انتقام سياسي بتسخير عصابات

مرشحون سخروا مجرمين لاستهداف منافسيهم والضحية الأمن الداخلي تسبب هجوم عصابة ملثمين على مقهى بمنطقة أولاد سعيد بإقليم سطات في ارتباك كبير لدى المواطنين، إلى حد التشكيك في كل المجهودات الأمنية، بل منهم من اعتبره دليلا على بداية حقبة "السبية" التي عاشها المغرب أواخر القرن 19، سيما مع الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يمر منها المغرب، قبل أن تكشف التحقيقات أن الهجوم سببه صراع سياسي وأن منفذيه مجرمون مأجورون للانتقام من مستشار جماعي كان بالمقهى. إعداد: مصطفى لطفي لا ينكر أحد أن كل من تابع فيديو الهجوم على مقهى أولاد سعيد بسطات وضع يده على قلبه، فطريقة تنفيذ الجريمة التي تشبه أفلام الحركة ومهاجمة كل زبناء المقهى بأسلحة بيضاء وسرقة هواتفهم، ولدت لدينا إحساسا باللأمن وأعادت لذاكرتنا أحداثا معزولة تورطت فيها عصابات، ما يكشف أن مخططي الهجوم، وهم رجال سياسة فضلوا مصالح السياسة والشخصية على حساب الأمن الداخلي والتشكيك في نجاعة الأجهزة الأمنية. هجوم ولاد سعيد الذي هز المغرب يوم عصيب عاشه رواد مقهى بأولاد سعيد بإقليم سطات، ففي لحظة استرخاء وانتشاء بالمشروبات وتدخين السجائر، وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع مقنعين يحملون أسلحة بيضاء. ساد الخوف في البداية، ومنهم من استسلم للأمر ووضع هاتفه جانبا اعتقادا أن الهجوم يهدف سرقة أموالهم وممتلكاتهم، لكن أفراد العصابة انتقوا زبونا للاعتداء عليه، لم يكن سوى مستشار جماعي، ما كشف أن الهجوم الإجرامي يحمل نفحة سياسية. خرب أفراد العصابة المقهى وروعوا الزبناء والمستخدمين، ولم يضيعوا الفرصة أثناء مغادرتهم المكان بالفوز بالغنائم، عبر سرقة هواتف الضحايا، قبل أن يغادروا صوب وجهة مجهولة. من سوء حظ المهاجمين أن المقهى يتوفر على كاميرا مراقبة وثقت الهجوم من بدايته إلى نهايته. انتشر مقطع من الفيديو كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما تسبب في رجة كبيرة لدى المواطنين، وتحولت الواقعة إلى قضية رأي عام، يطالب فيها المواطنون تفسيرا لما حدث وتبرير غياب الأمن الذي سمح للمهاجمين بتنفيذ هجومهم بكل حرية. بعد يوم من الهجوم، بدأت تتقاطر معلومات خففت من حدة الاحتقان الذي عاشه المغاربة، فالجريمة سببها صراع سياسي بين مستشارين جماعيين ولا تستهدف أمن وممتلكات المواطنين، قبل أن يستعيد الجميع الثقة في الأجهزة الامنية، سيما الدرك الملكي، عندما اعتقلت ثلاثة مهاجمين، من بينهم مستشار خطط للهجوم. الإحساس باللأمن خطورة هجوم أولاد سعيد، لا تعود إلى طريقة التنفيذ التي هددت حياة أبرياء كانوا بالمقهى فحسب، بل ذكرت الناس ببعض الانفلاتات الأمنية التي حدثت بمدن عديدة، رغم نجاح المصالح الأمنية في اعتقال المتورطين، إذ تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاء لسرد جرائم بعضها حقيقي وأخرى تمت المبالغة في سرد أحداثها، ما زاد في تخويف المواطنين، كما الأمر لهجوم مسلح على مقهى بالحي الحسني بالبيضاء، قال "الرواة" إنه نفذ من قبل عصابة مساء، وإن فردا منها عمد إلى قطع الكهرباءعنها لفسح المجال لشركائه بسرقة الضحايا دون إثارة انتباه من في الشارع، كما تطرق آخرون إلى فيديو رشق جانحين بالحجارة عربات بمنطقة البرنوصي لإجبار سائقيها على التوقف لسرقتهم. كما تحدث آخرون عن معارك بأسلحة بيضاء بين أفراد عصابات بأحياء شعبية عتيقة، خلفت العديد من الجرحى بسبب التنافس حول احتكار ترويج المخدرات أو مناطق النفوذ. المثير أن البعض استغل هذا الهجوم للتقليل من النجاعة الأمنية، رغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها المديرية العامة للأمن الوطني ومصالح الدرك لتحقيق ذلك، سيما عبر تخصص فرق متخصصة لمحاربة العصابات التي أكدت نجاعتها في جميع عملياتها الأمنية. المشرع متشدد مع المتورطين لمس عثمان أبو الوفاء الإدريسي محام بهيأة البيضاء، في الآونة الأخيرة، تنامي ظاهرة العصابات المتخصصة في تصفية الحسابات بين الخصوم، والتي أصبحت تثير مخاوف السكان والمسؤولين، بحكم أن هذا النوع من المواجهات المسلحة بين أفراد مقنعين كان علامة مسجلة فقط على عصابات وشبكات لترويج المخدرات. وتحدث أبو الوفا عن بعض تمظهرات هذا النوع من الجرائم في المجتمع، منها ما سماها "العصابات الرياضية"، التي تكون وراء المواجهات المسلحة بين مشجعين رياضيين وأخرى لأسباب انتخابية، ما دفعه إلى دق ناقوس الخطر، بخصوص تزايد نشاط هذا النوع من الجرائم الذي يغلب فيه المتورطون مصالحهم الشخصية على قوانين الدولة، دون مراعاة ما تسببه من نتائج وخيمة، قد تعصف بأمن الدولة واستقرارها الداخلي. وأكد المحامي أن ما يولد عدم الإحساس بالأمن لدى المواطنين أن أفراد العصابات ينفذون جرائم باستعمال أسلحة أبيضاء من جميع الأنواع (سكاكين وهراوات) وفي مناسبات حتى أسلحة نارية، مع حضورهم على متن سيارات متسببين في وقوع ضحايا أبرياء. كما تظهر خطورة هذا النوع الجرائم أن منفذيها يكونون ملثمين لتفادي التعرف عليهم، في إشارة إلى احترافهم الجريمة، وأن عملية الانتقام مخطط لها بدقة و خطواتهم مدروسة مع الحذر في تنفيذها. وبالعودة إلى القانون الجنائي، يؤكد المحامي أبو الوفا، أن جرائم العصابات تأحذ منه أهمية كبيرة، لما تنطوي عليه من خطر يهدد المواطن والدولة واستقرارها الداخلي، إذ خصص لها المشرع المغربي، الفرع الثالث من القانون الجنائي تحت عنوان "الجنايات والجنح ضد سلامة الدولة الداخلية"، (الفصول 201 إلى 207 ) لتجريم العصابات المسلحة وغيرها من الجرائم الماسة بأمن الدولة. وأفاد المحامي أن المشرع شدد العقوبة في هذا النوع من الجرائم، إذ بلغت إلى حد الإعدام كما جاء في الفصل 203 في حق كل "من ترأس عصابة مسلحة أو تولى فيها وظيفة أو قيادة، قصد الاستيلاء على أموال عامة أو خاصة لفئة من المواطنين، وإما بقصد الهجوم على القوات العمومية، ضد مرتكبي تلك الجنايات أو مقاومتها". ومن جهة أخرى، يشير المحامي إلى تطرق المشرع المغربي لمفهوم العصابة ضمن مقتضيات المادة 293 من القانون الجنائي تحت عنوان، الجنايات والجنح ضد الأمن العام، (العصابات الإجرامية والتعاون مع المجرمين)، إذ رفع العقوبة إلى 20 سنة لمسيري العصابات أو الاتفاق وأيضا لمن باشر فيه قيادة. نسف للمجهودات الأمنية يرى محمد أكضيض الخبير الأمني أن الاستعانة بالعصابات للانتقام بسبب صراعات سياسية، لها وقع كبير وخطير على المجتمع، إذ تشعر المواطنين بعودة زمن "السيبة" بالصوت والصورة، إذ يتفشى الاعتقاد بعودة السرقات بالعنف بالشارع العام وبشكل علني، ما ينسف كل المجهودات الأمنية المبذولة، ويولد لدى المواطنين إحساسا بخوف شديد، قبل أن يتضح في ما بعد أن الأمر له علاقة بصراعات سياسية. ودعا أكضيض الجمعيات والمديرية العامة للأمن الوطني الانتصاب طرفا مدنيا في مثل هذه القضايا، لما لهذه الجرائم من تأثير خطير على أمن المجتمع، وإجهاض في المهد لأي أعمال مشابهة مستقبلا، بحكم أن هذا السلوك في تصفية الحسابات