مذكرات مستشار اليوسفي 6 مقال بـ "لوجورنال" كاد يسمم العلاقة مع القصر وتوقيف ثلاث جرائد ضايق الوزير الأول يعد كتاب عبد العزيز النويضي، مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، دروس من تجربة « التناوب» وما بعدها، الصادر في 2022، غنيا بالوقائع والأحداث التي عرفها المغرب المعاصر. ويتطرق فيه النويضي، لجملة قضايا أثار بعضها اهتمام الرأي العام لحظتها، وقدم لها تفسيرا يختلف عما راج، وأخرى لم تكن متداولة. وننشر حلقات من هذا الكتاب القيم، بموافقة المؤلف الذي زكى عملية النشر مشكورا لإفادة قراء « الصباح». إعداد: أحمد الأرقام أذكر أنني كنت مع الوزير الأول في مكتبه، يوم جمعة، فحل علينا أندري أزولاي، مستشار الملك، وكان مكلفا بملف الإعلام حينها، كما يظهر. فهمت أنه جاء ليحدثه في أمر خاص، فاستأذنتهما بالانصراف. في اليوم الموالي، أعلن عن توقيف ثلاث صحف دفعة واحدة. وحيث إنني أعرف صبر اليوسفي، لذلك أرجح أن يكون قرار المنع قد بلغ إليه من قبل أزولاي، ولا أتصور أنه صاحب المبادرة، وإن كان قد استاء كثيرا من الرسالة المنسوبة للفقيه البصري، والتي نشرتها "لوجورنال»، وكانت تشير إلى وجود نوع من التواطؤ بين قيادة الاتحاد والانقلابيين في 1972، وربما اعتبر اليوسفي أنها تدخل في إطار محاولة نسف بناء الثقة مع المؤسسة الملكية والتي كان اليوسفي يحرص عليها أشد الحرص. ويبرز الحوار الذي دار بين اليوسفي والفقيه البصري، درجة الاستياء والغضب الذي كان عليه اليوسفي بعد اطلاعه على عدد "لوجورنال» الذي نشر الرسالة. وقد واجه رفيق دربه بوابل من الأسئلة: اليوسفي للبصري «هل أنت من سرب الرسالة؟ ومتى أرسلت لي هذه الرسالة؟ ومن أخبرك أني اطلعت عليها وتسلمتها أو حتى أنني على علم بها؟ هل تعرف ما معنى هذا وفي هذا التوقيت؟". أجاب الفقيه البصري «الرسالة رسالتي وسلمتها لعبد الغني بوستة، الذي سلمها لعمر السغروشني ليضعها في صندوق بريدك في فرنسا... ولا أجزم أنك اطلعت عليها أو توصلت بها، لأني بعدها اكتشفت أن السغروشني عاد إلى صندوق بريدك ووجد الرسالة في مكانها فأخذها مجددا حتى لا تسقط في يد أحد، لأنك كنت حينها في رحلة مطولة خارج فرنسا". حينها قال اليوسفي «إذن والحالة هذه، عليك توضيح الأمور للرأي العام في ندوة صحافية، وتخبر الناس ألا علاقة لليوسفي أو بوعبيد بها". ورد الفقيه البصري قائلا «أنا لن أتنكر للتاريخ»، فرد اليوسفي "وأنا لا أحدثك عن التاريخ، بل عن علاقتي بهذه الرسالة التي لم أطلع عليها مطلقا ولم أرها أبدا ولم أعرف مضامينها إلى اليوم". كان قرار توقيف الصحف صادما وفاجأنا جميعا، كنت متألما جدا، فالقرار لا يمكن إلا أن يسيء لسجل المغرب واليوسفي، وإلى جانب ذلك كان مسؤولو الجرائد وصحافيوها، ومن بينهم بوبكر الجامعي، أصدقاء ومن أكثر الناس الذين يحظون بتقديري ومودتي. إصلاح السمعي البصري في موضوع ذي صلة، تم تهريب إصلاح السمعي البصري، الذي تكلف به محمد الأشعري، وزير الثقافة، بعد الراحل العربي المساري، فأعد مشروعا جديدا يختلف عن السابق، يهم قانون الاتصال السمعي البصري، وقانون المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، وقانون الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري (الإذاعة والتلفزة)، ومشروع إصلاح وكالة المغرب العربي للأنباء. ووزعت المشاريع القانونية على مختلف القطاعات الوزارية وطلب منها إعداد ملاحظات. وأبان الأشعري عن قدرات كبيرة للإقناع والتفسير للدفاع عن مشاريعه وإبراز ضرورة الإصلاح لتفادي الفوضى السائدة ومنطق التعليمات والارتجالية. وتم دعم مشاريع الأشعري من قبل أغلب الوزراء السياسيين، ولعب اليوسفي دورا أساسيا في الدفع بذلك وحث اللجنة لمضاعفة وتيرتها، فأحيلت المشاريع القانونية على الأمانة العامة للحكومة في فبراير 2002، غير أنها بقيت مجمدة على مدى خمسة أشهر، ما جعل جريدة الاتحاد الاشتراكي تنشر مقالا ينتقد التأخير وعدم إحالة النصوص القانونية على المجلس الحكومي. وللدفع بالمشاريع القانونية، قدم الوزير الأول باسم الحكومة ملتمسا إلى الملك حتى يتم إصدار قوانين الإصلاح قبل نهاية الدورة التشريعية 1997 و2002. ومع الأسف لم تتم الاستجابة، إذ عوض إحالة المشاريع القانونية على البرلمان، صدر ظهير شريف يؤسس الهيأة العليا في 31 غشت 2002، والناس في عز الصيف، لا علاقة لما تم تحضيره لشهور من قبل الوزير ومساندة كل وزراء الحكومة السياسيين. كما تم التحكم في كيفية تعيين أعضاء "الهاكا». وتم تنصيب أعضاء "الهاكا» بعد مغادرة اليوسفي للحكومة بعد الانتخابات، ومجيء إدريس جطو في نونبر 2003.