fbpx
ملف الصباح

الغلاء … تدابير ترقيعية

أسر تخلت عن اللحوم الحمراء وعوضتها بـ”بيبي” وأخرى تعتمد “الفاخر” بدل “البوطة”

كيف يدبر المغاربة معيشهم اليومي في ظل الأزمة؟ إنه السؤال المطروح اليوم، في ظل الارتفاع «الصاروخي» الذي تعرفه أسعار العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الحليب والزيت والزبدة وبعض أنواع الخبز المصنوع من القمح أو الشعير أو الذرة، والضروري بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة ويمنع عليهم استهلاك الخبز المصنوع من الدقيق المدعم، إضافة إلى الخضر، دون الحديث عن أسعار المحروقات، التي أصبحت «تحرق» جيوب المواطنين، خاصة من الفئات الهشة والطبقة المتوسطة، التي أصبحت اليوم أقرب إلى الفقر منها إلى شيء آخر.

وإذا أضفنا إلى كل ذلك، تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب أزمة «كوفيد 19» الصحية التي دامت أكثر من سنتين، وما زالت تداعياتها الاقتصادية مستمرة إلى اليوم، وفقدان العديد من الأسر مصادر رزقها، يصبح السؤال نفسه أكثر حرقة، خاصة أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي لا يعرف أحد متى يمكن أن تنتهي، تلقي بظلالها على الاقتصادات العالمية، وتنبئ بنظام دولي جديد، يغيب فيه تماما مفهوم «الدولة الاجتماعية»، ويتم الإعلان من خلاله عن بداية عهد الاقتصاد «السوبر متوحش».

ولأن الإنسان معتاد بطبعه على التكيف مع جميع الأوضاع، مهما بلغت قساوتها، فقد اضطرت الأسر المغربية إلى البحث عن «وصفات» تواجه بها الأزمة، عن طريق اقتصاد النفقات والتخلي عن كل ما يعتبر من الكماليات. إذ تخلت أسر عن أكل اللحم وعوضته ب»بيبي»، في حين لجأت أخرى إلى الطرق القديمة في طهو الطعام، بالتخلي عن الزيت واعتماد «الفاخر» و»المجمر» بدل «البوطة»، ومنها من تخلت عن ركوب السيارة، وفضلت المشي أو استعمال وسائل النقل العمومية وغيرها من الحلول الترقيعية، التي من شأنها أن تخفف الوقع لكنها لن تنهي الأزمة، خاصة أن الارتفاعات في تزايد مستمر، وتشمل مواد البناء و الكتب المدرسية أيضا (عدد من الأسر قررت نقل أبنائها من المدارس الخاصة إلى العمومية) و»زيد وزيد»…

ورغم جميع محاولات الحكومة من أجل التخفيف عن المواطنين وطأة الغلاء، من خلال مجموعة من الإجراءات، مثل الإعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة إلى بعض منتجات الزيوت أو تقديم دعم مباشر لمهنيي النقل، إلا أنها تظل مجرد مسكنات سرعان ما سيزول مفعولها، في الوقت الذي يجب عليها التفكير جديا في استئصال الفساد، الذي يضرب أطنابه في كل القطاعات، وتحقيق العدالة الضريبية والمساواة الاجتماعية بين المواطنين.

نورا الفواري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى