القفزات البهلوانية… حركات مميتة

ضحاياها مراهقون ومتهورون ينتهي بهم الأمر في المقابر أو كراسي المقعدين في كل فصل صيف، تستقبل أقسام المستعجلات بمختلف مستشفيات المملكة، حالات إصابة خطيرة على مستوى العمود الفقري، ضحاياها في غالب الأحيان قاصرون ومراهقون متهورون، يصابون بكسور في العمود الفقري، ويشخص لهم تمزق في النخاع الشوكي، الأمر الذي يحولهم بعد التدخل الطبي والجراحي، إلى مقعدين فاقدين لأي نوع من الحركة، هذا إن كتب لهم عمر جديد ولم يفارقوا الحياة، إذ أن تمزق النخاع الشوكي من أصعب الإصابات، التي تكون فيها فرص الموت أكثر من الحياة، إذ بالإضافة إلى حدة الإصابة نتيجة الارتطام بقعر البحر أو النهر عند القفز من مكان مرتفع، فإن نقل المصاب إلى المستشفى يشكل تحديا «خرافيا». قرب مسجد الحسن الثاني بالبيضاء، أو المكان المشهور عند عامة البيضاويين بـ «مريزيكة»، يوجد عشرات بل مئات الأطفال والمراهقين، وبعض الكهول والفتيات والنساء، يستمتعون جميعا بمياة البحر والارتماء في الأمواج، التي ترتطم بالحجز الإسمنتي، ورغم أن هذا المكان غير صالح للسباحة وخطير على الأطفال على الخصوص، إلا أن كثيرين يقبلون عليه، ويفضلونه على الشاطئ، علما أن هذه المنطقة شهدت الكثير من حالات الغرق ووفيات لأسباب كثيرة. حركات بهلوانية فوق السور الذي بني عليه أساس مسجد الحسن الثاني والمناطق المحيطة به، يصطف الكثير من الشباب، ينتظرون دورهم من أجل القفز إلى المياه، ويختارون لحظة محددة، ويتعلق الأمر بتلك التي تقترب فيها الموجة من الارتطام بالحاجز الصخري، حتى توفر لهم مزيدا من الحماية والكثير من المتعة، إذ عاينت «الصباح» تركيزهم واستعدادهم لاختيار اللحظة المناسبة، لأن أي خطأ في التقدير يمكن أن تترتب عنه نتائج غير محسوبة العواقب. ويتنافس المراهقون والشباب في استعراض إمكانياتهم في القفز، بطرق بهلوانية، فمنهم من يسقط في الماء على رجليه، ومن يختار القفز مقدما يديه ورأسه، إضافة إلى البعض الذي يقفز بطريقة يتكور فيها ليشبه كرة لحم تلقى في المياه، إضافة إلى البعض الذين يقفزون بطريقة كوميدية، ما يثيرنوعا من الفرجة في المحيط، إلى درجة أن المصطافين يقتربون من مكان القفز، ويراقبون المغامرين ويصفقون عليهم، ما يزيد من حماسهم. حياة الشلل يعتقد كثيرون ممن يرتمون في مياه البحر أو الأنهار من المرتفعات الشاهقة، أن الأمر مسل وفيه متعة، وأن أكثر ما يمكن أن يترتب عن الأمر من مضاعفات، إذا أخطأ المكان المناسب للقفز أو حدث مشكل ما، هو أنه سيتألم قليلا نتيجة الارتطام الخاطئ بالماء، لكن واقع المستعجلات والمستشفيات مختلف تماما، إذ أن مصالح جراحة الدماغ، تستقبل خاصة في المدن الساحلية، عشرات الحالات سنويا، وجلها تنتهي بالموت أو الشلل مدى الحياة. وفي هذا السياق يقول ياسين يشو، طبيب و باحث في العلوم العصبية وجراحة الدماغ، في تصريح لـ «الصباح»، «كما يعلم الجميع في أي لحظة يمكن أن ينخفض منسوب مياه البحر لعدة أمتار، مثلا بين موجتين متتاليتين، أو خلال الجزر، مما يجعل القاع الصخري أقرب، وهناك إحتمال ارتطام مباشر لرأس الضحية مع القاع، بعد القفز من مكان مرتفع، إذ يؤدي ضغط السقوط المباشر أولا إلى الإغماء، ثم كسر على مستوى العمود الفقري (الرقبة) وتمزق النخاع الشوكي الذي يربط الدماغ بجميع أعضاء الجسم وجميع العضلات». وأوضح يشو، أن هناك عدة أسباب «تؤدي إلى الوفاة، أولها الموت غرقا بسبب فقدان للوعي بعد الارتطام، ثم الوفاة بسبب توقف القلب والجهاز التنفسي، بسبب تمزق النخاع الشوكي بعد كسر العمود الفقري على مستوى الرقبة، والموت بسبب نزيف داخلي نتيجة كسر العمود الفقري (الشريان الدموي الذي يغذي الدماغ يمر من العمود الفقري)، وأخير بسبب نقل المريض بطريقة غير صحيحة إلى المستشفى». وأشار الطبيب والباحث ذاته، إلى أنه لا توجد في الشواطئ جهات يمكن أن تتعامل بشكل محترف في نقل مثل هؤلاء الضحايا، مضيفا أن جلهم، من المراهقين والشباب، مبرزا أن الموضوع لا يقتصر على الشواطئ فحسب، بل يهم البوادي أيضا، إذ تقع حوادث مماثلة نتيجة السباحة في صهاريج الماء، التي قد يزداد فيها حجم تراكم الأتربة طيلة السنة، إذ يعتقد الضحية أن الصهريج حافظ على العمق نفسه، كما أن الضحية نفسه يزداد طوله من سنة لأخرى (فئة مراهقين)، فينسى أنه لا يمكنه أن يقوم بالحركات البهلوانية نفسها في المكان نفسه. عصام الناصيري

القفزات البهلوانية… حركات مميتة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رسالة رياضية: أندية

تحت الدف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات