا بالتوسط لعدد متفاوت من طالبي تأشيرات "شينغن". مصلحة مشتركة رغم أنهم من أصول مختلفة ومقرات سكنى متباعدة، فإن الحاجة والمصلحة جمعتهم فنسجوا علاقات توطدت مع مرور الأيام، ليشكلوا شبكة مختصة في التهجير الاعتيادي والسري لفرنسا باستعمال وثائق مزورة لاستخراج «فيزا شينغن»، أوقعت بعشرات العاطلين عن العمل الحالمين بالهجرة. 25 مليون سنتيم مجموع كفالات أداها جلهم مقابل تسريحهم بمبالغ تراوحت بين ألفي درهم و3 ملايين سنتيم، إلا عاطلين توبعوا في حالة سراح مؤقت دون أي ضمانة مالية مراعاة لظروفهم الاجتماعية، وسبعة منهم برئوا من المنسوب إليهم لعدم ثبوت مختلف الأفعال المنسوبة إليهم. براءتهم ثبتتها غرفة الجنايات الاستئنافية، دون 6 آخرين بينهم 3 نساء روجع حكمهم الابتدائي وأدينوا استئنافيا ب3 أشهر حبسا نافذا و1000 درهم غرامة لتزويرهم محررات بنكية وإدارية واستعمالها، عقوبة محكوم بها أيضا على متهمة أدينت ابتدائيا بضعف العقوبة موقوفة التنفيذ. سنتان حبسا نافذا أكبر عقوبة لثلاثة متهمين حوكموا غيابيا لتنظيمهم وتسهيلهم خروج مغاربة خارج التراب الوطني دون ظرفي الاعتياد وبمقابل في إطار عصابة واتفاق والتزوير، مقابل سنة واحدة حبسا لخمسة متهمين و18 شهرا نافذا ل4 متهمين، و6 أشهر موقوفة لمتهم وتبرئة 15 شخصا. تغيير لحقيقة المحرر قال حسن شرو، محام بهيأة فاس، إن التزوير تغيير للحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها القانون، تغييرا حقيقيا من شأنه إحداث ضرر، وهو مقترن بنية استعمال المحرر المزور فيما أعد له. وأكد أن علة تجريم التزوير في المحررات، أنه يهدر الثقة العامة في المحررات ويخل تبعا لذلك بالضمان واليقين والاستقرار في المعاملات وسائر مظاهر الحياة القانونية في المجتمع. لذلك خصصا المشرع المغربي، يقول شرو، ضمانات كبيرة وحماية هامة للمحررات المكتوبة المعدة للإثبات، إذ اعتبر القانون الجنائي بأن تزوير الأوراق هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون. وبهذا يكون المشرع المغربي قد تجاوز التشريعات المقارنة التي لم تعرف التزوير في المحررات كالتشريع الفرنسي والبلجيكي والألماني وغيرها. وبالتالي فإنه يتم توقيف أي مشتبه به في تزوير وثائق أو مستندات إدارية أو محررات بنكية من الممكن أن تستعمل بغرض غير قانوني أو غير شرعي أو لتسهيل عمل إجرامي. فتغيير الحقيقة في المحرر يمس بالثقة العامة في المحررات، ولا يعني بالضرورة أن التحريف في البيانات التي تضمنها المحرر كلي، بل قد يكون تغيير الحقيقة جزئيا، كما لو احتوى المحرر على بيان واحد مخالف للحقيقة وكانت سائر بياناته الأخرى صحيحة. وأوضح أن المشرع المغربي شدد العقوبة في هذه الجرائم، خاصة إذا كان الفاعل موظفا عموميا أو عدلا أو موثقا، سيما في الفصول 352 و353 و354 من القانون الجنائي التي قررت عقوبة السجن من 10 إلى 20 سنة سجنا نافذا، بل قد تصل في حالات إلى السجن المؤبد. وأشار إلى أن الفصل 358 من القانون الجنائي المغربي، يقرر عقوبة تزوير المحررات العرفية التي تتراوح بين سنة وخمس سنوات سجنا نافذا. . تضامن مع العاطلين انطلق كثير من المتفاعلين فيسبوكيا، من خبر تفكيك شبكة تزوير وثائق تأشيرة شينغن، للدفاع عن بعض الموقوفين سيما من العاطلين عن العمل الطامحين لتحسين ظروفهم الاجتماعية، مؤكدين أنهم ضحايا سياسات غير ناجعة لم تقلل من حجم بطالتهم ولم تساهم في تذويب مظاهر الفقر. "راهم عياو وكعاو وبغاو يعيشو شوية ويديرو ديورهم ويبدوا" يقول مهدي في تفاعله، مؤكدا "حتى قط ما كيهرب من دار العرس" في إشارة لظروف اجتماعية جعلتهم يفكرون في الهجرة والقبول بالتزوير بحثا عن مستقبل ضاع في بلدهم، بعدما ضاعت سنوات من أعمارهم في بحثهم عن العمل. أما سعاد فقالت أن الأولى بالإيقاف هم "مسؤولون فاشلون وفاسدون قصروا في مهامهم بشكل أزم الأوضاع الاجتماعية لفئة عريضة من الناس وجعل الكثير من الشباب لا يطيق العيش في بلده ويفضل الموت غرقا في البحر على حياة الذل"، متمنية أن يستوعب مسؤولونا الإشارات المتتالية. وتساءل محمد عن أسباب لجوء أبناء الشرق للهجرة وبكل الطرق، فأجاب "لأن الشرق مهمش ولا مصنع فيه لشباب عاطل"، ليخلص "علاش حنا أصحاب الشرق، محكورين؟"، خاتما تفاعله بمجموعة علامات الاستفهام والتعجب.

“فيزا شينغن”… الكسب بالتزوير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نصب بالملايير أمام رئيس النيابة العامة

الفرقة الوطنية و”ديستي” يطيحان بعصابة السطو على 41 مليون من وكالة بنكية

مقالات ذات صلة