السياسية، تعودنا عليه فقط في الحملات الانتخابية أو خلال تشكيل المجالس الجماعية، إذ يتنافس الأعضاء حول انتخاب الرئيس وضمان أغلبية مريحة له سواء بالإغراء أو تحت التهديد، إلا أنه للأسف، يؤكد الخبير الأمني، يتطور هذا الصراع إلى نزاعات ومواجهات بالاستعانة بالمجرمين، ما يهدد الأمن العام وفي الوقت نفسه يسيء للقيم والأخلاق في عالم السياسة. ورغم الهلع الذي تبثه مثل هذه الأعمال الإجرامية في نفوس المواطنين، قلل الخبير أكضيض من تأثيرها على الإحساس بالأمن العام، إذ أن الأمن حسب قوله، لن يهتز لمثل هذه الظواهر، لأن الضابطة القضائية قادرة على فك لغز هذا النوع من الجرائم ومحاصرة وإيقاف كل من تورط في هذا السلوك الإجرامي في ظرف قياسي، وتقديمه أمام القضاء في رسالة انه عبرة لكل من يتوهم أنه قادر على المس بأمن المغرب. المطالبة بأقصى العقوبات نظرا للوقع الذي خلفه هجوم عصابة إجرامية على مقهى بمنطقة أولاد سعيد إقليم سطات، بعدما استعمل عناصرها أسلحة بيضاء وبوجوه ملثمة، في محاولة لقتل مستشار جماعي كان يحتسي كوب قهوة بالفضاء الخارجي للمقهى، على نفوس المتتبعين لخطورة الجرائم التي ارتكبت فيها، تحولت الواقعة إلى قضية رأي عام. ولأن "فيسبوك" فضاء شعبي يترافع فيه نشطاء العالم الافتراضي عن القضايا والأحداث الكبيرة، تحولت الواقعة الخطيرة إلى قضية تحت مجهر «الفسيبوكيين»، الذين توحدوا في استنكار الأفعال الإجرامية المرتكبة وتسليط الضوء على خطورتها على الأمن والسلم العامين وكيف كان يمكن أن تتحول إلى مأساة، متسائلين عن أهمية الدوريات الأمنية في حماية المواطنين من الجانحين الذين يتربصون بهم إما للسرقة أو تصفية حسابات شخصية أو سياسية أو رياضية. وفي هذا الصدد اختارت "الصباح" عددا من التدوينات التي حفل بها الفضاء الأزرق. «أشنو ذنب داك الدري الصغير اللي غايبقى مأزم نفسيا طول حياتو بالخلعة؟ واش حتى لقهاوي غادي احرموا الإنسان من الجلوس فيها، والسيبة ولات فهاد جيهت ولاد سعيد والمناطق المجاورة». هذه نتيجة الصراعت السياسية الضيقة على حساب مصلحة المواطنين، بنادم كتقاتل على قبل الكرسي والمصالح الشخصية لجمع الثروات وتحقيق المكاسب المادية دون وجه حق. باينة تصفية حسابات صافي هادشي ولا كيخلع، هذي هي نتيجة التصويت على سياسيين أميين وجانحين كيفكروا بمنطق الدم لمعالجة القضايا الخلافية ولا يؤمنون بديمقراطية الصناديق. الحمد لله على نعمة المصالح الأمنية من درك وشرطة كون ماكانش المخزن كون ولينا عايشين فغابة، فرغم هذا النوع من المشاهد المخيفة إلا أنه لا يمكن القول بانعدام الأمن في بلدنا الغالي. آن الأوان لإعادة النظر في العقوبات الحبسية والعفو، مثل هؤلاء الجناة يجب تهذيبهم ومعاقبتهم بعقوبات بديلة من قبيل بناء الطرق والمساهمة في مشاريع البنية التحتية التي تستهدف الجبال والمناطق النائية أقصى المغرب حتى يعرفوا قيمة الإنسان عوض تركهم عالة على ميزانية الدولة مستفيدين من النوم والحياة السعيدة داخل السجون. نتمنى إنزال أقصى العقوبات على المتورطين في هذه الواقعة التي تشبه أفلام الرعب، من أجل تحقيق الردع حتى يكونوا عبرة وحتى لا نرى تلك المشاهد التي تمس بهيبة الأمن وتمس بالنظام العام وممتلكات وحياة الغير.

انتقام سياسي بتسخير عصابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نشر خبر قديم حول الحج ... الصباح ترد وتلجأ للقضاء

برقية تعزية ومواساة من الملك إلى أفراد أسرة البروفيسور الراحل إيف كوبينس

مقالات ذات صلة